المصدر: المدن
الكاتب: بلقيس عبد الرضا
السبت 2 آب 2025 08:46:39
ملفات عديدة طغت على المشهد الاقتصادي اللبناني خلال الفترة الماضية، منها ما يتعلق بالشأن الداخلي، ومنها ما يتعلق بانعكاسات الأوضاع الجيوسياسية على الواقع اللبناني، تحديداً بعد الحرب الإسرائيلية -الإيرانية، ومخاوف من تطورها لتصبح حرباً إقليمية.
مخاوف اللبناني الاقتصادية، لها مبرراتها. فقد عانى لبنان منذ سنوات من انحدار وضعف في البنية الاقتصادية، وتحديداً بعد تغيير قيمة العملة وارتفاع مستويات التضخم لنسب لم يشهدها تاريخ لبنان، وأدى ذلك إلى تبدل في هيكلية الاقتصاد، وهو ما أثر على معيشة اللبنانيين.
وبشكل عام، بدت الفترة الماضية وتحديداً منذ الأول من أيار حتى نهاية تموز، قاتمة إلى حد ما، وسيطرت حالة من الترقب بانتظار ما ستقوم به الحكومة اتجاه ملفات اقتصادية شائكة، من ضمنها: ملف إعادة الإعمار، وضع لبنان على اللائحة السوداء الخاصة بالاتحاد الأوروبي، المساعدات من صندوق النقد، الاستثمارات الأجنبية، تحسن معدل الرواتب والأجور، بالإضافة إلى ملف الفساد، والسرقات في المؤسسات العامة.
هذه الملفات برزت من خلال تغريدات اللبنانيين على منصة X خلال الأشهر الثلاث الماضية من (1-5-25 حتى 30-7-25) بحسب التحليل، كان لافتاً، اهتمام الفئات الشابة بالاقتصاد اللبناني، وعمق القضايا التي تم طرحها ومناقشتها.
ماذا جاء في تغريدات اللبنانيين؟
خلال الفترة المذكورة، غرد اللبنانيون بنحو 29.9 ألف تغريدة تتعلق بالأوضاع الاقتصادية، قام بنشرها 9.94 ألف مغرد، بمعدل 331 تغريدة يومياً، وتناولت التغريدات واقع الأوضاع الاقتصادية الصعبة.
في شهر أيار، تبين بأن المغردين، سعوا إلى إظهار نوع من الخيبة، إن صح التعبير، واستياء من غياب أي أطر للإصلاحات الاقتصادية، وضعف الحكومة في معالجة الملفات الاقتصادية العاجلة. كما غرد ما يقارب من 130 مغرداً، حول ملفات معيشية تسأل علامات استفهام عن ملف الأجور، ملف إعادة اعمار.
في شهر حزيران، انقسم المغردون في تغريداتهم حول واقع الاقتصاد اللبناني، ففي الأيام الأولى من شهر حزيران، طغت الحرب بين إسرائيل وإيران على الواقع الاقتصادي، وطرح المغردون علامات استفهام عديدة، حول انعكاس الحرب على لبنان مع بدء موسم الاصطياف.
أما في القسم الثاني من الشهر، ساد توتر بين المغردين حول ملفين الفساد في الوزارات والمؤسسات العامة، وتوترات حول إصلاح قطاع المصارف والمفاوضات مع صندوق النقد الدولي.
أما في شهر تموز، ورغم انخفاض التوترات الجيوسياسية، وبدء توافد المصطافين والمغتربين إلى لبنان، إلا أن ذلك لم يشهد انعكاساً واضحاً على تغريدات اللبنانيين، بل استمرت حالة الخوف والتوتر، وطغت الأزمات الاقتصادية الداخلية، وملف تصحيح السياسات المالية على أراء وتغريدات اللبنانيين.
من هي الفئة الأكثر اهتماماً بالاقتصاد؟
انقسمت التغريدات وفق التوزيع الجندري إلى 63.8 في المئة صادرة عن مستخدمين ذكور، مقابل 23 في المئة من الإناث، في حين لم تُحدّد الهوية الجندرية لـ13.1 في المئة من التغريدات.
كما أظهر التحليل، بأن الفئات الأكثر نشاطاً على منصة X، والتي تثير اهتماماً بالاقتصاد اللبناني، كانت من الفئات الشبابية، ما بين سن 25 إلى 34 عاماً، بإجمالي 42 في المئة من التغريدات (أي أن نصف التغريدات تقريباً الخاصة بالشأن الاقتصادي، شكلت محور اهتمام العنصر الشبابي)، فيما يبدو لافتاً أيضاً أن هذه الفئة، قد تكون الأكثر تضرراً من الأوضاع الاقتصادية التي عصفت بلبنان منذ العام 2019، حين كانت هذه الفئات لاتزال صغيرة نسبياً، إلا أنها الأكثر وعياً بشأن ملفات اقتصادية.
تلاها الفئة الأدنى سناً، ما بين 18 إلى 24 عاماً، بنسبة 23 في المئة، وبعدها الفئات الأكبر سناً مابين 35 إلى 44 عاماً، والتي استحوذت على 10 في المئة من إجمالي التغريدات.
وهذا ما يشير إلى أن الفئات الشبابية في لبنان أي المواليد من العام 1990 حتى العام 2000، هم الفئات الأكثر اهتماماً بالوضع الاقتصادي اللبناني.
كيف انعكست لغة المغردين؟
يظهر خلال شهر أيار، بأن نسبة التغريدات التي يمكن تصنيفها بإنها تحمل مشاعر سلبية أو سيئة، وتعبر عن القلق مرتفعة، وصلت إلى 43 في المئة مقابل 26 في المئة محايدة، و25 في المئة إيجابية.
فيما بدا في شهر حزيران المشهد أكثر ضبابية، بعد الضربات الإسرائيلية ضد الجانب الإيراني، والحديث عن حرب عالمية ثالثة، ودخول المنطقة في أتون الحرب. هذه الأجواء خلقت تحديات لدى اللبنانيين، ومخاوف من جر لبنان في الحرب، كما أظهرت الحرب أيضاً مخاوف على القطاع السياحي والاستثماري. ووصلت المشاعر السلبية أو التي تحمل الكثير من الضغط والترقب والقلق إلى 87 في المئة.
تحليل المشاعر في شهر أيار
تحليل المشاعر في شهر حزيران
تحليل المشاعر في شهر تموز
ماذا وراء ذلك؟
تحليل التغريدات أو ما يتم نشره على لسان اللبنانيين في وسائل التواصل الاجتماعي، ماهو إلا انعكاس لرؤية وقراءة المواطن اللبناني وتحديداً الشباب لمستقبل بلدهم، وبالتالي مستقبلهم المهني والعلمي والمعيشي.
ويظهر بأن لبنان لا يزال في نظر الفئات الشابة بعيداً عن تطلعاتهم وأمالهم. وتعطي هذه التغريدات والمشاعر التي أظهرتها وسائل التواصل الاجتماعي، صورة واضحة بأن جميع المؤشرات الاقتصادية لاتزال قاتمة، رغم الهدوء السياسي نسبياً، وأن اقتصاد لبنان لا يزال غير قادر على مواجهة أي ارتدادات سلبية في المنطقة، ولا حتى قادر على مواجهة الضغوط الداخلية ومعالجة الملفات الشائكة.