ملف اللاجئين: أي لغز في "الصلاحيات الضائعة"؟

ليس غريبا أن تتعدد الصلاحيات في مسألة لبنانية حساسة، فهذا الأمر ليس بجديد في لبنان، وبالتأكيد لن يكون الأخير. وآخر الفصول، ما حلّ بقضية اللاجئين.

قبل أيام، ضاعت البوصلة في الملف. وتعددت الأسئلة تحت عنوان كبير واحد: من يتولى رسميا ملف اللاجئين السوريين إلى لبنان؟ هل هو الأمن العام أم وزارة الشؤون الاجتماعية أم الخارجية أم وزارة المهجرين؟ وهل إعلان وزير المهجرين عصام شرف الدين الاعتكاف عن حضور جلسات الحكومة، اعتراضا على تعدد الصلاحيات، هو بداية تنازع رسمي – سلطوي على الملف؟

كل هذه الشكوك قطعتها جلسة مجلس الوزراء الأخيرة التي خرجت بإعلان واضح لا لبس فيه: تكليف وزير الخارجية عبدالله بو حبيب السفر إلى سوريا فور عودته من الخارج. مواصلة متابعة الجهود التي يبذلها الأمن العام اللبناني على صعيد جمع المعلومات وتأليف قاعدة بيانات كاملة مكتملة ومتابعة تنفيذ الإجراءات الأخرى المنوطة به.

هذان الأمران أكثر من واضحين، بنظر الحكومة، على صعيد ملف اللاجئين، وتحديد الجهتين المولجتين متابعة العمل.

ولكن ما سبب كل "هذا الضياع" في تحديد الصلاحيات أو في تأخير بت الإجراءات العملانية في الملف؟

تشتت أم تحديد شقين؟

في أيار الماضي، اقترح رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، تشكيل لجنة سياسية - تقنية برئاسة نائب رئيس مجلس الوزراء للتواصل مع الحكومة السورية، على أن تتقرّر عضوية بعض الوزراء في جلسة مجلس الوزراء المقبلة. وكانت اللجنة مولجة وضع برنامج زمني وتفصيلي لإعادة اللاجئين، لم تؤت ثمارها المطلوبة، نتيجة تردد الوزراء المعنيين في ترؤس اللجنة، والأكثر في تلبية زيارة دمشق.

كل هذا التأخر ترجم تشتتا في الصلاحيات وعدم اتخاذ أي قرار عملي - جدي، حتى أتت خطوة اعتكاف شرف الدين الأخيرة لتضيء على موضوع "الصلاحيات الضائعة".

شرف الدين يعتبر أن "ثمة تلكؤا حكوميا في تنفيذ القرارات الّتي اتّخذها مجلس الوزراء، لجهة تشكيل لجنة وزارية أو عرقلة تسيير قوافل العودة الطوعيّة".

هو يؤكد أنه تم سحب "هذا الملف مني بحجّة تشكيل لجنة وزاريّة لم تبصر النّور بعد، ممّا أدّى إلى وقف قوافل العودة باستثناء عدد خجول منها أخيرا".

وسط كل ذلك، سرت معلومات عن "ضغوط أو شروط يضعها البعض على الحكومة لعدم السير بقوافل العودة من ضمن لوائح محددة وكبيرة العدد، بهدف الإبقاء فقط على عدد محدود من الأسماء أو اللاجئين المرحّلين".

وعلى الرغم من أن مجلس النواب كان سبق أن صاغ "توصيات" في هذا المجال، ودعا بوضوح إلى "تفعيل عمل اللجنة الوزارية بهدف الانتهاء من الوجود السوري غير الشرعي في لبنان"، لم تلقَ هذه التوصيات مسارها الحكومي - التنفيذي.

فهل الأمر له علاقة بتضارب الصلاحيات أو عدم تحديدها؟

تنفي مصادر حكومية أي تضارب أو تشتت في الصلاحيات، وتقول لـ"النهار": "الأمر أكثر من واضح. ثمة شقان للموضوع. الأول على صعيد وزارة الخارجية وتكليف الوزير زيارة دمشق قريبا. والشق الثاني على صعيد الأمن العام وتكليفه التدابير الداخلية المتخذة، على صعيد إعداد "الداتا" وجمع المعلومات والتنسيق المباشر مع سوريا. وهذان الشقان تم تأكيدهما خلال جلسة مجلس الوزراء الأخيرة".

ومتى ستكون زيارة دمشق؟ هل تتم على شكل لجنة وزارية، بمعنى أنها ترجمة لتفعيل اللجنة المشكلة أصلا، أم أن الأمر سينحصر فقط بوزير الخارجية؟

ترفض المصادر "استباق أي أمر، فكل الأمور مرتبطة بمجلس الوزراء، وفي كل شق عودة حتمية لمجلس الوزراء لعرض ما تم التوصل إليه ومتابعته وتقرير الخطوات اللاحقة، إنما بشكل عام، كل ما حصل يعتبر تقدما عملانيا".

من هنا، لا ترد الأوساط على أي "كلام حول تضارب الصلاحيات أو اعتكاف احتجاجي"، وتعتبر أن البوصلة محددة، إنما ملف اللاجئين شائك في ذاته ويحتاج إلى الكثير من العناية والعمل".

وأبعد من مسألة الصلاحيات، ثمة محاور أكثر من شائكة: من المعابر الشرعية وغير الشرعية، إلى مسألة مكتومي القيد وملف السجناء، وصولا إلى التهريب وقوافل العودة التي تعتبر، حتى اللحظة، أكثر من بطيئة: كلها مسائل ترتبط بقضية اللاجئين، وحتى الساعة، لا حلول عملية، وإن كان المسار محددا، بنظر مجلس الوزراء. فهل تنعكس زيارة بو حبيب قريبا لدمشق خطوة جدية في هذا المسار الطويل؟!