نديم الجميّل: لدى حزب الله فرصة لتسليم السلاح والعودة إلى لبنانيته كي نبني دولة تحمينا جميعًا أو إننا ذاهبون إلى مرحلة أخرى

أكد عضو كتلة الكتائب النائب نديم الجميّل أن ثورة 14 آذار حققت مطالبها، لكنّ بعض السياسيين خذلوا هذه الثورة، مشيرًا إلى أن السبب في وصولنا إلى هذه المرحلة هو التمسك بالمصالح الأنانية والذاتية على حساب المصلحة العامة التي تتمثل في بناء الدولة.

وفي حديث لـ"سبوت شوت"، قال: "14 آذار كانت فرصة كبيرة لنقول للناس إن لبنان أولًا فوق أي اعتبار، لكن عندما سمحنا بالمزايدة على بعضنا البعض، لا سيما في الانتماءات الطائفية والمذهبية، والتهجم على بعض الرموز السياسية، أدى ذلك إلى التفريط بـ14 آذار. بالإضافة إلى ذلك، فإن أحداث 7 أيار أدت إلى شرذمة كبيرة، وصولًا إلى المزايدة في الشعارات".

وأشار إلى أن 14 آذار، بالنسبة له، ليست مجرد تحالف سياسي، بل هي روح شعب ورؤيته لوطنه، ورمز العلم اللبناني. ولفت إلى أن العديد من اللبنانيين المقيمين في الخارج كانوا يخجلون من انتمائهم للبنان، لكن فجأة، في 14 آذار، رأينا جميع اللبنانيين المنتشرين في مختلف أنحاء العالم يرفعون العلم اللبناني وينزلون إلى الساحات ليعبروا عن فخرهم بوطنهم.
وأضاف: "14 آذار هي استمرارية النضال وبناء الدولة، واستمرار الحرية والأمن والدولة. وعلى مدى التاريخ، أُطلقت عليها تسميات عدة، ففي مرحلة من المراحل سميت بثورة الأرز".

وأوضح أن 17 تشرين ليست شبيهة بـ14 آذار، لأن 14 آذار كانت ثورة سياسية بامتياز، أما 17 تشرين فكانت ثورة اقتصادية اجتماعية ضد المنظومة السياسية التي فرّطت بـ14 آذار. ولكن 14 آذار كانت شاملة لكل هذه القضايا، فلو تمكّنا من بناء الدولة كما أردنا في 14 آذار، لما وصلنا إلى 17 تشرين ولما عانينا الوضع الحالي، لأن هناك فريقًا لم يكن يريد لهذا المشروع أن يتحقق".

وعن الصراع بين حزب الله والأفرقاء الآخرين، قال: "المشكلة معه ليست في السلاح فقط، بل في الانتماء للبنان والاعتراف بالكيان اللبناني والهوية اللبنانية. هذا هو الخلاف الأساسي بين الكتائب وحزب الله، وهو يترجم من خلال استخدام الحزب لسلاحه في الداخل لتعزيز رؤيته، التي تقوم على مفهوم الأمة على حساب الدولة. لذلك، هذا الفريق لا يؤمن ولا يعترف بنهائية الكيان اللبناني".

وعن تصريحات نائب الأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم، أكد الجميّل أن المطلوب هو ترجمة كلامه بطريقة صحيحة، إذ لا يمكنه القول إنه يريد الالتزام باتفاق الطائف بينما يرفض تسليم سلاحه، في حين أن جميع الأفرقاء اللبنانيين سلّموا أسلحتهم بعد الطائف. كما أنه لا يستطيع الادعاء بأنه مع الوحدة الوطنية دون أن يكون شريكًا حقيقيًا فيها.

ولفت إلى أنه لا يمكن لحزب الله الادعاء بأنه ضمن إطار الدولة، بينما يعمل خارجها ويفتح معارك على حسابها، ثم يعود إلى الدولة مطالبًا إياها بتحمل المسؤولية عند وقوع الكارثة.

وطالب الدولة اللبنانية والجيش اللبناني بتوضيح ما يجري في الجنوب، مشيرًا إلى أنه منذ بداية الحرب لم يصدر أي موقف عن الحكومة السابقة أو الحالية، في حين أن منطقة جنوب الليطاني خاضعة لسيطرة حزب الله إعلاميًا وعسكريًا وسياسيًا، مما يمنع اللبنانيين من معرفة حقيقة ما يجري هناك.

وأكد الجميّل حرصه على إعادة إعمار الجنوب وعودة الشيعة والجنوبيين إلى منازلهم، مشددًا على أن هذا المطلب يأتي في مقدمة أولويات الاجتماعات التي يعقدها مع الأوروبيين والسعوديين والأميركيين.

أما عن قضية تحرير الأسرى، فأشار إلى أن حزب الله، في الاتفاق الذي وقّعه مع إسرائيل، لم يأتِ على ذكر الأسرى، متسائلًا: "من الذي يسعى لتحرير الأسرى؟ أليست الدولة اللبنانية؟ لذلك، لا سلاح حزب الله ولا تهديداته كان لهما دور في إعادتهم".

وفي ما يخص الاحتلال الإسرائيلي للجنوب، قال: "قبل 8 تشرين الأول، لم تكن إسرائيل موجودة في التلال الخمس، لكن بسبب هذه الحرب احتلت إسرائيل هذه التلال، وبالتالي هناك فريق يجب أن يتحمل هذه المسؤولية".

وتابع الجميّل: "بمعزل عمّا تريده إسرائيل وبمعزل عمّا تطالب به وأول ما نطالب به هو انسحابها من لبنان لأننا نريد الحفاظ على أهلنا وأهل الجنوب وكل المكوّنات اللبنانية السنّيّة الشيعيّة والمسيحيّة، لكن في الوقت نفسه لا نقبل بأن يأتينا أحد من فوق وبقوة السلاح وبأن يتفوّق علينا بقوة السلاح، لذلك نطالب بنزع سلاح الحزب وهذا ما كنا نطالب به دائمًا، واليوم هناك فرصة ليتم تسليم السلاح لمصلحة دولية وداخلية خصوصًا أن النظام السوري سقط وكل المبررات لوجود السلاح سقطت فلم يعد من مبرّر لسلاح الحزب في الداخل اللبناني."

ورأى الجميّل أن الوزير طارق متري ارتكب خطأ كبيرًا وقال: "أعتقد أنه ليس بتوجه الحكومة والنهج الجديد وليس بهذا المنطق تُبنى الدولة"، وأردف: "إن تابعت الحكومة على هذا النحو فلن تنجح بالمهمة التي أوكلت إليها"، واستطرد يقول: "أستغرب أن يصدر هكذا موقف عن الوزير متري وهو من دعاة بناء الدولة".

وأكد أن اليوم هو وقت البحث بسلاح حزب الله، لافتًا إلى أننا إن أردنا إعمار الجنوب وحل مشكلتنا وإعادة المواطنين الى قراهم وتحرير الجنوب وإعادة الاستثمارات فهذا لن يحصل إلا بحل مشكلة السلاح ولا بد من وضع هذه المشكلة على الطاولة.

وشدّد الجميّل على أننا لم نصفق لإسرائيل وما قامت به أسرائيل بحق لبنان هو إجرام ولا نتماهى معها ولكننا نطالب بنزع السلاح، فإن أتى من "حركش" بها ودمّرت ترسانته ووضع السلاح على طاولة المفاوضات فقد حان الوقت لحل مشكلة السلاح ليستفيد اللبنانيون ويُعاد الإعمار.

وسأل الجميّل: "من فتح حرب الإسناد ومن قال نريد تحرير القدس ومن أراد خلق توازن؟" وأضاف: "لقد تبين أن هذا التوازن وهمي فماذا نفعل؟ هناك واقع جديد هو الاتفاقية التي غيّرت معادلة كبرى ومن ثم سقوط النظام السوري الذي غيّر المعادلة ومن هنا نحن أمام مرحلة جديدة يجب أن يتقبلها، فإما أن يركب القطار وإلا سيمر عليه الزمن ويدفع ثمنًا كبيرًا."

وتابع الجميّل: "برأيي الحزب في آخر 20 سنة حقّق مكتسبات كبيرة بقوة السلاح واليوم إن بقي مُصرًا على ذهنية ما قبل 7 اكتوبر بهذه الطريقة فسيصل إلى مرحلة أن أحدًا لن يتقبّله فقد صار الأميركيون والفرنسيون بلبنان والنظام السوري سقط والنظام الإيراني على المحك والأنظمة التي كانت تابعة لإيران تتزعزع ولدى الحزب فرصة إما ان يضع السلاح ويعود إلى لبنانيته ونؤمّن له المكتسبات كدولة ونبني دولة مشتركة تحميه كشيعي وكمواطن أو أننا ذاهبون إلى مرحلة أخرى وربما هذا سيرينا صورة أخرى من التغيرات الإقليمية فلربما تحصل ضربة ثانية، من هنا لا يمكن الاستمرار هكذا فلا أحد من الأنظمة الكبرى سيقبل بأن يستمر الوضع هكذا.

وجزم بأننا لا نريد تدمير البلد والشعب وأن يقتل أولادنا وأن تستمر أمهاتنا بارتداء الأسود، نريد العيش باستقرار وأمان وهناك خيار إما الاستقرار او الحرب والحزب كما هو اليوم ما زال يختار الحرب والمقاومة.

ولفت إلى أن المطلوب من الحكومة الحالية هو التطرق إلى موضوع سلاح حزب الله والحرب الأخيرة، مشيرًا إلى ضرورة تنفيذ القرارات الدولية ومندرجات اتفاق وقف إطلاق النار الذي وافقت عليه الحكومة السابقة.

وعن أحداث سوريا الأخيرة، قال: "عندما فرحنا بسقوط نظام الأسد، اعتقدنا أنه لن يأتي نظام أسوأ منه، خصوصًا في تعامله مع لبنان واللبنانيين، لأن نظام الأسد شنّ حروبًا وارتكب أعمال تنكيل ودمار واغتيالات وتفجيرات، كما وضع يده على الدولة والاقتصاد والأجهزة الأمنية، أما في ما يتعلق بالمقارنة بين نظام الأسد وأحمد الشرع في التنكيل بالشعب السوري، فإننا في لبنان شهدنا مجازر مروّعة، وندرك تمامًا دلالاتها ونتائجها وتأثيراتها على الأجيال القادمة. وبالتالي، فإن النظام السوري يتحمل مسؤولية هذه المجازر، لا سيما مجزرة الدامور وغيرها. لذلك، لا أتمنى أن يعاني الشعب السوري كما عانى اللبنانيون خلال حكم النظام السوري. وما شهدناه من مجازر على الساحل السوري سيحول دون بناء دولة حقيقية في سوريا، لأن تأثيرها سيكون سلبيًا وستبقى نتائجها راسخة لعقود".

وختم قائلًا: "لو بقي الرئيس الشهيد بشير الجميّل حيًّا، لما وصلنا إلى هذه المرحلة، ولكنا وفّرنا على أنفسنا 40 سنة من الكذب والنفاق والتضليل، ولعشنا النهج الذي نعيشه اليوم مع رئيس الجمهورية جوزاف عون. بشير كان قادرًا على تحقيق ذلك منذ 40 سنة، وكان يرى أن الطريق الوحيد للاستقرار في لبنان هو تحقيق السلام، وبناء دولة قوية، وترسيخ الانتماء الحقيقي للبنان، بعيدًا عن أي ميليشيات أو سلاح خارج سلطة الدولة". اللبنانية. للأسف، تم اغتياله بهدف تغيير مساره ورؤيته، لكن ما تبين في النهاية هو أن الحق وحده هو الذي يصح ويبقى".