المصدر: المدن
الأربعاء 17 أيلول 2025 00:26:44
في الوقت الذي كانت تختتم فيه القمة الإسلامية الاستثنائية في العاصمة القطرية الدوحة للردّ على العدوان الإسرائيلي على قطر، كان بنيامين نتنياهو يعطي أوامره للجيش الاسرائيلي ببدء العملية البرية لاجتياح مدينة غزة. كان ذلك عملياً هو الردّ الإسرائيلي الفعلي على القمة، من خلال تأكيد رئيس الوزراء الإسرائيلي مضيّه قدماً في معاركه العسكرية، من دون الافساح في المجال أمام أي وساطة أو مبادرة لوقف إطلاق النار. خيار نتنياهو هو الحرب المفتوحة، وهو ما سيواصله في جبهات عديدة، كما يقول، إذ لم تكد تمضي ساعات على انتهاء القمة، حتى شنت الطائرات الإسرائيلية غارة على منطقة سكنية في محيط مدينة النبطية في جنوب لبنان، وبعدها جاءت التحذيرات الإسرائيلية لإخلاء ميناء الحديدة في اليمن.
أراد لبنان للقمة الإسلامية في الدوحة ان تشكل درعاً حمائياً له في مواجهة التصعيد الإسرائيلي عسكرياً، ومواصلة الضغوط أمنياً وسياسياً بالتعاون مع الولايات المتحدة الأميركية. شكلت القمة فرصة كي يتمكن لبنان من استعادة توازنه في مواجهة الضغوط، لعلّه يتم الوصول إلى صيغة تفرض على الأميركيين وقف الحرب الإسرائيلية ومنع تصاعد وتيرتها واتساع أفقها، إلا أن نتنياهو اختار رداً مختلفاً. ردّ يجعل مختلف الدول العربية تستشعر المزيد من المخاطر، إما من خلال مواصلة إسرائيل تنفيذ عمليات اغتيال، أو من خلال مواصلة العمليات العسكرية. ذلك يدفع لبنان للتخوف أكثر مما يحضر له الإسرائيليون، لا سيما أنه قبل أيام قال المسؤولون الإسرائيليون إنهم سيواصلون الحرب ضد حزب الله والحوثيين بعد إنهاء الحرب في غزة، وهذا يعني أن ثمة استعداداً إسرائيلياً للدخول في جولة قتال جديدة ضد لبنان.
بحسب ما تشير مصادر ديبلوماسية متابعة، فإن نتنياهو يعمل على تحقيق مشروعه بالقوة العسكرية، ما يعني أنه سيسعى إلى إجهاض كل المحاولات السياسية أو المفاوضات الساعية للوصول إلى وقف لإطلاق النار. يخلص ديبلوماسيون إلى القول أن ما سيدفع نتنياهو لوقف الحرب هو تغير جذري في الموقف الأميركي أو تعرضه لضربة قوية، تجعل إسرائيل تبحث فعلاً عن مسار لوقف الحرب والتوصّل إلى اتفاق سياسي.
على مستوى لبنان، يتزايد الحذر بما يخص آلية العمل الإسرائيلية. وعلى الرغم من عدم التصعيد السريع أو المتواصل، إلا أن لحظات الهدوء التي تشهدها الجبهة لا تبدو مطمئنة للبنانيين، الذين يعتبرون أنه ما بعد كل هدوء يتم تنفيذ عملية عسكرية، غالباً ما تكون مفاجئة في مكانها وزمانها ومقصدها. في هذا السياق، تتزايد المؤشرات إلى احتمال إقدام الإسرائيليين على توسيع أو تكثيف نطاق العمليات العسكرية الجوية ضد مواقع وأهداف لحزب الله. وللمفارقة أن الإسرائيليين يرسلون شروطهم ومطالبهم بضرورة مداهمة مواقع لحزب الله في الجنوب والبقاع، وبعدها يتم استهداف هذه المواقع.
خرج لبنان من جلسة الحكومة في 5 أيلول بصيغة مريحة وملائمة لمختلف القوى الداخلية، وهذا ما لم يرُق للاسرائيليين الذين يريدون صداماً بين الجيش اللبناني والحزب، ويريدون من الدولة اللبنانية أن تتولى عملية سحب السلاح ولو بالقوة. لذلك فإن ما جرى الوصول إليه في لبنان تعتبره إسرائيل غير ملائم بالنسبة إليها وتسعى إلى الانقضاض عليه بنفسها، خصوصاً من خلال مواصلة عمليات التوغل والتحصين في المواقع التي تحتلها، بالإضافة إلى التخوف من احتمال لجوئها لتنفيذ أحزمة نارية في عدد من المناطق الجنوبية لتحويل القرى الأمامية إلى منطقة عازلة.
في هذا السياق، يترقب لبنان زيارة جديدة يفترض أن تجريها الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس لبيروت، للمشاركة في إجتماع للجنة مراقبة وقف إطلاق النار، في إطار تفعيل عمل اللجنة وعمل الجيش في جنوب نهر الليطاني، الذي تريده واشنطن أن يستكمل عملية سحب السلاح في تلك المنطقة قبل الانتقال إلى منطقة شمال الليطاني. وبحسب المعلومات، فإن أورتاغوس ستواكب خطة الجيش وآلية العمل، بالإضافة إلى البحث في إمكانية توفير المزيد من المساعدات للمؤسسة العسكرية.
في هذا السياق، تشير مصادر متابعة إلى أن التواصل قائم بين المسؤولين اللبنانيين ومع حزب الله أيضاً لأجل التعاون مع الجيش في منطقة جنوب الليطاني وتجنب المزيد من التصعيد الإسرائيلي. كما أن هناك محاولات مع الحزب لإقناعه بإخلاء عدد من المواقع العسكرية في البقاع وتسليمها للجيش. وبحسب المعلومات فإن التواصل لا يزال قائماً ومستمراً مع الحزب لاجل الوصول إلى صيغة تفاهم.