المصدر: وكالة الأنباء المركزية
الكاتب: نجوى ابي حيدر
الخميس 4 كانون الاول 2025 15:36:20
لم يكد قرار الحكومة العراقية القاضي بتصنيف كل من "حزب الله اللبناني" و"أنصار الله" (الحوثيين) كـ"جهات إرهابية" داخل البلاد، وأمرها بتجميد جميع أموالهم وأصولهم، يشق طريقه وقبل ان تنطلق موجة الترحيب الدولية به، وبذريعة أن ما نشر في قائمة الأسماء لم يخضع لتنقيح مسبق، تراجعت بغداد عنه، واعلنت لجنة تجميد أموال الارهابيين ان ما نشر كان عن طريق الخطأ وسيجري تصحيحه.
تراجع عكس بوضوح حقيقة الانقسام الداخلي في العراق ومدى استمرار ايران عبر اذرعها المتغلغلة في البلاد بالتحكم بالقرار، في مواجهة الجناح الغربي الراغب في التعاون مع المجتمع الدولي والتماهي مع الرغبة الدولية في ملفات مكافحة الارهاب، لرفع رصيد العراق على غرار ما يحصل في سوريا من احتضان واهتمام تبديا بوضوح في تشريع ابواب البيت الابيض امام الرئيس أحمد الشرع بعد سبعين عاما على اغلاقها اضافة الى رفع العقوبات وبدء المشاريع الاستثمارية، وصولا الى انخراطها في مشروع السلام السائر ببطء لكن بثبات.
تقول مصادر مطّلعة على الشأن العراقي لـ"المركزية" ان رئيس الحكومة محمد شيّاع السوداني الراغب في العودة الى رئاسة الحكومة بعد الانتخابات الأخيرة وما افرزت من تحالفات، هي نفسها التي هيمنت على المشهد السياسي العراقي للمرحلة الماضية، حاول بقراره هذا استمالة واشنطن، تجنباً لعقوبات أميركية محتملة على القطاع المصرفي العراقي، في ضوء اتهامات اميركية بتورطه في تمويل تنظيمات مسلحة على ارتباط بإيران، الا ان الفصائل والقوى السياسية المرتبطة بمحور طهران والمتماهية مع مواقفها وقفت بالمرصاد واستنفرت طاقاتها لتصويب "الخطأ الخطيئة" الذي وقع فيه السوداني، وقطعت طريق الولاية الثانية امامه، ذلك ان فوز كتلته لا يكفي لضمان الولاية الثانية انما يحتاج الى التحالف مع قوى سياسية اخرى، ومن بينها الشيعية في الاطار التنسيقي.
حالة التخبط التي وقعت فيها السلطات العراقية تشبه الى حدٍ كبير الحالة اللبنانية، وما تتعرض له السلطة السياسية للّحاق بركب مشروع السلام العازمة ادارة الرئيس دونالد ترامب على ترجمته على ارض الواقع، لفرض الاستقرار وتاليا السلام في الشرق الاوسط من خلال اعادة رسم خريطة دوله وصولا الى شرق اوسط جديد خالٍ من الصراعات، وهو ما اشار اليه البابا لاوون الرابع عشر خلال زيارته للبنان بِحَثه من التقاهم من المسؤولين والقوى السياسية بعيداً من الضوء على سلوك الدرب الحواري والتخلي عن السلاح طوعاً لأن السلام لا يُفرض ولا يُرفَض.
على اي حال، بات واضحا وجلياً ان الجمهورية الاسلامية التي ما زالت تُمسِك ببعض الاوراق في مواجهة مشروع الشرق الاوسط الجديد، اهمها في العراق ولبنان، تريد حجز دور فاعل لها فيه، الا ان واشنطن التي تدير اللعبة، ابلغت رسائلها اليها عبر وسطاء قطريين وغيرهم ان لا مكان لطهران في هذا المشروع الا بشروط الولايات المتحدة واهمها، عدم التدخل في شؤون الدول، وكف سطوة اذرعها، من حزب الله الى الحشد الشعبي والحوثيين، والانصياع الى رغبات المجتمع الدولي وقراراته الهادفة الى تحقيق الامن والاستقرار في المنطقة لتنعم بالسلام، ليس الا!