المصدر: وكالة الأنباء المركزية
الكاتب: يولا هاشم
الجمعة 21 تموز 2023 15:37:31
تصاعد التوتر بين بغداد وستوكهولم، على خلفية قيام مئات المحتجين باقتحام السفارة السويدية في العاصمة العراقية وإضرام النار فيها احتجاجا على خطط لحرق نسخة من المصحف في ستوكهولم، بعد حرقه بالفعل في نهاية حزيران الماضي.
وطردت الحكومة العراقية السفيرة السويدية جيسيكا سفاردستروم وقررت كذلك سحب القائم بالأعمال العراقي من سفارتها في ستوكهولم.
وفي لبنان عزّزت قوى الامن الداخلي الإجراءات الامنية في محيط السفارة السويدية وتم تشديد الاجراءات في محيط منزل السفيرة السويدية في بيروت، خشية من وصول تداعيات ما حصل إلى لبنان، خاصة بعد دعوة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر في كلمته مساء أمس، الشعوب العربية والإسلامية إلى "مطالبة حكوماتها بسحب سفرائها من السويد وطرد سفراء السويد من بلدانها"، كما ودعا "إلى تجمعات غداً (اليوم) يكون شعارها طرد الدبلوماسيين السويديين من بلداننا وسحب دبلوماسيينا من السويد". فما هي تداعيات ما حصل على العلاقات بين الدول؟ ومن يحمي السفارات من الاعتداءات؟
الوزير السابق فارس بويز يؤكد لـ"المركزية" ان "احترام الديانات والمعتقدات أمر معترف به عالمياً، وبالتالي من المفترض أن تكون جميع الدول حريصة على ألا تُهان المعتقدات والديانات على اراضيها. من هنا، اعتقد بأن التراخي المطلق باسم الديمقراطية والحريات الموجود في عدد من الدول ليس فعلا ما يتناسب مع حماية كرامة المعتقدات كما هي. لا بد من ان تنظر الدول الى ان هناك شرائح كبيرة في العالم تتلقى هذا الامر كإهانة وتحد واستفزاز".
في المقابل، يعتبر بويز ان "هذا لا يبرر على الاطلاق ردود الفعل التي نسمعها من هنا وهناك، كالتهديد بحرق سفارات او الهجوم عليها او غيرها. فالسفارات ايضا لها حرمتها والرد بالعنف ليس له أي مبرر على الاطلاق في اي ظرف كان. في الوقت عينه ندعو بمَن حصلت الإهانة على اراضيه ان يعدلوا بعض قوانينهم بما يتضمن عدم تكرار هذه الامور، خاصة وان العالم مشحون ويعيش مرحلة تحديات في هذا الامر. كما اننا نتوجه الى من يهددون باستعمال العنف والقوة لمواجهة هذه الامور بأن هذا الامر مرفوض على الاطلاق".
ويشير بويز الى ان "للسفارات حرمتها وحصانتها التي وثّقتها اتفاقية فيينا. حتى السفير وطاقم السفارة لهم حصانات مطلقة، ولا يجوز لأي اعتبار كان، حتى لو ارتكب دبلوماسي مسجَّل جريمة مباشرة الخ.. لا يجوز توقيفه او الاعتداء عليه. اكثر ما تستطيع هذه الدول فعله هي طرد السفير او اعتباره persona non grate اي غير مرغوب به".
وأثنى بويز على ترحيب وزارة الخارجية في بيانها "بأي مسعى دولي لسن تشريعات تحرم الاساءة للرموز والمقدسات الدينية"، مؤكداً ان "العالم يعيش في مرحلة تعصب وتطرف، وفتح المجال امام اهانة الطوائف بهذه الطريقة لا يخدم البشرية ولا الامن العالمي".
من جهة أخرى، يؤكد مصدر دبلوماسي مطلع لـ"المركزية" ان "القضية دقيقة جدا، فحرق القرآن كما حرق الانجيل او التوراة له نتائجه، لا يمكن ان يمرّ مرور الكرام، وجميعنا ضده بكل معنى الكلمة، خاصة وان في العالم أكثر من مليار ونصف مسلم، لن يتحملوا هذه الإهانة. والسويد حتى اليوم لم تقم بأي عمل في المقابل للتخفيف من التوتر، بحجة ان القوانين السويدية تكفل حرية التعبير.
وتخوّف المصدر من استغلال الحركات الاسلامية من حول العالم هذا الأمر سياسياً، كما حصل في العراق وقد ينتقل الى لبنان، معتبرا ان ردة الفعل على هذا الامر المستهجن طبيعية لكنها أيضاً في الوقت نفسه ستُستغّل وستؤدي بهذه الطريقة إلى خلق دواعش ونشر التطرف عبر هذه الحركات، مشيراً إلى وجوب عدم تطوّر الامور بعيداً لأن المسألة دقيقة وحساسة، والكرة في ملعب السويد، التي عليها ان تمنع بطريقة ما تكرار الحادثة، وترسيخ احترام الكتب المقدسة لدى كل الأديان.
وأعرب المصدر عن تمنيه لو أن نصرالله لم يدعُ الى قطع العلاقات مع السويد، وترك للدولة اللبنانية معالجة الأمر بطريقة دبلوماسية، كي لا يظهر موقف الدولة وكأنه جاء تحت الضغط او استجابة لأوامره، معتبراً ان في لبنان مواطنين من الطائفتين الاسلامية والمسيحية تحتّم عليهما التضامن والوقوف على خاطر بعضهما البعض، داعياً الدولة الى حماية السفارة السويدية كي لا يتكرر ما حصل في العراق.