المصدر: المدن
الكاتب: جنى شقير
الثلاثاء 3 حزيران 2025 14:19:17
اختار الصليب الأحمر اللبناني منطقة الشويفات في ساحل المتن الجنوبي للاحتفال باليوم العالمي لمواجهة موجات الحر، الذي صدف يوم أمس الإثنين في 2 حزيران. وقد نظّم حملة توعوية، مثل كل عام، على مدار يومٍ كامل، انطلاقاً من هذه المنطقة التي اختيرت لأنها من المناطق الساحلية الأكثر عرضة لموجات الحر في هذا الوقت من العام. وأقام الصليب الأحمر خيمة مجهّزة بمراوح ومكيفات، وفريق مسعف كامل وفرق كشفية. وتخلل النشاط توزيع قوارير مياه بلاستيكية على المحال المجاورة والأهالي. ثم استكمل النشاط بالقرب من صخرة الروشة، على الكورنيش البحري لبيروت، حيث كان الختام بإضاءة الصخرة باللون البرتقالي. لون يرمز لأشعة الشمس الساطعة، ورسالة بصرية تحذيرية لتأثير تغيّر المناخ المتنامي في عصرنا. وذلك وسط حضور رسمي لافت ضمّ وزير الصحة ركان نصرالدين، ووزيرة البيئة تمارا الزين، ومحافظ بيروت مروان عبود، ورئيس بلدية بيروت إبراهيم زيدان.
تغير المناخ والوقاية
مع دخول شهر حزيران وبدء فصل الصيف، يتجدّد التذكير بالتحديات التي تفرضها درجات الحرارة المرتفعة على الصحة والبيئة، جراء تغير المناخ عالمياً. وسلّط النشاط العالمي، الذي تنظمه الجمعيات الوطنية للصليب الأحمر والهلال الأحمر، الضوء على مخاطر ارتفاع الحرارة وأهمية الوقاية منها، خصوصًا للفئات الأكثر هشاشة من كبار السن، وأصحاب الأمراض المزمنة، وسكان المناطق الريفية، لاسيما أن شهر حزيران هو شهر "البدايات اللاهبة" لفصل الصيف. وتضمنت فعاليات هذا اليوم إرشاد المواطنين على كيفية التعرف على علامات الإنهاك الحراري وضربة الحرّ، لنشر الوعي لتجنب مخاطرها وطرق الوقاية والعلاج منها.
تداعيات ارتفاع درجات الحرارة
إلى التداعيات الصحية لارتفاع درجات الحرارة، لتغير المناخ العالمي انعكسات بيئية واقتصادية وتهديد بالجفاف العالمي. وبهذه المناسبة رأى المهندس البيئي زياد أبي شاكر، أن "تغيّر المناخ وارتفاع درجات الحرارة أمر طبيعي، لكن تعامُل الإنسان مع هذه الظاهرة، عبر سوء التخطيط والإدارة، قد يحوّلها إلى أزمة بيئية واقتصادية". ويوضح لـ"المدن" أن تأثير تغير المناخ في لبنان يختلف نسبياً بين منطقة وأخرى بحكم صغر مساحة البلد، لكن ذلك لا ينفي تداعيات خطيرة إذا غابت المعالجات الهيكلية.
يعتبر انخفاض معدل هطول الأمطار، من أبرز التداعيات لتغيّر المناخ في لبنان ما يؤدي إلى تهديد مباشر للأمن المائي. يشير أبي شاكر إلى أن المناطق مثل الهرمل والبقاع، التي تعتمد على الأمطار كمصدر رئيسي للمياه واجهت هذا العام شحًا مقلقًا، نتيجة لتراجع هطول الأمطار بنسبة تفوق 20 بالمئة عن المعدلات المعتادة. وتبرز الحاجة إلى إنشاء بنى تحتية مائية، مثل البرك الزراعية، لضمان استمرار الحياة الزراعية. وقد برزت إشكالية تراجع المتساقطات في انخفاض المعدل السنوي لمياه بحيرة القرعون بشكل لافت هذا العام.
يمتد أثر تغيّر المناخ إلى دورة المواسم الزراعية، ما يؤثر على المحاصيل البعلية مثل القمح. ويُجبر انخفاض الأمطار المزارعين على اللجوء لشراء المياه أو اتباع وسائل بديلة، ما يثقل كاهلهم المالي. ومع ذلك، يحمل ارتفاع الحرارة لفترات أطول جانبًا إيجابيًا لبعض المزروعات التي تتطلب درجات حرارة مرتفعة لاستكمال نموّها.
وتؤدي درجات الحرارة المرتفعة، وانخفاض الرطوبة، وجفاف الغطاء النباتي خلال موجات الحرّ إلى تكريس بيئة مثالية لاندلاع الحرائق والقضاء على الغابات، الأمر الذي يتسبب بخسائر جسيمة للأمكان الطبيعية، ويهدد التنوع البيولوجي، ويؤثر سلبًا على جودة الهواء.