المصدر: المدن
الكاتب: فرح منصور
الجمعة 7 حزيران 2024 14:17:28
حققت مخابرات الجيش مع المسلّح قيس فراج (سوري الجنسية، مقيم في مجدل عنجر البقاعية، مسجل لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين) بعد خضوعه لعملية جراحية دقيقة، نتيجة إصابته بثلاث رصاصات في البطن والقدمين. وتبيّن حسب المعطيات الأولية، أن حادثة إطلاق النار على السفارة الأميركية في عوكر هي عمل فرديّ غير منظّم. لكن الشاب العشريني كان متأثرًا بشكل كبير بتنظيم داعش الإرهابي.
استجواب فراج
بعد انتهاء العملية الجراحية للمتهم في المستشفى العسكري، حققت مخابرات الجيش معه، ولكن سرعان ما فقد وعيه وساءت حالته الصحية وتعذّر استكمال التحقيق بشكل كامل، وهو حاليًا يتلقى العلاج اللازم وسيستكمل استجوابه بعد تعافيه.
وحسب المعلومات التي حصلت عليها "المدن"، فإن فراج أكد للمحققين خلال استجوابه أنه ليس تابعًا لتنظيم داعش الإرهابي. وتبيّن أن الشعارات التي ألصقها على جعبته هي نتيجة تأثره بهذا التنظيم، وأن هجومه المسلّح هو عمل فرديّ. كما أنه اشترى السلاح الحربي (كلاشينكوف، AK-47) والرصاص والجعبة من ماله الخاص منذ حوالى السنة.
تفاصيل الحادثة
وفي التفاصيل التي حصلت عليها "المدن"، استيقظ فراج فجر الأربعاء، وجهز حقيبته السوداء، ووضع بداخلها سلاحه والكثير من الرصاص، وجعبته التي كتب عليها باللون الأبيض شعارات تنظيم داعش (الدولة الإسلامية، الله أكبر، لا إله إلا الله..). واستعان بوسائل النقل العامة (فان). وقبل التوجه نحو السفارة، قام بتجميع بعض المعلومات مستعينًا بالإنترنت حول الطريق المؤدية إلى السفارة الأميركية وكيفية الوصول إلى المداخل القريبة من السفارة. وبعد وصوله إلى نقطة قريبة من السفارة الأميركية، وضع القناع الأسود على وجهه وارتدى جعبته وحمل سلاحه ورمى حقيبته السوداء بالقرب من السفارة، وبدأ بشكل عشوائي إطلاق الرصاص نحو مباني ومداخل السفارة. فأصيب برصاص الجيش اللبناني وألقي القبض عليه.
وإذا تمعّنا في رواية فراج، فهي تؤكد أنه كان يعلم أن هكذا عملية حساسة ستنتهي بموته بالرصاص أو باعتقاله ومعاقبته. وبالرغم من توفر معطيات تفيد أن هذه العملية لم تكن منظمة أو مدعومة من أي جهة، فهي تؤكد أن غايات كثيرة تدور في رأس فراج لا يمكن التغاضي عنها، خصوصًا أن هذا الهجوم كشف عدم احترافيته في حمل السلاح وإطلاق الرصاص وفي خوض أي معركة، أي أنه ليس محترفًا، بل "ذئب منفرد طائش"!
وهنا توضح مصادر قضائية رفيعة المستوى لـ"المدن"، أن فراج ليس فردًا من أفراد داعش، ولكنه تأثر بشكل كبير بهذا التنظيم الإرهابي. وخلال الفترة الماضية، كان يتلقى العلوم الدينية لدى أحد الشيوخ، ولاحظ أفراد عائلته بأن أفكاره باتت متشددة، ولكنه لم يصرّح أمام أي أحد منهم أنه يخطط للهجوم على السفارة الأميركية في عوكر.
وحسب معلومات "المدن"، فقد تبين للأجهزة الأمنية بعد مداهمة العديد من منازل عائلة فراج في مجدل عنجر، والتحقيق معهم واستجواب بعض الأصدقاء، أنه أبلغ أحدهم منذ حوالى العام عن رغبته بتنفيذ مهمة أمنية في بيروت، لكنه لم يحدد طبيعة هذه المهمة أو تاريخها، أو الهدف المرجو منها. وبعد عملية طوفان الأقصى، قرّر فراج تنفيذ هذه المهمة في السفارة الأميركية في عوكر، من غير أن يبلغ أي أحد عن هذا الأمر. ما يعني أن الحادثة نفذت (وفق ظن فراج) دعمًا لأهالي غزة، واعتراضًا على دعم الولايات المتحدة الأميركية لإسرائيل في حربها هذه.
عملية فرديّة
واستجوبت الأجهزة الأمنية أكثر من 7 أشخاص من مجدل عنجر البقاعية (وهم من أهالي المنطقة وأفراد عائلة المسلح فراج) ومن بينهم الشيخ الذي كان يعطي الدروس الدينية لقيس بشكل أسبوعي، وصاحب الفان الذي أوصله إلى السفارة الأميركية في عوكر بعد حصوله على مبلغ من المال. ولكن التحقيقات الأولية أظهرت عدم تورطهم في هذه الحادثة، وأفادت مصادر قضائية لـ"المدن" أن الأجهزة الأمنية ستخلي سبيلهم بعد انتهاء الاستجواب، والتأكد من عدم تورطهم ومشاركتهم في هذه العملية الأمنية. وحسب المعلومات فإن عائلة المسلح لم تكن على علم نهائيًا بالمخطط الذي حضره قيس. وخلال مداهمة منزل عائلته، عثرت الأجهزة الأمنية على زجاجات مليئة بمواد قابلة للاشتعال، ولكن الوالد صرّح أنه يستخدمها أثناء مزاولة مهنته ولا تشكل أي ضرر على أي فرد.
ولكن يبقى التساؤل الأساسي اليوم، كيف وصل فراج إلى السفارة الأميركية واجتاز حواجز الجيش اللبناني المحيطة بالمنطقة من دون توقيفه أو تفتيش حقيبته؟ وهل بات اجتياز الحواجز الأمنية بهدف تنفيذ عمليات أمنية في مناطق بغاية الحساسية هو أمر طبيعي؟ والواضح أن هذه الحادثة كشفت ضعف الأجهزة الأمنية وسهولة "تفجير" الوضع الأمني في لبنان، وكان لافتًا تصريح وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال، القاضي بسام المولوي المثير للجدل بقوله "إن اجتياز فراج للحواجز ووصوله إلى السفارة الأميركية هو أمر مستغرب"! علمًا أن مسؤولية وزير الداخلية الأساسية هي ضبط الأمن وحماية الأراضي اللبنانية!