المصدر: وكالة الأنباء المركزية
الثلاثاء 30 نيسان 2024 16:09:14
مواقف لافتة أطلقها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي خلال رعايته الأسبوع الفائت ملتقى اتحاد المصارف العربية في بيروت، سطّرت المسار المرسوم في المرحلة المقبلة لإعادة الانتظام المالي وهيكلة القطاع المصرفي على نحو عادل يصلح ما أفسده بعض بنود الخطة السابقة التي كادت تقضي على الودائع كافة آخذةً في طريقها القطاع المصرفي برمّته.
إذ قال ميقاتي في المناسبة "هدفُنا الاستمرار في العمل تدريجياً على حلّ الأزمة الاقتصادية – المالية الحالية وإنقاذ البلد، وفق جدول زمني مُحدَّد، يشمل إقرار الإصلاحات والقوانين والتشريعات الضرورية، وتوزيع الخسائر المالية، وإقرار قانون الـ"كابيتال كونترول" وتنفيذه، والمحافظة على أموال المودِعين في المصارف اللبنانية، وإعادة هيكلة القطاع المصرفي على نحو مُنصِف وعادل...".
انطلاقاً من هذا الهدف الذي جاء على لسان رأس السلطة التنفيذية، يبدو أن النقاش يتجدّد حول قانون إعادة الانتظام إلى العمل المصرفي، وهذا البحث المتجدّد في الملف مؤطَّر بروحيّة أفضل مما كانت عليه عند صياغة الخطة السابقة التي اعترف الرئيس ميقاتي نفسه أمام أحد المصرفيين بأنها جاءت مُجحِفة في حق القطاع والمودِعين على السواء.
هذا ما يؤكده مصدر مصرفي لـ"المركزية"، الذي يعتبر أن "كلام الرئيس ميقاتي في الملتقى، يعكس حقيقة المباحثات الجارية حول خطة مُنصِفة وعادلة لإعادة هيكلة القطاع المصرفي. إذ إن رئيس الحكومة والدولة مجتمعةً باتا على قناعة تامة بوجوب إيجاد حلّ واقعي ومُنصِف للجميع كي يكون قابلاً للتطبيق، وإلا ما الجدوى من وضع الخطط التي "تُكعي" الجميع؟!"
ويكشف المصدر أن "تضمين ميقاتي مسألة "توزيع الخسائر المالية" في سياق حلّ الأزمة الاقتصادية – المالية الحالية (كما ورَدَ في كلمته آنفاً)، يؤكد أن الدولة نفسها تقرّ بضرورة توزيع الخسائر، الأمر الذي يدحض الكلام الذي يروّج بأن المصارف تصوّب بوصلة المسؤولية على الدولة وحدها كي تَنفَد بنفسها هرباً من تحمّل مسؤوليّتها في المشكلة المالية القائمة... إنه كلام تضليلي بامتياز يصبّ في خانة "الادّعاءات الخبيثة"، لأن المصارف لم تتهرّب يوماً من تحمّل مسؤوليتها في توزيع الخسائر ومواقفها المتتالية منذ اندلاع الأزمة حتى اليوم، تؤكد أنها في صلب المسؤولية ولكن ليس وحدها مّن يتحمل كامل المسؤولية بل الدولة ومصرف لبنان أيضاً. والدليل على ذلك أنها لم تتردّد مرةً في رفد المودِعين بالمال وكانت تلجأ إلى إعطاء الشيكات "برصيد" للمودِعين لسحبها من مصرف لبنان، لكن الأحير لم يكن يلبّي المودِعين كون ملاءته قد نَفدَت ولم يعد لديه بالتالي أي سيولة لإعطائها لأصحابها.
وهنا، يتابع المصدر، "ظهرت المشكلة على حقيقتها عندما تبيّن أن مصرف لبنان غير قادر على إعطاء سيولة نقدية لصاحب الوديعة ولا حتى تحويل شيك مسحوب إلى الخارج. ما يعني أن الأزمة في بدايتها كانت "أزمة سيولة" وليس "أزمة ملاءة"... كما أن المصارف لعبت دور المُدافع عن المودِعين بشكل واضح وجَلي، وحين تبيّن أن خطة الدولة لحظت بنداً يتضمّن محاولة لشطب الودائع، سارعت المصارف إلى مجلس شورى الدولة حيث تقدّمت بدعوى ناجحة تتعلق بهذا البند تحديداً، كي لا تُفَسَر خطوتها هذه على أنها تعارض أي خطة فيما العكس صحيح إذ كانت ولا تزال تفضّل أي خطة على البقاء في هذا الوضع القاتِم، لكنها في الوقت ذاته تعارض كل بند يحاول شطب أموال المودِعين أو يُلحق الضرر بالقطاع المصرفي كون الضرر سينسحب تلقائياً على المودِع واقتصاد البلد معاً".
الموضوع لم يعد إنصاف المودِع أو المصرف، يقول المصدر، "إنما العمل على خطة واقعية قابلة للتنفيذ توصِل الحق إلى أصحابه".
هذه الوقائع تتقاطع مع ضغوط أميركية لإعادة هيكلة المصارف... ضغوط تلمّسها وفد مصرف لبنان برئاسة الحاكم بالإنابة وسيم منصوري خلال اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليَين في الولايات المتحدة الأميركية. هل تفلح الحكومة ومجلس النواب كما البنك المركزي، في التوصّل إلى خطة تُعيد الانتظام إلى العمل المصرفي على نحو يُنصِف المودِعين والمصارف ويُرضي صندوق النقد والبنك الدوليَين في آن؟!