المصدر: النهار
الأربعاء 13 تموز 2022 08:16:14
فضيحة من العيار الثقيل تلاحق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعد ان اتهم تحقيق صحفي شاركت فيه 42 مؤسسة إعلامية إستقصائية ودولية، من بينها صحيفة “لوموند” الفرنسية ماكرون بالاتفاق سرا مع شركة "أوبر" لتعزيز وجودها في فرنسا، عندما كان الرئيس الحالي لفرنسا وزيرا للاقتصاد.
وجدت منصّة "أوبر" نفسها غارقة في ماضيها نتيجة التحقيق الذي أجراه صحافيّون كاشفا ان الشركة قد خرق القانون مع خلال استخدام أساليب عنيفة لفرض نفسها، فضلاً عن تورط سياسيين كبار، من بينهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ما أشعل موجة غضب داخلي تجاه الرئيس الفرنسي خاصة من قبل النواب الفرنسيين المعارضين لماكرون. وفي تفاصيل الفضيحة التي تطال الرئيس الفرنسية وشركة اوبير، فقد حصلت صحيفة "ذي غارديان" البريطانيّة على ما يقارب 124 ألف وثيقة عن شركة "أوبر" بما فيها رسائل بريد إلكتروني ورسائل تعود إلى مديرين في " أوبر " في ذلك الوقت، بالإضافة إلى مذكّرات وفواتير ويعود تاريخها للفترة بين العام 2013 وحتى عام 2017 وتَشاركتها مع الاتّحاد الدولي للصحافيّين حيث قام عدد عدد كبير من المؤسّسات الإعلاميّة، بما في ذلك صحيفتا "واشنطن بوست" الأمريكية و"لوموند" الفرنسيّة وهيئة الإذاعة البريطانيّة بنشر تفاصيل حول ما أُطلِقت عليه تسمية "وثائق أوبير" والتي تصلت الضوء على ممارسات الشركة خلال سنوات توسّعها السريع، ليظهر التحقيق الاشتقصائي ان الشركة قد خدعت بالفعل الشرطة والمُنظّمين واستغلّت العنف ضدّ السائقين وضغطت سرًا على الحكومات في كلّ أنحاء العالم لسنوات عديدة. وإرتكز التحقيق بشكل كبير على رسائل من ترافيس كالانيك الذي كان حينها رئيسًا للشركة ومقرها سان فرانسيسكو عندما عبّر عدد من مدراء ومسؤولي الشركة عن القلق بشأن المخاطر التي قد يتعرّض لها السائقون الذين كانت "أوبر" تشجّعهم يومها على المشاركة في تظاهرة في العاصمة الفرنسية باريس. وبحسب التقارير فقد أجاب كالانيك حينها على تلك المخاوف " "أعتقد أنّ الأمر يستحقّ ذلك. العنف يضمن النجاح". وتشير يشير مضمون التحقيق الى ان شركة "أوبر" إعتمدت إستراتيجية متشابهة في دول أوروبية مختلفة ومنها بلجيكا وهولندا وإسبانيا وإيطاليا وغيرها قامت بحشد سائقيها وتشجيعهم على تقديم شكاوى أمام الشرطة عندما كانو يتعرّضون لاعتداءات بهدف الاستفادة من التغطية الإعلاميّة للحصول على تنازلات من السلطات في الدول التي سهدت تظاهرات. كما اتهم كالانيك بتشجيع ممارسات إداريّة عنيفة ومشكوك فيها ما أجبره في نهاية المطاف على التخلّي عن دور المدير العام للمجموعة في حزيران من العام 2017 وفي نهاية 2019 أعلن استقالته من مجلس الإدارة.
بعد نشر تفاصيل التحقيق سارع ديفون سبورجن وهو المتحدّث باسم ترافيس كالانيك للتأكيد في كتاب أرسله الى الاتّحاد الدولي للصحافيّين الاستقصائيّين، إنّ "كالانيك لم يقترح أبدًا أن تستغلّ أوبر العنف على حساب سلامة السائقين". أما النقطة الاهم في هذه القضية، فهو ما سلطة الضوء عليه صحيفة "لوموند" الفرنسيّة ويتعلق بالروابط بين الشركة الأميركية والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون عندما كان وزيرًا للاقتصاد، أشارت وثائق ورسائل نصّيّة وشهود أنّ أوبير توصّلت إلى صفقة"سرّية مع ماكرون عندما كان وزيرًا للاقتصاد بين عامي 2014 و2016. يومها عقدت سلسلة إجتماعات في مكتب ماكرون وأظهر التحقيق عن تبادلات كثيرة من المواعيد والمكالمات والرسائل قصيرة بين فِرَق "أوبر فرنسا" من جهة وماكرون ومستشاريه من جهة ثانية. ويعود تقرير "لوموند" ليسلط الضوء على ما وصف بأنه مساعدة قدّمتها الوزارة التي كان يرأسها ماكرون لشركة "أوبر" بهدف تعزيز موقعها في فرنسا، ويومها كانت الشركة تُحاول الالتفاف على التنظيم الحكوميّ الصارم لقطاع النقل في فرنسا. وفي اتّصال مع وكالة فرانس برس، أكّدت شركة "أوبر فرنسا" أنّ الجانبَين كانا على اتّصال. وتمّت الاجتماعات مع ماكرون في إطار مهمّاته الوزاريّة العاديّة. من جانبه قال قصر الإليزيه إنّه في ذلك الوقت، كان ماكرون، بصفته وزيرًا للاقتصاد، على اتّصال "بطبيعة الحال" مع "كثير من الشركات المشاركة في التحوّل العميق الذي حصل على مدى تلك السنوات المذكورة في قطاع الخدمات، وهو تحوّل كان لا بُدّ من تسهيله عبر فتح العوائق الإداريّة والتنظيميّة". لم يقنع رد الرئاسة الفرنسية وشركة اوبير النواب الفرنسيين المعارضون ب الذين نددو بما وصفه بالصفقة السرية معتبرين أن ما حصل سرقة للبلاد. النائبة ماتيلد بانو وهي رئيسة كتلة "فرنسا الأبية" البرلمانية (يسار راديكالي) فقد نددت بما اعتبرت أنها عملية "نهب للبلاد" عندما كان ماكرون مستشارا ووزيرا لفرنسوا هولاند. أما زعيم الحزب الشيوعي (بي سي إف) فابيان روسيل فاعتبر أن ما تم الكشف عنه يبين "الدور النشط الذي أداه إيمانويل ماكرون، عندما كان وزيرا، لتسهيل تطور أوبر في فرنسا، ضد كل قواعدنا وكل حقوقنا الاجتماعية وضد كل حقوق عمالنا". من جهته، دعا النائب الشيوعي بيير داريفيل إلى إجراء تحقيق برلماني في القضية. بدوره، كتب رئيس حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف جون بارديلا على تويتر، أن ما تم الكشف عنه أظهر أن مسيرة ماكرون المهنية هدفها خدمة المصالح الخاصة، الأجنبية منها في كثير من الأحيان، قبل المصالح الوطنية.
ماذا عن شركة اوبير في لبنان
بعد نشر الوثائق والتحقيق السري، خرجت الرئيس المكلّفة الشؤون العامّة في "أوبر" جيل هازلبيكر لتؤكد ان الشركة لم تبرر ولا تبحث عن أعذار لسلوكيّات سابقة لا تتوافق مع قيَمها الحاليّة وطالب من الجمهور أن يحكم على الشركة بناءً على ما فعلته في السنوات الخمس الماضية وما ستفعله في السنوات المقبلة، وفي الموقف الرسمي للشركة حول العالم ومنها في لبنان، حيث تؤكد المصادر ان عمل الشركة لن يتأثر في الدول التي تتواجد فيه الشركة ومنها لبنان. فلا علاقة بين هذا النوع من التحقيقات التي يمكن ان تؤدي الى نزاعات قضائية وعمل الشركة وسائقيها على الارض. وفي لبنان، تستمر الشركة بتقديم خدماتها ضمن الشروط والضوابط التي يرعاها القانون اللبناني. فلهذه الشركة باع طويل من المشاكل في الداخل اللبناني حتى وصل الامر في العام 2017 بوزارة الداخلية والبلديات الى طلب وقف إستعمال خدمات الشركة لأسباب أمنية بالاضافة الى المنافسة غير العادلة مع السائقين العموميين. ولكن، ما أراح الساقين نوع ما هو حصر تطبيق اوبير خدماته بالسيارات العمومية العاملة في لبنان وعدم السماح للسيارات الخصوصية التسجيل على المنصة وهو ما يختلق عن كيفية عمل التطبيق خارج لبنان.
ففي السنوات الماضية أثار وضع أوبر القانوني في لبنان الكثير من التساؤلات، فحسب السجل التجاري للشركة المسجلة تحت اسم "أوبر ليبانون ش.م.م"، فإن نشاط الشركة يتمحور حول "القيام بجميع العمليات التجارية المتعلقة بتقديم الدعم لشركات أخرى، موضوعها بيع خدمات وساطة بغية تأمين، من خلال أشخاص مرخص لهم أصولاً بذلك، سيارات مع سائق للزبائن، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر سيارات الأجرة وسيارات المناسبات المرخصة أصولاً، على الطلب عبر الأجهزة الخليوية وشبكة الانترنت". أما شركات "التاكسي" المرخصة في لبنان فبحب السجل التجاري "تتعاطى جميع أنواع سيارات التاكسي أو سيارات الأجرة على كافة الاراضي اللبنانية، وكل ما يتفرع عن هذا النشاط التجاري كائناً ما كان". وبالتالي "أوبر" لا تندرج ضمن نشاطات شركات "التاكسي" وبالتالي، فهي لا تخضع للقوانين ذاتها التي تخضع لها شركات "التاكسي" ، ومن هنا كانت تقدمت نقابة أصحاب شركات التاكسي في لبنان بدعوى جزائية في العام 2015 بحق الشركة. وفي نهاية العام 2017، دعا وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق اللبنانيين إلى عدم اعتماد سيارات شركة أوبر وسيلة للتنقل، كونها غير آمنة، وذلك على اثر مقتل دبلوماسية بريطانية على يد أحد السائقين. يوها إنطلق المشنوق في تحذيره من أن التعامل مع أوبر محفوف بالمخاطر لسبب أساسي هو عدم وجود هيكل قانوني لعملها، كونها تستخدم تطبيقاً الكترونياً، داعياً الجميع إلى العودة إلى التنقل عبر المكاتب المعروفة. وبعد أيام قليلة، تم الاعلان عن إنشاء آلية تعاون مع الأجهزة الأمنية في لبنان لمنع حصول تجاوزات تضرّ أمن المواطنين والمقيمين بعد إجتماع بين المشنوق ومندوين من "Uber" للنقل العام
الذين قدموا شرح المندوبين عن كيفية التشدّد بتطبيق إجراءات الأمن والسلامة.