"مُنقِذةُ" الجميع أمام معادلة كارثيّة... فمن يُنقذها اليوم؟

كتبت جيسيكا حبشي في موقع mtv:

 

"إفلاسٌ غير مُعلن"، عبارةٌ تختصرُ واقع البلديّات في لبنان. سلطاتٌ محليّة صغيرة تقوم بما عجزت عن القيام به الحكومات المُتعاقبة على أشكالها وألوانها. مؤسّسات "دولة"، أُسنِد إليها لواء الإنقاذ والإغاثة في الزّمن الأصعب وفي غياب الدولة، باتت بحاجة اليوم لمن يُنقذها...

 

تستحقُّ بلديات لبنان أوسمة شُكرٍ وتقديرٍ على جهودها الإستثنائيّة خصوصاً خلال السنوات القليلة الماضية، حيث نشطت على أكثر من جبهة، لاعبةً دور الطبيب والصيدلي في زمن "كورونا"، والإطفائي عند اندلاع الحرائق، والمُساعد الاجتماعي في ظلّ الأزمة الإقتصاديّة الخانقة التي تعصف بالجميع، إذ أصبحفي سُلَّمأولويّاتها تأمين وجبات الطعام للمُحتاجين، و"بونات" البنزين والمازوت "للمقطوعين"، والدواء المفقود والباهظ الثمن للمرضى "المتروكين"، أضِف الى هذا كلّه مهامها البلديّة الأخرى... فما هي أبرز التحدّيات التي تواجهُها اليوم؟ ومن أين تأتي بالأموال لسدّ العجز في وقت لم تُعدّلميزانيّاتها المتواضعة؟

 

يؤكّد رئيس إتحاد بلديّات منطقة جزّين ورئيس بلدية جزّين خليل حرفوش أنّ "ارتفاع سعر صرف الدّولار مُقابل الليرة اللبنانيّة وضَعَ البلديات أمام أزمة كبيرة، أضف الى ذلك التّأخير الكبير في دفع المُستحقّات من قِبل الدّولة، وقد وجدنا أنفسنا أمام مُعادلة كارثيّة: المصاريف 20 مرّة أكثر من المدخول"، لافتاً، في حديث لموقع mtv الى أنّ "بلديات عدّة تعيش اليوم على التبرّعات للقيام بالصيانات اللاّزمة ودفع أجور الموظّفين والعاملين فيها، فمثلاً، في بلدية جزيّن، نصمُد بفضل تبرّعات بعض المُغتربين ومُساهمات بسيطة ترد جمعيّات في المنطقة، لأن الحاجة كبيرة اليوم على أكثر من صعيد، والناس في حالة يُرثى لها، وإذا لم تتحرّك الدّولة فسنكون أمام مأساة حقيقيّة".

 

وردّاً على سؤال عن الإنتخابات البلدية المُقبلة، يُجيب: "العمل البلدي وتحديداً تولّي رئاسة البلدية في ظلّ هذا الوضع مسؤوليّة كبيرة، أكبر من مهام ومسؤوليّة النائب، ومن الواضح أنّ لا حماسة للانتخابات"، معتبراً أنّ "ثلاث صفات تختصر ما يجب أن يتمتّع به رئيس البلدية هي: التجرّد، العطاء، والتضحية، لكي يخدم مجتمعه خصوصاً في هذا الزّمن".

 

أما رئيس بلدية جبيل وسام زعرور، فيُشدّد على أنّ "وضع البلديّات صعب جدّاً، فالمصاريف بالدّولار والمدخول هو بالليرة اللبنانية، ولم تلحظ الموازنة التي أقرّت أيّ تعديل في مداخيل البلديات"، مشيراً، في حديث لموقع mtvالى أنه "للأسف، نقوم بالحدّ الأدنى المطلوب منّا كبلدية بسبب الوضع الصّعب، وآخر خطوة قد نلجأ إليها هي تعديل ورفع الرّسوم على المواطنين، الذين يعيشون بدروهم تحت وطأة مختلف الأزمات".

 

وفي معرض ردِّه على سؤالٍ عن انعكاس وضع البلديات السيّء على ترويجها للسياحة كمدينة جبيل مثلاً، يقول: "نتعاون مع القطاع الخاص للتّرويج للسياحة لأنه ليس بمقدورنا كبلديّات القيام بذلك لوحدنا، إذ لا ميزانية لدينا، والأولوية هي للأمور المُلحَّة التي يجب أن نلبّيها"، متوقّعاً في سياق آخر "ألا يكون هناك مرشّحون للانتخابات البلدية المقبلة إذا بقي الوضع على ما هو عليه".

وفي الختام، صرخةٌ من زعرور: "الدّولة اتّكلت علينا بشكلٍ كبير في كلّ شيء، ورمت كلّ الحمل على كاهلنا، في الأمور الصحية، والمشاكل الإجتماعية، والأمن، وغيرها، والحقيقة هي أنه في غياب البلديات، ولولا ما تقوم به، لكان وضع مختلف المناطق والبلدات مأساوياً".

 

"عكّزت" الدولة على بلديّات لبنان بدلاً من أن تدعمها حتى وصلت الى حافة الإنهيار تماماً كباقي المؤسّسات في جمهوريّتنا العظيمة. باختصار، أصبح العمل البلدي في لبنان تماماً كالتطوّع، لكنّ المفارقة الوحيدة هي أنه على المتطوّع أن يكون ميسوراً، وربما أغنى من خزينة البلدية...