المصدر: نداء الوطن
الكاتب: نوال برّو
السبت 8 شباط 2025 06:31:01
بعد انتخاب جوزاف عون رئيساً للجمهورية، ومع توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان، يعود ملف التنقيب عن النفط والغاز إلى الواجهة من جديد، خصوصاً بعدما كان لبنان قد تعاقد مع ائتلاف شركات نفطية بقيادة شركة "توتال" الفرنسية، وشركتي "إيني" الإيطالية وقطر للطاقة.
حصل الائتلاف هذا على حقوق التنقيب في الرقعتين رقم 9 و 4 في المياه الإقليمية اللبنانية. وبعد مرور عام على توقف العمل بهذا الملف، أعادت المحامية والخبيرة القانونية في شؤون الطاقة والحوكمة كريستينا أبي حيدر التذكير بالمكان الذي توقّف عنده.
تقول أبي حيدر، "مع مرور الوقت، لم تعد الرقعة رقم 4 ضمن مسؤولية هذا الائتلاف، أما بالنسبة إلى الرقعة رقم 9، فقد قام الائتلاف باستكشاف تجاري واحد في إحدى الآبار".
وعن مصير عمليات الاستكشاف، توضح أبي حيدر أنه "بعد اندلاع الحرب في غزة، بعدها الحرب بين إسرائيل و "حزب الله"، أعلنت شركة "توتال" شفوياً توقف أي استكشاف تجاري في البئر المذكورة في الرقعة رقم 9"، لافتةً إلى أنّه "حتى تاريخه، لم يقدّم الائتلاف أي تقرير رسميّ حول نتائج الاستكشاف لا في الرقعة رقم 9 ولا في الرقعة رقم 4 التي كانت بحوزته سابقاً".
إشارة إلى أن الائتلاف لم يقم إلا باستكشاف بئرٍ واحدة فقط منذ سنوات في الرقعة رقم 4. ونظراً إلى الفترة الزمنية التي انقضت على هذا الاستكشاف الوحيد، يُعتبر حق الائتلاف في الاستكشاف في الرقعة رقم 4 ساقطاً.
بالعودة إلى الأزمات التي عطّلت هذا الملف، من البديهي أن الشّركات الأجنبية التي تتولى عمليات التّنقيب عن النّفط والغاز تحتاج إلى بيئة مؤاتية. تشرح أبي حيدر: "افتقد لبنان لسنواتٍ عديدةٍ إلى المقومات الأساسية التي تشجّع الشركات على الاستثمار في استكشاف النّفط والغاز. الفراغ الرئاسي، عدم الاستقرار السياسي، تعثر تشكيل الحكومة، شلّ الجسم القضائي، عوامل تسببت في نفور الشركات".
تضيف أبي حيدر "انتخاب جوزاف عون رئيساً للجمهورية أعطى جرعة من الأمل في إعادة إحياء الملف، سيّما أنه في أوّل لقاء لعون مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أثناء زيارته لبنان، طلب حث شركة "توتال" على القيام باستكشاف ثانٍ في البلوك رقم 9.
وبالنسبة إلى السّيناريو الأسوأ الذي يخشاه اللبنانيون، وهو عدم انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان، تلفت أبي حيدر إلى أن ذلك يعني "عدم عودة الاستقرار الأمنيّ والسياسيّ إلى لبنان، ما سيتسبّب بإبعاد الشركات عن خيار الاستكشاف، سيّما أنها تضخّ استثمارات ضخمة وتبحث عن الاستقرار الاقتصادي والسياسي والأمني لأنها تتكبد مصاريف باهظة، ما يجعلها حذرة خوفاً من التداعيات الأمنية التي قد تجبرها على المغادرة.
وفي الحديث عن رؤيتها لمصير هذا الملف في العام 2025، تمنّت أبي حيدر أن يشكل انتخاب الرئيس بادرة خير على لبنان. كما أملت أن يتم تشكيل الحكومة في أسرع وقت سيما أن لبنان في وضع حرج، وتطلعت إلى أن يكون "وزير الطاقة كفوءاً وعلى قدر آمال اللبنانيين كي ينهض بهذا القطاع ويضعه على المسار الصّحيح".
حول المهام التي تنتظر وزير الطّاقة، خصوصاً مع انتهاء صلاحية هيئة إدارة البترول منذ أكثر من سنتين، تعتبر أبي حيدر أنّه على الوزير الجديد تعيين هيئة إدارة جديدة للبترول، تركز على الاختصاصات والكفاءات بعيداً عن المحاصصة السّياسيّة والداخلية.
وبما أن مهلة دورة التّراخيص المفتوحة تنتهي في آذار 2025، تجد أبي حيدر أنه "يتوجب تمديد المهلة لإفساح المجال أمام الشركات لتقديم طلبات تسمح لها باستكشاف البلوكات التّسعة المتبقية، كما يجب إعادة النظر بالعقود التي ستوقّع مع الشركات كي تكون الشّروط عادلة للبنان وللشركات الراغبة بالاستكشاف على حدّ سواء".
كذلك يجب على وزير الطاقة الجديد "حثّ شركة "توتال" على القيام باستكشاف جديد في البلوك رقم 9 كونه ملزماً لهذا الإئتلاف"، نقلاً عن أبي حيدر.
استخراج النفط، لن يحوّل لبنان بين ليلة وضحاها إلى جنّة اقتصادية. فالفساد المستشري في كل قطاعات الدّولة، وهيمنة منطق المحاصصة والمحسوبية، سيظلّان عائقاً كبيراً أمام أي تقدم حقيقيّ.