المصدر: النهار
الكاتب: روزانا بو منصف
الأربعاء 25 أيلول 2024 07:59:06
سرقت المواقف التي ادلى بها الرئيس الايراني مسعود بزشكيان من نيويورك من ان " حزب الله" لا يستطيع مواجهة اسرائيل منفردا الاضواء، حتى عن عمليات القصف الاسرائيلية على خلفية الزج بالحزب بالنيابة عن "وحدة الساحات" من ضمن المحور الايراني او تحت شعارها ومعه لبنان باسره في حرب غير متكافئة ومعروفة سلفا بانها كذلك. والحد الادنى الذي يمكن ان تذهب اليه الامور بالنسبة الى الحزب استنادا الى فرض اسرائيل النزوح القسري لاهالي الجنوب بقوة النار هو مقايضة عودة المواطنين في قرى جنوب الليطاني الى قراهم في حال لم تهدم متى عاد المستوطنون الاسرائيليون الى مستوطناتهم في شمال اسرائيل، وهذا قد يطول وسيلقي بثقله على الحزب بقوة من اجل ان يقرر خطوته التالية.
ولكن المفاوضات التي يرجح ديبلوماسيون تراجع حجم العمليات العسكرية الاسرائيلية قياسا على ما جرى يوم الاثنين بنحو اكثر من الف ومئة غارة من اجل الافساح في المجال لاجرائها ستحصل مع ايران التي ستبقي على وفدها الديبلوماسي المرافق لبزشكيان في نيويورك حتى بعد مغادرة الاخير والذي يضم نائب وزير الخارجية للشؤون السياسية مجيد تخت روانجي ونائب الرئيس للشؤون الاستراتيجية محمد جواد ظريف والمفاوض النووي الإيراني الرئيسي كاظم غريب آبادي.
والاولان كانا جزءًا من فريق التفاوض النووي الإيراني في عهد الرئيس السابق حسن روحاني الذي حصل توقيع خطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015 في اثناء ولايته ، في حين ان غريب آبادي كان الممثل الإيراني لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية بين 2018 و2021. ما اعلنه ظريف من نيويورك من استعداد بلاده التعاون مع الدول الاخرى بانهاء الحرب في غزة ، يعد احد اهم الابواب لوقف الحرب في لبنان ايضا على نحو لا يظهر الحزب انه قام باي تنازل لا سيما مع استمرار ربطه وقف القتال بالحرب في غزة . ولكن الافق للتعاون الايراني في ظل تداعيات ما يحصل في لبنان لم يعد يتعلق بوقف الحرب الراهنة والعمل على تفاهم غير مكتوب ربما في موازاة القرار 1701 الذي لا سبيل لاستخدام بديل منه يرسي وضعا جديدا في الجنوب ، بات يراه مراقبون ديبلوماسيون على نحو مختلف. فالتغيير الجوهري الذي اصاب " حزب الله" والاضعاف الاستراتيجي الذي واجهه لا قبل له حتى في اقصى تمنيات اللبنانيين الراغبين بقوة اعادة دولتهم على قاعدة عدم بقاء دويلة الحزب خارج الدولة او كرديف لها احيانا والسيطرة عليها احيانا كثيرة من ضمن ما توهم البعض بان استراتجية دفاعية كانت ستتكفل بذلك في وقت من الاوقات.
يعتقد هؤلاء ان التعاون الايراني الجدي وفتح ابواب اعادة ايران الى المجتمع الدولي ورفع العقوبات عنها، وهما الشرطان التي تسعى ايران الى تحقيقهما في مقابل الملف النووي الذي يطالب به الغرب وموضوع النفوذ الاقليمي لايران بالاضافة الى صواريخها البالستية، ينبغي ان يحصل من ضمن اثمان معينة من بينها ما يتصل بورقة نفوذها الاقليمي لجهة اضطلاعها بعدم تسليح الحزب كما حصل في العقود القليلة الماضية . الاعتقاد يذهب في هذا الاطار ان انخراط الحزب كحزب سياسي من ضمن الدولة اللبنانية هو الجزء الاهم الذي يمكن ان يوفر للبنان اطمئنانا الى المستقبل وليس حروبا تقع كل عقد او اكثر بقليل يتولاها الحزب ولمصلحة اهداف لا تتعلق بلبنان ومصالحه على غرار خوضه غمار الدفاع عسكريا عن غزة وقبله عن سوريا وقبل ذلك تحويله ساحة لحرب الفلسطينيين من لبنان.
اذ تدرك ايران تماما ان الحزب في حربه الراهنة هو غيره في حرب 2006 والتي انهك فيها ايضا ليخرج " منتصرا " انما هو الان في بلد منهار اقتصاديا ومؤسساتيا ويحمل ثقل حرب لا علاقة له بها نيابة عن "وحدة الساحات " التي لم تقم فعلا سوى عبر لبنان . يضاف الى ذلك استحالة اعادة تمويل اعماره اذا قيض للبلد العودة الى ما كان عليه قبل حرب غزة . والمعادلة في هذا الاطار قد تكون مماثلة الى حد كبير لما يجري في غزة من حيث عدم رغبة الخارج ولا سيما الدول الخليجية الفاعلة باعادة تمويل اعمار القطاع الذي لن يلبث ان تخاض معارك تدميره من جديد في ظل مطالبة بحل سياسي لا يعيد السلطة فيه لحركة " حماس". والمعادلة نفسها تنطبق على لبنان.
ثمة مخرج طبيعي سريع للازمة يبدأ بانتخاب رئيس للجمهورية بعيدا من الشروط السابقة على نحو يعم البلد ويأخذه الاى مكان اخر بالاضافة الى تأليف حكومة جديدة تساهم في انهاض البلد. فاي مسار اخر يبقى خطيرا ومدمرا للبلد واهله ولم يعد الحزب بمعزل عن المسؤولية المباشرة في ذلك حتى لو ان اسرائيل من قامت بذلك.