المصدر: النهار
الكاتب: روان أسما
الأحد 17 أيلول 2023 16:45:56
انتهت العطلة، وانطلقت التحضيرات من المدارس والأهالي معاً للسنة الدراسية. وبدايتها هي المرحلة الأشد قساوة، نتيجة الدفوعات المتوجبة على أهل، من تسجيل الأولاد، وشراء المستلزمات المطلوبة من قرطاسية ومكتب ومراويل، إلى دفع جزء من القسط السنوي، المرتفع هذه السنة.
تشهد أسعار الكتب المدرسية والقرطاسيةّ ارتفاعاً هستيريّاً هذا العام، من دون اعتبار جدّي للأزمة الاستثنائية التي تمر فيها البلاد. قد يكون هناك الكثير ممن يستطيعون الدفع وهذا بات معلوماً، لكن هناك فئة فقيرة نسبياً، ومنها من يقايض الأسعار بلقمة عشاء أو دواء لتأمين التعليم لأطفالهم. كما ان التعميم الخاطئ بأن جميع اللبنانيين يملكون المال، "انظروا المقاهي والمطاعم، والعجقة على الطرقات" لا تعني أنّ البلد والسًلم الاجتماعي المعيشي بخير.
على سبيل المثال، من يتقاضون الحد الأدنى للأجور، هل يمكن أن تكفي لتجهيز طفل واحد للدخول على المدرسة؟ علماً أنّ السنة الدراسية لا تخلو من المفاجآت المالية التي تفرضها أحياناً الإدارة على التلامذة.
مع انطلاق العام الدراسي حالياً، انطلقت معه رحلة البحث عن الكتب والقرطاسية خصوصاً أن الكتب منها ما هو محلي ومنها
ما هو مستورد من الخارج ليطابق البرنامج التربوي المعتمد من قبل المدرسة. هذا ما يدفع بعض المدارس الخاصّة إلى عدم تسعير الكتب الخاصّة، ويُطلب من الأهل دفعة أولى عن كلّ كتاب تتراوح بين 200 و300 الف ليرة للكتب المطبوعة محليّاً وآخر بالدولار الأميركي عن كلّ كتاب مستورد.
خطة قديمة – جديدة
وللتوفير في الأسعار، لجأ الكثير من الأهالي إلى مقايضة الكتب بين الصّفوف أو شراء كتب مستعملة بسعر أقلّ إن توافرت أو أتت متطابقة مع البرنامج التربوي. تقول السيدة ياسمين وهي والدة لابنتين في مدرسة خاصّة في بيروت إنّها اضطرّت هذا العام وعن غير عادة لشراء عدد من الكتب المستعملة لابنتها الكبرى بسعر 60 دولاراً بانتظار تحديد أسعار النصف الآخر، ناهيك عما يُعرف بالدليل (الشامل، والقصص وكتب شرح المواد المبسّطة) والتي تساعد الطلاب في التحضير لامتحاناتهم.
أمّا السيدة دانا، والدة طفل في الروضة الثانية في مدرسة خاصّة، فدفعت ثمن كتب اللغة العربية والإنكليزية 52 دولاراً من دون تحديد سعر المواد الأخرى، قرطاسية المدرسة وغيرها من المستلزمات.
التعليم الرّسمي
أمّا المدارس الرسميّة فلا يتكبّد تلميذ الرّسمي عناء دفع ثمن الكتب المدرسيّة كافّة إذ انّ منظمة الأمم المتحدة للطفولة الـ"يونيسيف" تساهم في طباعة وتسليم كتب مدرسية للمدارس الرسمية مجاناً لأنّ "التعليم حقّ لكلّ طفل". وفي بداية كلّ عام تُفرز الكتب وتقسّم وفق الصفوف واللّغات وتوزّع على التلامذة بالإضافة للشنطة، المقلمة والقرطاسية.
توزّع الكتب على الجميع مجاناً، لكن إن يحق لكل أستاذ أن يستبدل الكتاب الرسمي بكتاب مبسّط أو بأوراق مطبوعة، فيتحمّل التلميذ تكاليفها بالإضافة إلى كتاب التاريخ الذي تختاره كلّ مدرسة لأنّ لا كتاب تاريخ موحّد ومتّفق عليه في لبنان ولكلّ إدارة الحريّة في اختيار الكتاب أو دار النّشر.
إشارة إلى أن المدارس الرسمية لا تتسلّم سنويّاً كتباً جديدة، إذ عند نهاية كلّ عام يسلّم التلميذ كتبه إلى الإدارة ليحصل على شهادته وبهذه الطريقة تضمن إدارة المدرسة توفير الكتب للتلامذة الجدد. واذا ازداد عدد التلامذة في أحد الصفوف إمّا أن توفّر له المدرسة طباعتها مجاناً أو يشتريها بنفسه.
وفي ما خص أسعار كتب المدراس الخاصّة فحدّث ولا حرج، خاصّة تلك التي تتبع المناهج الأميركية والفرنسية وتستورد كتبها أو تجدّدها كلّ عام وفقاً للمنهاج المتّبع في الخارج. في بعض الصّفوف يتخطّى سعر الكتاب الواحد المئة دولار وما فوق لمواد الرياضيات والعلوم الاجنبية والفرنسية وفق كلّ اختصاص، وتتراوح أسعار كتب المواد المتبقية بين الـ60 و100 دولار للكتاب الواحد فقط، وذلك وفقاً لدولرة الأسعار في جميع المؤسسات والمكتبات.
وإذا أردنا احتساب معدّل الكلفة الإجماليةّ لبداية العام الدراسي، وهنا لا نتحدّث عن اختيارات الطبقة الميسورة، بين رسم تسجيل وكتب وقرطاسيّة، نصل على النتجية الآتية:
رسم تسجيل عام دراسي جديد بين 200 – 400 دولار
شنطة مدرسية بين ـ20 و70 دولاراً
مقلمة: بين 7 – 20 دولاراً.
كتب المواد كافةّ في بعض المدارس تتراوح بين الـ200 والـ400 دولار أميركي.
قرطاسيّة: أقلام، ممحاة، مبراة، مقصّ، دفاتر، أوراق، ملفّات ومفكرة بين 40 و80 دولاراً.
آلة حاسبة: 20 – 60 دولاراً وفق المواصفات المطلوبة لكلّ صف.
علبة هندسة 5 – 12 دولاراً.
"التعليم حقّ للجميع" ولكن مع تراجع الوضع الاقتصادي، بات هذا الحقّ أمراً صعباً ومتعذّراً أحياناً لفئة قد يتخطّى رسم تسجيل طفل واحد أو سعر قرطاسيّة ميزانيّتها الشهريّة كعائلة. وفي موازاة هذه الصعوبات، يأمل اللبنانيون أن ينتظم المسار التعليمي، وتُعالج كل المشاكل لدى العام والخاص، كي لا نشهد عاماً متقطعاً أسوة بما حصل العام الفائت.