المصدر: النهار
الكاتب: سابين عويس
الأربعاء 1 أيار 2024 08:55:47
منذ مقتل القيادي في حزب "القوات اللبنانية" باسكال سليمان على يد سوريين، عاد ملف النزوح السوري ليطفو على رأس الاهتمامات الرسمية، خصوصاً ان تلك الجريمة ترافقت مع جرائم قتل اخرى في مناطق لبنانية مختلفة تحت اسباب متعددة كان اهمها السرقة، الامر الذي طرح علامات استفهام حول المخاطر الامنية المترتبة على التفلت السوري في لبنان وعدم خضوع النسبة الأكبر من النازحين للقوانين اللبنانية.
وعلى ابواب مشاركة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في مؤتمر بروكسيل للنزوح في نهاية ايار الجاري، تفاوتت المواقف الاوروبية بين مؤيد لطرح انشاء مناطق آمنة تسمح للسوريين بالعودة إلى بلادهم، وبين معارض لطرح كهذا، وداعم لاستمرار بقاء هؤلاء في لبنان، مع كل ما يتطلبه الامر من مساعدات وتمويل، تبين بنهاية المطاف انها تصل مباشرة الى السوريين، فيما تراجعت حصة لبنان من الدعم في شكل كبير، بات معه عاجزاً عن تحصين شبكات البنى التحتية والحماية.
ففي وقت عبّرت كل من إيطاليا وقبرص واليونان عن دعم اقتراح انشاء المناطق الآمنة، كانت فرنسا والى جانبها ألمانيا في طليعة المعارضين تحت ستار الحرص على عودة طوعية وآمنة، كما عبّر وزير خارجيتها ستيفان سيجورنيه خلال زيارته الأخيرة الى بيروت، فيما لا يزال الاتحاد الأوروبي على موقفه من ضرورة بقاء النازحين السوريين في لبنان وتقديم المساعدة لهم ولمؤسساته وناسه، كي يتمكن من الصمود تحت ثقل اعباء النزوح، كما قال المفوض الأوروبي لشؤون الجوار والتوسع أوليفر فارهاليي عندما زار بيروت اخيراً. وكان سيجورنيه أثار هذا الموضوع مع رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي لفته إلى المقاربة الفرنسية والألمانية الرافضة للعودة. ولم يعطِ الوزير الفرنسي جواباً واضحاً باستثناء ان هناك اعادة قراءة أوروبية لتلك المقاربة.
وفي السباق مع الوقت الفاصل عن موعد مؤتمر بروكسيل والحشد المطلوب لدعم اقتراح المناطق الآمنة، يزور الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليديس ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فاندر لاين لبنان غدا الخميس، علماً ان زيارة خريستودوليديس هي الثانية له في غضون نحو شهر.
ولا تزال فكرة العودة الطوعية تقابَل بالرفض رغم ان لبنان كان وضع خطة لذلك في حزيران من العام 2023 تم توقيعها مع الجانب السوري وتقضي بإعادة 15 ألف نازح شهرياً مع لحظ استقبال 180 ألفا في مرحلة اولى بعد تأمين وتجهيز نحو 480 مركز إيواء. وانطلقت في تشرين الاول من ذلك العام اول دفعة طوعية. ورغم ان مديرية الامن العام اللبناني تطبق القرار الحكومي، القاضي بترحيل 15 الف نازح شهرياً ضمن خطة العودة، إلا ان هذا القرار كان دونه الكثير من العقبات في التطبيق، ولم يطبق حرفياً. وقد اصدر الامن العام مطلع كانون الثاني الماضي تذكيراً بانه ضمن برنامج العودة الطوعية للراغبين بالعودة إلى بلادهم، يعلن الامن العام عن بدء التحضيرات لإطلاق قافلة عودة طوعية. لكن المشكلة ان الخطة اخذت عند اقرارها في الاعتبار أعداد النازحين في حينه، فيما تضاعفت هذه الأرقام اليوم، وباتت بالتالي تحتاج إلى اعادة نظر في أرقامها ومقاربتها إذا كانت النية فعلاً موجودة لضمان عودة الراغبين.
وكان لافتاً امس لقاء رئيس حكومة تصريف الأعمال بالأمين العام للمجلس الأعلى اللبناني - السوري نصري خوري بعد فترة طويلة من انقطاع الأخير عن اي نشاط، وكان بحثٌ في ملف النازحين وتسهيل عودتهم. وأوضح ميقاتي لـ"النهار" ان الحديث تناول مسألتين: الاولى كيفية تفعيل الاتفاق الموقع بين لبنان وسوريا عام 2010 حول السجناء والموقوفين بتهم جزائية وليس سياسية، وقد طرح خوري امكان توقيع اتفاق جديدة لكن لبنان ليس في هذا الوارد الآن بل الافادة من الاتفاق القائم. اما الملف الثاني فأوضح ميقاتي انه تناول مسألة ضبط الحدود من اجل ضمان نجاح العودة الطوعية، علماً ان السلطات السورية تشكو من عدم ضبط هذه الحدود.
وعما إذا كان هناك توجه لأي زيارة رسمية لمسؤولين لبنانيين إلى دمشق لتفعيل خطة العودة الطوعية كونها تحتاج إلى التنسيق مع السلطات السورية، نفى ميقاتي وجود اي اقتراحات في هذا الشأن في الوقت الراهن.
لا تعوّل مصادر سياسية كثيراً على الحراك الجاري رغم اهميته، نظراً إلى ان الموقف الأوروبي في شكل عام لا يزال على حاله، والدول الرافضة له هي الدول المتضررة من الهجرة غير الشرعية الحاصلة من الشواطىء اللبنانية، ولكنها لا تملك قوة التأثير الكبرى!