من مترو الصين ... الى توك توك لبنان

"مترو في الصين... تذاكر ذكية عبر بصمة الوجه دون نزع الكمامة"، عنوان خبر تناقلته الصفحات الالكترونية التي تعنى بالتكنولوجيا، بالنسبة الينا كلبنانيين غارقين بالازمات ونبحث عن رغيف خبز وليتر بنزين، ونفكر ليل نهار كيف سيدخل اولادنا المدرسة في غلاء يكوي، قد يمرّ هذا علينا مرور الكرام... اضف الى ذلك ان لا مترو عندنا بل سرفيس وفان، وtok Tok انه آخر اوجه "التطور" الذي دخل حديثا الى قطاع النقل.

ولكن ربما تسلية او حشرية نضغط على الخبر للاطلاع، فنجد في النص: " أطلق مترو تشنغدو مؤخرا خاصية "التذاكر الذكية" لصعود الراكبين إلى العربات؛ حيث يمكن للراكبين الذين يريدون استعمال التذاكر الذكية التسجيل في تطبيق مترو تشنغدو عبر بصمة الوجه، ومن ثم يمكنهم عبور البوابات الأمنية المزودة بتقنية التعرف على الوجه دون نزع الكمامات، وذلك حسبما نشرت "صحيفة الشعب اليومية أونلاين" الصينة، امس (الخميس).
وحسب الصحيفة، فقد تم تعميم هذه الخاصية في 12 خط مترو بمدينة تشنغدو التي تضم 287 محطة.

وفي هذا الإطار، ستساعد هذه التقنية الجديدة على زيادة فاعلية النقل وتوفير المزيد من الراحة للمسافرين وتقلل من خطر انتقال العدوى الوبائية داخل المترو."
حين نقرأ هذا الكلام نقول في انفسنا، "الناس وين ونحنا وين"... ايضا المسؤولون عندنا "ينشغلون في تدبر شؤون المواطن"، لتأمين "راحة مماثلة"... انهم يبحثون في استصدار البطاقات الذكية: من تمويلية الى دوائية الى غذائية ... وصولا الى بونات البنزين او المازوت... لكن كل هذه البطاقات التي ربما ستملأ محفظة اللبناني لا تعكس سوى التدهور الذي بلغته الدولة في كل مفاصلها، والتي انطلاقا من قاعدة "الازلام والمحسوبيات" ستكون (هذه البطاقات) من نصيب المحظيين لدى المسيطرين على الدولة ومؤسساتها وقطاعاتها.

لا نقارن بين لبنان والصين، فلبنان بلد صغير ومقوماته محدودة، والصين دولة عظمى على كافة المستويات، ولكن الاهتمام بالشعوب يجب ان لا يختلف بين دولة واخرى.
ولكن لا بد من الاشارة الى ان الصين كانت أول ضحية للركود الاقتصادي وأول من يتجاوزه، ففي نيسان الفائت على سبيل المثال شهدت وارداتها قفزة بنسبة 43.1% على مدى سنة واحدة، لتصل إلى 221 مليار دولار، مع توقعات نمو تتراوح بين 6 و8%.
اما لبنان فقد افاد البنك الدولي أن المأزق الاقتصادي الحالي ضمن أشد عشر أزمات، وربما أحد أشد ثلاث، على مستوى العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر. كما قدّر البنك أنه في 2020، انكمش إجمالي الناتج المحلي الحقيقي للبنان بنسبة 20.3 بالمئة، بعد انكماشه بنسبة 6.7 بالمئة في 2019. وكذلك بحسب توقعات البنك فانه يحتاج ما بين 12 إلى 19 سنة للخروج من الأزمة الاقتصادية. ويعود السبب الاساس في كل ذلك الى لبنان يواجه غياب سلطة تنفيذية تقوم بـ"وظائفها كاملة" .
وعلى الرغم من ان الصين تتصدر قائمة البلدان من حيث عدد السكان (بلغ 1.41178 مليار نسمة)، ولكن بحسب الدراسات فانه عندما تسلم الحزب الشيوعي مقاليد الحكم، كانت البلاد فقيرة جدا، ولم يكن لديها أي شركاء تجاريين ولا علاقات دبلوماسية واسعة. كانت الصين تعتمد كليا على الاكتفاء الذاتي". لكن، في السنوات الـ 40 الماضية، اعتمدت الصين سلسلة من الاصلاحات الاقتصادية كان من شأنها فتح الطرق التجارية والسماح بالاستثمارات، وهي خطوات أدت في نهاية المطاف إلى إخراج الملايين من دائرة الفقر.

لا نريد الدخول في الكثير من التفاصيل بشأن الصين التي مثلها مثل اي دولة لا تخلو من الفقر والبؤس، ولا ان يعتمد في لبنان الحكم الشيوعي، انما يمكن الاخذ الكثير من العبر من الاقتصاد الصيني وتطبيقها في لبنان من خلال نظامه الليبرالي الحرّ.
فلبنان الذي يبلغ عدد سكانه نحو 6.5 مليون نسمة، هو دولة فاشلة ومنهوبة ومسروقة وليست فقيرة او مفلسة، بل يمتلك العديد من المقومات، لا سيما وان الدولة على الرغم من انها مترهلة الا انها تملك معظم الاصول والاملاك والمرافق من مرفأ ومطار واتصالات والعقارات والكهرباء والماء... اضافة الى احتياطي الذهب ومخزون النفط.
الا ان المشكلة هي كيف يدار البلد... لا بل من يدير البلد؟
الحاجة الى قيادات من نوع آخر ... لان الاصلاحات معروفة لدى الجميع، ولا حاجة الى المزيد من الخطط، فهي بدورها متوفرة.