المصدر: النهار
الكاتب: مجد بو مجاهد
الخميس 16 كانون الثاني 2025 07:28:25
كادت أروقة القصر الجمهوريّ أن تشهد تسمية القاضي والديبلوماسيّ نواف سلام في الاستشارات النيابية الملزمة منذ ما بعد ثورة 17 تشرين الأول 2019 واتّقاد شعلتها، لكنّ الأوضاع السياسية والموازين النيابية لم تسمح آنذاك بتغييرات تصل إلى تكليفه، رغم أنّ اسمه تردد على مستوى بعض البرلمانيين الذين حاولوا أن يفرشوا له الممرّات السياسية نحو رئاسة الحكومة. حصل ذلك بعد استقالة الرئيس سعد الحريري وتنظيم استشارات نيابية ملزمة في 19 كانون الأول 2019 يوم انضمّ نواف سلام إلى باكورة الأشخاص المقترحين لرئاسة الحكومة، فإذا به يطرح من خلال كتلة حزب الكتائب برئاسة النائب سامي الجميّل الذي قال حينذاك إن "الشعب يطمح إلى حكومة حيادية ورئيس حكومة ينقلنا الى مرحلة جديدة" ومن كتلة "اللقاء الديموقراطي" برئاسة النائب تيمور جنبلاط مع تمني تشكيل الحكومة سريعاً، وسمّاه النائب نهاد المشنوق أيضاً تأكيداً لموقف الانتفاضة. لكنّ كفّة توازنات المجلس النيابي كانت تميل في تلك الفترة إلى محور "الممانعة" الذي كان يسيطر أيضاً على القرارات الإستراتيجية رافضاً بشدّة وصول نواف سلام، وهو ما جعل بعض الكتل تمتنع عن تسميته رغم تحبيذها له، لكنها حيّدت لبنان عن المواجهات السياسية. كُلّف حسان دياب وقتذاك وألّف حكومته.
بعد استقالة حكومة الأخير، حصلت استشارات نيابية ملزمة في 31 آب 2020 وكانت تسمية نواف سلام تنسجم مع تطلّعات قليل من النواب الذين طرحوه لرئاسة الحكومة. من سمّوه يومذاك كانوا نواب تكتل "الجمهورية القوية" وسط إطراء من "القوات اللبنانية" على أدائه، كذلك قرّر النائب فؤاد مخزومي تسميته. والجدير ذكره، أن نواب الكتائب وآخرين استقالوا بعد انفجار مرفأ بيروت وتالياً لم يشاركوا في الاستشارات. كُلّف مصطفى أديب، لكنه لم يستطع التأليف، واعتذر.
ثم حصلت استشارات نيابية ملزمة في 22 تشرين الأول 2020 وكان هناك توافق خلالها بين كتل كثيرة على تسمية الرئيس سعد الحريري، ولم يقرّر أي نائب تسمية نواف سلام يومذاك، وسط موجة واسعة من الامتناع. وإذ عرف لبنان فترة من الركود والانقسامات السياسية لم يكن في مقدور الحريري تأليف الحكومة، ما تطلّب البحث عن تكليف رئيس آخر.
حصلت استشارات نيابية ملزمة في 26 تموز 2021 حصل فيها نواف سلام على صوت واحد من النائب فؤاد مخزومي. لكن غالبية النواب سمّت يومذاك الرئيس نجيب ميقاتي الذي استطاع تأليف حكومة عملت بعد ذلك على إجراء انتخابات نيابية في أيار 2022 ثم أصبحت حكومة تصريف للأعمال بعد الانتخابات النيابية. وإذ كان لا بدّ من تشكيل حكومة، حصلت استشارات نيابية ملزمة في 23 حزيران 2022، قرّر خلالها نواب الكتائب ونواب "اللقاء الديموقراطي" ونواب تغييريون والنائبان ميشال معوض وأديب عبد المسيح تسمية نواف سلام، لكن النتيجة أوصلت الرئيس نجيب ميقاتي الذي كلّف لكنه لم يستطع التأليف، وبقي رئيساً لحكومة تصريف الأعمال حتى نهاية عهد الرئيس ميشال عون، ثم مرحلة المراوحة مع تعذر انتخاب رئيس للجمهورية.
إنها الاستشارات النيابية الملزمة الأولى لتكليف رئيس للحكومة في عهد الرئيس جوزف عون في 13 كانون الثاني 2025 والاستشارات الأولى التي أجمعت فيها غالبية الكتل النيابية على نواف سلام رئيساً مكلّفاً، رغم عدم استقرار الكتل على التصويت له في فترات سابقة، وهو ما كان يمنع وصوله حتى بعد الانتخابات النيابية 2022. حزب الكتائب وحده أبقاه دائماً مرشّحه المستقر في مراحل سابقة. إنها حالياً المتغيرات على مستوى المنطقة التي أحدثت فارقاً في الداخل اللبناني.