المصدر: وكالة الأنباء المركزية
الثلاثاء 7 تموز 2020 14:44:01
لا يمكن لاي مراقب للساحة اللبنانية الا ان يتوقّف عند النشاط الدبلوماسي "اللافت" والمتجدد للسفراء الخليجيين والمواقف "المتصاعدة" للبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي والبناء عليها لإستشراف عنوان المرحلة الاتية على لبنان والاحداث المتوقّعة في المستقبل القريب.
ويكفي تسليط الضوء على مروحة اللقاءات التي يجريها السفير السعودي في لبنان وليد بخاري في دارته في اليرزة مع شخصيات محسوبة على الخط السيادي التاريخي للبنان وتوّجها اليوم بزيارة الى الديمان ولقاء البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي الذي يُطلق منذ مدة سلسلة مواقف ينتقد فيها السياسات المُعتمّدة التي تزيد من التدهور الاقتصادي، لإستنتاج ما يجري في كواليس هذه اللقاءات وبين سطور المواقف التي تُطلق من اجل تحديد وجهة البوصلة الداخلية.
ولا يبدو ان هذا الحراك الدبلوماسي محصور بالداخل، بل سيتلاقى مع نشاط خارجي تقوده دول ومرجعيات دينية لطالما وُضع لبنان في سلّم اولوياتها، وذلك من اجل المحافظة على هوية لبنان التاريخية والنموذج التعددي الفريد الذي شكّل صلة الوصل بين الشرق والغرب.
وفي الاطار، تؤكد اوساط دبلوماسية عربية مطلعة لـ"المركزية" "ان التواصل بين الفاتيكان والازهر دائم ومستمر والمشاورات قائمة بين المسؤولين منذ توقيع "وثيقة الاخوة والسلام" في دولة الامارات، وذلك إنطلاقاً من المحافظة على الانموذج اللبناني التعددي الذي يُجسّد هذه الوثيقة، والخروج بموقف واحد يتمسّك بالصيغة اللبنانية الفريدة والنظام السياسي القائم الذي يحفظ حقوق الطوائف والمكوّنات السياسية كافة".
وعلى هذا الخط، تلفت الاوساط الى "ان الفاتيكان غير مرتاح لما يجري في لبنان وللوضع الاقتصادي واتّجاه بلاد الارز الى الفقر والجوع، وهو ما عبّر عنه البابا فرنسيس في عظته منذ اسابيع عندما ناشد الدول مساعدة لبنان للخروج من الازمة القائمة".
وتشير الاوساط الى "ان الفاتيكان يسعى لانقاذ الوضع في لبنان عبر الدول الصديقة القادرة، لاسيما الاوروبية منها وهو يكثّف الاتصالات في هذا المجال معتبراً ان التوجه نحو الشرق ليس حلا للازمة".
وتلفت الى "تحرّك الازهر للاهداف نفسها وتواصله مع المرجعية المسيحية العليا في لبنان من موقعه السنّي العربي المُنفتح على الشرق والغرب معاً ورفض "خطف" لبنان التعددي نحو الشرق حصراً بتوجيه من حزب الله التابع دينياً للجمهورية الاسلامية الفارسية المُعادية للعرب".
وتتلاقى جهود الفاتيكان والازهر مع مناشدة البطريرك الراعي في عظة الاحد رئاسة الجمهورية (المارونية) تحديداً وليس الحكومة فكّ الحصار عن الشرعية وإعادة مدّ جسور التواصل مع الدول الصديقة تاريخياً للبنان من اجل إنتشاله من ازمته، ما يعني ان بكركي ارادت توجيه الرسالة الى الرئيس المسيحي الوحيد في الشرق من اجل وقف مساعي فريق سياسي يريد تغيير هوية لبنان التاريخية بالتوجّه نحو الشرق حصراً والتخلّي عن الميثاق التاريخي لبلد حوار الاديان والحضارات "لا شرق ولا غرب".
واذ ذكّرت الاوساط "بسياسة لبنان الخارجية التاريخية القائمة على معادلة "مع العرب اذا اتّفقوا وعلى الحياد اذا اختلفوا" وان لبنان عربي الهوية والانتماء اي يفترض ان يبقى في محيطه وليس في المحور الايراني (الفرس) وضد المحور الغربي العربي"، شددت على "ان لا يمكن للبنان ان يقدم نفسه في الامم المتحدة كبلد حوار وكساحة لانشاء اكاديمية على ارضه لاستضافة مؤتمرات الحوار وان يكون ملتقى الحضارات والاديان، وهو في الوقت نفسه جزء من صراع المحاور في المنطقة بإنحيازه الى المحور الايراني عبر حزب الله. فكيف سيُقنع العالم بحياده عن الصراعات ليكون واحة تلاق وحوار وهو متورط "حتى العظم" في الصراع القائم في المنطقة ويعدّ العدّة للتوجّه نحو الشرق متخلّياً عن وجهه التاريخي"؟