من اللاعب الكبير إلى الموفدة الأنيقة.. لبنان في إجراءات الترتيبات الإقليمية: إلغاء حزب الله بالأمن وإنهاء الإحتلال!

على مسرح الكون بأسره، يلعب دونالد ترامب، الرئيس الاميركي، المنتخب لولاية ثانية، وربما أخيرة، مع فريق عمله، المشبع بأفكار خارج الأنساق الأميركية المتعاقبة على مرّ الأزمة منذ 4 تموز 1776 يوم الاستقلال عن بريطانيا، أو العيد الوطني الاميركي بآبائه المعروفين وفي مقدمهم جورج واشنطن، وتكنّ الأفكار العداء لشعوب الارض قاطبة، بأعراقه وجنسياته وأديانه، على خلفية المال، والكسب، والعودة إلى أميركا أولاً.. قدم ترامب نفسه محرراً لبلاده من نير الاستقلال الآري والاصفر، مع إهمال لبني حام، (الأفارقة) على حساب سام،  من يهود، ويهود فقط..
 
لا شأن للعرب، وهم من أبناء سام بالنعمة الاميركية، الموعودة، بعد وفرة المال المتجمّع عن الرسوم الجمركية التي فرضها وفقاً للائحة طويلة على أوروبا وكندا واستراليا والصين واليابان، وشملت لبنان بنسبة 10%.
 
من المخاطرة الجمركية، أو الحرب الجمركية، التي اشعلها مع العالم الصناعي، ناسفاً المبادئ التي قامت عليها منظمة التجارة العالمية (الغات)، إلى المخاطرة العسكرية بانذار ايران بالانصياع إلى الاوامر الاميركية بالتوقيع على اتفاق «إذعان نووي» يمهد لاعادة ترويض «الدولة الاقليمية الكبرى» المتمردة على نظام القطب الواحد الكبير (الكابوي الاميركي) إلى ملاحقة البروليتاريا الفقيرة، والمهمشة والمدمرة في العالم العربي، من غزة التي يتفرج ترامب على إبادة أطفالها ونسائها وشيوخها وشبابها، بالسلاح الأميركي الصنع، وباليد الآثمة الاسرائيلية، ضمن خطة توزيع الأقدار بتهجير أهل القطاع الصناديد إلى مجاهل افريقيا أو الدول العربية، التي يمكن للرئيس الاميركي أن يقنعها بقبول هؤلاء الناجين من القتل والموت والابادة، والعطب والتكسير والمجاعة والامراض والاصابات القاتلة» وصولاً إلى بلاد اليمن الذي كان يوصف «بالسعيدة في أيام خلت.. مع توعد دول عربية أخرى بدفع المال أو التهويل بكل وسائل الابتزاز وغيرها...
 
أما حصة لبنان، فجاءت على شكل إعادة صياغة البلد الصغير الذي كان بمثابة «أرض محور المقاومة»، من الجنوب إلى البقاع، ونقطة التنقل: ضاحية بيروت الجنوبية..
 
ثمة خيط يربط «الحدث الترامبي» بكل حلقاته من حرب المال والرسوم الجمركية إلى حرب الخرائط وإعادة بناء عالم ما بعد انهيار الانظمة العالمية من الاقتصاد إلى الدبلوماسيين والقانون الدولي والمنظمات العالمية.
 
من  نهاية الحرب الباردة إلى اليوم، وعلى مدى عقود ثلاثة تفرَّدت الولايات المتحدة ودارت الكوكب على طريقة غير معروفة ومألوفة: بناء التحالف البروتستي- اليهودي، وتحويل الشركات المالية الطاغية على النظام المالية «لفستابور» مالي دولي، يعمل بآلية «الحوت» الكبير الكامح إلى بلع كل السمك الصغير وغير الصغير، ليس في المحيط الاطلسي وحسب، بل في محيطات وبحار وأنهار العالم كلها.
 
«ما يسمع أحد من المراقبين أو الدبلوماسيين من الرئيس ترامب، الذي يوقع القرارات على شاكلة توقيع قرارات الإعدام، بتباهي وقلة احتراز، كلمة عن قرار دولي، أو اتفاقية أو معاهدة معترف بها.. ينصرف الرجل – الرئيس وكأنه «ملك في غابة أو ليث لليوث، الذي يتحكم بمصائر مملكته ورعاياه في «الغابة الكبرى».
 
بعد انتهاء الحرب الباردة يبرز عالم جديد غلبت عليه قوة اقتصاية وسياسية وعسكرية وحيدة (الولايات المتحدة الاميركية) (طغى التأثير الاميركي على كل شيء، مع بعض التنازلات للاطراف الاقتصادية الاخرى مثل الاتحاد الاوروبي واليابان، وبدرجة أقل للدول النامية.
 
من جانب واحد، أطاح ترامب بنظام «الغات»، ورفع الرسوم الجمركية على الصادرات الوافدة، من الاتحاد الاوروبي والصين وكندا، لتسارع هذه الجمعيات الاقتصادية إلى الرد على الاجراء بمثله، الأمر الذي حمل صندوق النقد الدولي إلى التحذير من مغبة انهيار النظام الاقتصادي العالمي، وانكماش المعونات الدولية للتنمية، مما يفاقم المخاطر لجهة التطور الاقتصادي والانتاج ومواجهة مشكلات البطالة والصحة والعلم (من تكسر الليبرالية الجديدة إلى فكرة الانكفاء على الداخل (Inward Looking Policy) على الصناعة الوطنية.
 
أما حصة لبنان من الترتيبات الاقليمية، التي تتزامن مع إعادة النظر في النظام الاقتصادي العالمي، والتوازن الجيوسياسي في الشرق الاوسط أرض الازمات والحروب، التي يسعى ترامب وفقاً لنوايات صادرة عن تصريحاته، إلى استبدالها بالسلام الشامل، (وليس من المهم أن يكون عادلاً)، فهي محسوبة ضمن تكريس إخراج البلد مما كان يسمى «بالمحور الايراني – السوري» أو محور «الممانعة» أو «المقاومة».. (وشكلت الحرب الاسرائيلية الجامحة على «حرب الاسناد» الأكثر الفعلية لاعادة بناء عالم من الانزيامات والتوازنات الجديدة، لمصلحة الفريق الذي لا يرى خلاصاً إلا عن طريق نزع سلاح «حزب الله»، وفي مقدمة هذا الفريق حزب اليمين المسيحي..
 
في عملية اقصاء «حزب الله» عن المشهد، ما خلا التصريحات العالية في مناسبات تشييع الشهداء في قرى الحافة الامامية) بدا أن الادارة الاميركية معنية في إدارة مباشرة للملفات الامنية والمالية، بدءاً من مطار رفيق الحريري الدولي، الذي سينضم إليه مطار رينيه معوض في القليعات، هذا العام أو في العام التالي..
 
أبدت الوصية الاميركية الانيقة (السيدة مورغن) ارتياحها للاجراءات في مطار بيروت.
 
وعقدت اجتماعاً مع وزراء «القوات» للاطلاع على سير العمل في الحكومة، وربما لغايات أخرى، وخصت وزير الخارجية والمغتربين (الوزير السيادي مكرر) بجلسة خاصة أو عشاء، من أولوية الانطلاق من أرضية محلية، على غرار ما كانت دولتا المحور المبعدتان عن لبنان (سوريا التي ذهب نظامها إلى غير رجعة وايران المنكفئة داخل أراضيها الشاسعة).
 
تعتمد مورغن على حزب «القوات اللبنانية» كحليف عضوي لسياسة إدارتها في المنطقة، مع العلم أن التوجه العام في لبنان، وإن اعتبر أنه الاساس اليوم هو إنهاء الاحتلال الاسرائيلي، والزام الدولة المعتدية بالانصياع إلى القرار 1701، فإن فكرة «السلاح» خارج قرار الدولة لم تعد مقبولة لدى غالبية الاطراف المحلية، سواء الممثلة هنا أو هناك، في الحكومة أو في المجلس النيابي.
 
تجاوز لبنان «قطوع الزيارة، وانتظمت المحادثات مع «موفدة ترامب بالجيدة والبناءة بانتظار رؤية نتائج مفيدة للبنان في مجالات الامن وانهاء الاحتلال الاسرائيلي.