المصدر: الشرق الأوسط
The official website of the Kataeb Party leader
الأربعاء 2 حزيران 2021 08:45:25
على وقع تفاقم الأزمات المعيشية في لبنان، يبدأ اليوم الموظفون في الإدارات والمؤسسات العامة ذات الطابع الإداري إضراباً تحذيرياً لمدة 3 أيام، مطالبين الدولة بالنظر إلى أحوالهم، بعدما خسرت رواتبهم أكثر من 80 في المائة من قيمتها بسبب انهيار سعر صرف الليرة.
«أتقاضى 3 ملايين ليرة شهرياً؛ أي ما كانت قيمته منذ أقل من عامين ألفي دولار. أما اليوم، فقيمته 230 دولاراً (الدولار بحدود 13 ألف ليرة حالياً)، وذلك بعد 20 سنة خدمة في القطاع العام»، يقول أحد الموظفين في وزارة المالية، مضيفاً في حديث مع «الشرق الأوسط» أن راتبه لم يعد يكفي حتى بدل استهلاك سيارة ووقود للذهاب يومياً إلى العمل، لا سيما أن منزله خارج العاصمة بيروت، حيث مكتب العمل.
حال هذا الموظف كحال آلاف الموظفين في القطاع العام الذين تآكلت قيمة رواتبهم حتى باتت، حسب دراسة لشركة «الدولية للمعلومات» بين الأدنى في العالم، وتوازي أو ربما تقل عن أفقر الدول، إذ إن راتب موظفي الفئة الأولى الذين يأتون بأعلى الهرم يبدأ بـ4 ملايين ونصف المليون ليرة؛ أي ما كان يساوي 3 آلاف دولار، وباتت قيمته اليوم 346 دولاراً. أما موظف الفئة الخامسة (أسفل الهرم)، فيبدأ راتبه من 950 ألف ليرة؛ أي ما كانت قيمته نحو 630 دولاراً، وباتت اليوم 73 دولاراً.
وأشارت «الدولية للمعلومات» إلى تراجع رواتب وتعويضات العسكريين من مختلف الرتب والدرجات، إذ أصبح راتب اللواء وتعويضاته في الدرجة الـ7، وهي الأعلى في القوى الأمنية (بعد رتبة العماد في الجيش)، نحو 900 دولار، بعدما كان يبلغ 5637 دولاراً. أما راتب الجندي في الدرجة الأولى، وهي الأدنى، فقد أصبح أقل من 138 دولاراً، بعدما كان سابقاً 864 دولاراً.
ولا يمكن حل مشكلة تآكل رواتب موظفي القطاع العام عبر زيادتها، حسب ما يرى الخبير الاقتصادي وليد أبو سليمان، فأي زيادة للأجور من دون خطة إصلاح متكاملة سيؤدي حتماً إلى زيادة التضخم، ما يعني تآكلاً أكبر بالقدرة الشرائية، بحيث تصبح الزيادة بلا قيمة، كأنها لم تكن.
ويشير أبو سليمان، في حديث مع «الشرق الأوسط»، إلى أن الحل يكون عبر إعادة هيكلة القطاع العام الذي يعاني من انتفاخ بسبب التوظيفات السياسية، لا سيما أن موظفي القطاع العام يشكلون 30 في المائة من القوى العاملة في لبنان، وهي نسبة كبيرة جداً.
ويضيف أبو سليمان أن موظفي هذا القطاع يشكلون عبئاً مالياً كبيراً على الدولة، فهناك 320 ألف موظف عام ثابت ومتعاقد، بين مدني وعسكري، يكلفون الدولة 12 ألف مليار ليرة سنوياً.
ويُشار إلى أن الجهات الدولية المانحة كانت قد طلبت من لبنان تنظيم القطاع العام، في شرط أساسي للحصول على مساعدات، الأمر الذي دفع المعنيين إلى تضمين مشروع موازنة العام 2021 مواد تخفض التصنيف الاستشفائي لموظفي الفئة الثالثة، وتجمد الإحالة على التقاعد لمدة 3 سنوات، وتوقف المعاش التقاعدي للموظفين الجدد في الوظيفة العامة، فضلاً عن مواد تتحدث عن تخفيض أعداد الموظفين تدريجياً.
وأمام هذا الواقع، يؤكد الدكتور وليد الشعار، عضو هيئة التنسيق النقابية مندوب وزارة المالية في رابطة موظفي الإدارة العامة، أن موظفي القطاع العام، على الرغم من أن رواتبهم باتت بلا قيمة، يعرفون أنه ما دام أنه لا توجد حكومة حالياً، وما دام أن مجلس النواب معطل، فهناك استحالة لطلب زيادة على الرواتب والتعويضات، مضيفاً في حديث مع «الشرق الأوسط» أنه حتى لو تشكلت حكومة، فهناك مشكلة اقتصادية تمنع زيادة الرواتب، لذلك يحاول هؤلاء إيجاد حلول وسطية تخفف عليهم، منها المطالبة بتقليص ساعات الدوام، ليصبح حتى الثانية ظهراً، بدلاً من الثالثة والنصف بعد الظهر، حتى يتمكن الموظف من توفير عمل ثان في القطاع الخاص يؤمن له دخلاً إضافياً، فضلاً عن الالتزام بالمناوبة بنسبة 50 في المائة حداً أقصى.
وكانت الهيئة الإدارية لرابطة موظفي الإدارة العامة قد أعلنت، أمس (الثلاثاء)، الإضراب الشامل، مع عدم الحضور في كل الادارات والمؤسسات العامة ذات الطابع الإداري لثلاثة أيام، تبدأ صباح اليوم (الأربعاء)، ويتم تمديدها إذا دعت الضرورة.
وقالت الهيئة إن المعنيين لم يحاولوا أن يجدوا حلولاً للأزمة التي يمر فيها الموظفون، والتي هي بحدها الأدنى عجزهم عن تأمين حتى كلفة الانتقال إلى مراكز وظائفهم، وهم الآتون من مناطق بعيدة، ورواتبهم بالكاد تغطي المحروقات لسياراتهم أو ثمن فرامل أو غيار زيت، من دون أي حساب لحاجات العائلة، ما يجعل من الصعب تنفيذ توصية «الغرفة الوطنية لإدارة الكوارث» بالعودة إلى الدوام الكامل في الإدارات والمؤسسات العامة والبلديات.