المصدر: الشرق الأوسط
الكاتب: يوسف دياب
الاثنين 14 تموز 2025 07:03:13
عادت قضية الفنان اللبناني فضل شاكر إلى الواجهة في الأيام الأخيرة مع طرحه أغنية جديدة يؤديها مع ابنه محمد تحت اسم «كيفك عا فراقي»، محققة نجاحاً كبيراً على منصة «يوتيوب»، حيث حققت 3 ملايين مشاهدة خلال 24 ساعة من إطلاقها، وهو ما أدى إلى مطالبة جمهوره بالعودة إلى حياته الطبيعية، لكن الملفات القضائية التي تلاحقه تحول دون هذه العودة، أقلّه في المدى القريب، ما لم يسلّم شاكر نفسه للقضاء، ويخضع لمحاكمة علنيّة في 5 قضايا مقامة ضدّه، صدرت بموجبها أحكام غيابية، بعدما عدَّه القضاء العسكري فارّاً من العدالة، وتراوحت العقوبات التي نالها ما بين 5 و15 عاماً أشغالاً شاقة.
وكان فضل شاكر أعلن اعتزاله الغناء وانضمامه إلى جماعة الشيخ (السجين) أحمد الأسير في لبنان عام 2012 ومناصرته الثورة السورية ضدّ نظام بشّار الأسد، وعلى أثر «معركة عبرا» التي وقعت بين الجيش اللبناني وجماعة الأسير في 23 يونيو (حزيران) 2013، لجأ شاكر إلى مخيم عين الحلوة الواقع ضمن مدينة صيدا هرباً من توقيفه وملاحقته، وعندها قامت دعاوى قضائية طاردته، واتهمته بـ«الاشتراك مع الأسير في تشكيل عصابة مسلحة وقتال جنود الجيش اللبناني».
اعتزال فضل شاكر للغناء لم يدم طويلاً؛ إذ سرعان ما عاد إلى الفنّ عبر أغانٍ جديدة سجّلها في مخيم عين الحلوة، وبدأت تلاقي رواجاً كبيراً وتفاعلاً من الجمهور الذي يطالبه بالعودة، وكان آخرها قبل أيام بإطلاقه أغنية جديدة مع ابنه. مع العلم أنه في عام 2015 كان قد ألمح إلى إمكانية إبرام تسوية في القضايا المرفوعة ضده، وأعلن عن نيته وضع نفسه في تصرف القضاء اللبناني، لكنّ هذا التصريح أثار جدلاً واسعاً حول طبيعة التسوية المحتملة، وجرت مواجهته بحملة واسعة من قِبل إعلام «حزب الله» و«فريق الممانعة»، وما إذا كانت ستؤدي إلى تبرئته من التهم الموجهة إليه أم لا، واستتبع ذلك بصدور الأحكام الغيابية المشددة.
لا يمكن لقضيّة شاكر أن تنتهي إلّا بتسليم نفسه للقضاء، وفق ما أفاد به مصدر قضائي بارز، حيث رأى أن هذا الملف «قضائي تجب معالجته بالأطر القانونية». وأكد لـ «الشرق الأوسط»، أنه «لا توجد تسوية في الملفات القضائية، وإذا قرر فضل شاكر حلّ قضيته، فعليه أن يسلّم نفسه للقضاء العسكري، ويخضع لمحاكمة علنيّة، تمنحه الحق بتوكيل محامين للدفاع عن نفسه، ودحض التهم المنسوبة إليه»، مذكراً بأن «القرار القضائي لا يعالَج إلّا بقرار مماثل أيضاً».
وقال المصدر القضائي: «من الطبيعي أنه عند فرار المتهم من العدالة يعدّ الفرار دليلاً ضدّه، وتصدر أقصى عقوبة بحقّه». وأوضح، أنه «إذا قرر شاكر تسليم نفسه سقطت فوراً كلّ الأحكام الغيابية، وعادت محاكمته من نقطة الصفر، وله الحق في تقديم الشهود والوثائق التي يعتقد أنها تقود إلى براءته، وعندها يقول القضاء كلمته».
معركة عبرا...
يمكن لفضل شاكر أن يستثمر إفادات عدد من الأشخاص الذين جرت محاكمتهم في قضية أحمد الأسير، وكذلك بعض الشهود الذين تحدثوا في معرض إفاداتهم أمام المحكمة العسكرية، عن أن فضل شاكر اختلف مع أحمد الأسير، وابتعد عنه قبل معركة عبرا، وأكد هؤلاء أمام المحكمة العسكرية أن شاكر عقد لقاءات مع عدد من ضبّاط الأمن لتسوية أوضاع عدد من مرافقيه الذين ظهروا مع سلاحهم في إحدى المناسبات التي أقامها الأسير، خصوصاً أن هذا السلاح كان مرخَّصاً من أجل حمايته، إلّا أن اندلاع الاشتباكات في عبرا أفسد هذه المحاولة.
واتهم القضاء العسكري فضل شاكر بأنه «اشترك في أعمال جنائية اقترفها الإرهابيون، وتمويل مجموعة الشيخ أحمد الأسير المسلحة والإنفاق على أفرادها وتأمين ثمن أسلحة وذخائر حربية». وبخلاف الأحكام المشددة أصدرت المحكمة العسكرية في عام 2018 حكماً قضى بـ«إعلان براءة شاكر من تهمة قتل عناصر من الجيش اللبناني والقيام بأعمالٍ إرهابية، وتشكيل عصابات مسلحة، وسلب أموال الناس لعدم ثبوت الأدلة».
كثيراً ما كان يذكّر فضل شاكر بأن «أسباباً سياسية تقف وراء ملاحقته»، وكان آخرها قبل يومين بإصداره بياناً قال فيه: «بالنسبة إلى التُهم الملفقة، فإنني أوضح أنه قبل دخولي مخيم عين الحلوة لم يكن قد صدر بحقي أي مذكرة أو حكم، وعندما دخلت المخيم هرباً من التهديد بالقتل، انهالت عليّ الوثائق والأحكام من دون أن يكون هناك مبرر قانوني». وأضاف: «أنا بريء، والقضاء صدَّق غيابياً حكم براءتي من الاقتتال مع الجيش والحكم منشور على وسائل الإعلام».
وطلب الفنان اللاجئ إلى مخيم عين الحلوة من المعنيين في بيانه «التعامل مع ملفي على أنه ملف لمواطن عادي، لأنه بمجرد أن يتم التعاطي مع قضيتي من دون أن يكون هناك بُعدٌ سياسي لها، فإن 99 في المائة من المشكلة ستُحلّ»، آملاً أن «تتحول قضيته إلى قضية محقة، بعيدة عن تصفية الحسابات الضيقة لأطراف سياسية أثبتت في فتراتها أنها ظلمت كثيرين، وكان هو أحد هؤلاء»، مؤكداً: «أنا بريء، وظُلِمت لأكثر من 13 سنة، ولُفِّقت التهم المنسوبة إليّ في محاولة للتضييق عليّ، ظناً من البعض أنهم قادرون على القضاء عليّ وعلى فني».
وكشف فضل شاكر عن عمليات ابتزازه تعرّض لها مادياً، وقال في بيانه: «تعرضت من بعض المسؤولين في بعض الأجهزة الرسمية للابتزاز المالي، فمنهم من طلب مليوني دولار، ومنهم من طلب 5 ملايين، ومنهم من طلب عقاراتي وأملاكي لقاء حصولي على براءة أنا أصلاً حاصلٌ عليها»، مشيراً إلى أن «أموال عائلته وأولاده لا تزال محجوزاً عليها رغم ثبوت ملكيتها لهم بالمستندات...»، واعداً جمهوره بإصدارات مقبلة أجمل، ومؤكداً: «لن أتوقف عن الفن...».
Subscribe to our kataeb.org Youtube Channel
CLICK HERE