موظفو الدوائر العقارية إلى إضراب تضامني مع الفاسدين!

رغم التهديدات بالإضراب لشلّ الدوائر العقارية، التي يقوم بها بعض أمناء السجل، تتواصل التحقيقات في ملف الفساد العقاري الكبير الذي فتح في نهاية العام الفائت. أما قضائياً فقد خصص قاضي التحقيق نقولا منصور جلسة استجواب لسبع سيدات بملف عقارية بعبدا منذ يومين، وصدّر بحقهن مذكرات توقيف وجاهية. هذا فيما ملف عقارية عاليه ما زال مفتوحاً في النيابة العامة الاستئنافية في بعدا، بإشراف المحامي العام القاضي سامر ليشع.

الاستعانة بالسماسرة
في ظل المعلومات عن مواصلة التحقيقات لتطال مختلف الدوائر العقارية، بدأ أمناء سجل، خصوصاً في أمانات الجنوب، بالتواصل مع زملائهم في مختلف المناطق لتنظيم إضراب في الدوائر العقارية في لبنان، تحت ذريعة الوقوف إلى جانب زملائهم "المظلومين" الموقوفين، وفق ما أكدت مصادر لـ "المدن".

وتضيف أن شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي توقف الموظفين بناءً على إشارة النيابة العامة. فقد سبق وتعاون سماسرة مع الأجهزة الأمنية، وكشفوا معلومات حول تورط الموظفين، وتم توثيق كل التجاوزات من خلال الصوت والصورة، عبر الاستعانة بمخبرين. وقد استفاد السماسرة من قانون حماية كاشفي الفساد، الذي يؤمن لهم الحماية، وبالتالي كرت سبحة التوقيفات. علماً أن شعبة المعلومات لم توقف أي موظف من دون إشارة قضائية.

موظفون خائفون
ووفق المصادر، تم ابلاغ أمناء سجل، الذين يتصلون لتنفيذ الإضراب، أن هذا التحرك لن يؤدي إلى أي نتيجة، لأن القضاء عازم على مواصلة التحقيق وتوقيف المتورطين. وقيل لهم أن هذا ما يجب أن يحصل منذ زمن بعيد. بالتالي من يدعو للإضراب يقف بوجه القضاء لأنه متورط بملفات فساد. أما من كان نزيهاً في مسيرته المهنية، فيجب ألا يخاف، بل بالعكس، عليه مساعدة الأجهزة الأمنية، التي توقف الموظفين بناءً لاستنابات قضائية، وليس تعسفياً.

وتضيف المصادر أن أمناء سجل يتواصلون مع موظفين في المالية للانضمام إلى الإضراب الذي لم يحدد موعده بعد. وفي المعلومات ستطال التحقيقات الدوائر المالية لأنها مرتبطة بالعقارية، مثل دائرة الأملاك المبنية، التي تصدّر القيمة التأجيرية، لاستفاء الدولة الرسوم العقارية. لذا يتحرك أمناء السجل في اتجاه الموظفين في المالية، لتوسيع رقعة التحركات الاحتجاجية.

توسع التحقيقات في كل لبنان
جدية التوقيفات وتوثيق كل الممارسات في العقارية، وتحرك الأجهزة الأمنية بناء على إشارة النيابة العامة، دفع البعض إلى التشويش على التحقيقات من خلال بث شائعات عن عزم مئات الموظفين تقديم استقالاتهم من وظائفهم احتجاجاً على ما يتعرض له زملاؤهم من "توقيفات تعسفية". وذهب البعض الآخر إلى إطلاق شائعات عن عزم الدولة التخلص من الموظفين لتقليص القطاع العام، كما يريد البنك الدولي. لكن جل ما في الأمر أن هذا البعض شعر بأن القضية باتت تكبر تباعاً وستطال جميع المرتكبين.

مصادر مطلعة أكدت أن التحقيقات في ملفات الفساد في العقارية ستطال جميع الدوائر تباعاً والدوائر المالية أيضاً. فقد تم توثيق الهدر والفساد في مختلف الدوائر من خلال مخبرين، ومسألة التوقيفات رهن الاستنابات القضائية فحسب.

رغم أن الفساد الإداري من ضمن صلاحيات التفتيش المركزي، الذي يقع على عاتقه إجراء التحقيقات واتخاذ العقوبات المسلكية، إلا أن تحرك القضاء من خلال الأجهزة الأمنية يتم من خلال قانون الإثراء غير المشروع. وهذا ما جعل المتورطين يخافون من وصول الدور إلى إدارتهم. فرغم كل أساليب التخفي التي يلجأ إليها بعضهم (عدم تسجيل عقارات باسمائهم، وعدم فتح حسابات مصرفية وغيرها)، كشفت العديد من التوقيفات لجوء البعض إلى شراء سبائك الذهب وغيرها. وبالتالي بدأ البعض يتحرك ويعمل على تنظيم إضراب في العقاريات، ودعوة أهالي الموقفين والموظفين إلى التحرك أيضاً، للضغط على القضاء لإقفال الملف.