المصدر: وكالة الأنباء المركزية
الكاتب: جوانا فرحات
الأحد 6 نيسان 2025 14:50:11
بهامش زمني لا يتعدى الثلاثة أيام أغارت الطائرات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية وأيقظت شبح الحرب في نفوس سكانها الذين عادوا إلى ما يشبه حياتهم الطبيعية مطمئنين إلى سريان مفعول وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل في 27 تشرين الثاني 2024.
الغارة الأولى في 28 آذار الماضي استهدفت مبنى في حي الجاموس في الضاحية يضم مخزنا لمسيرات تابعة لحزب الله سبقها تحذير لأهالي المنطقة من الناطق العسكري للجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي. وفي 31 من الشهر نفسه استهدف الطيران الإسرائيلي شقة في شارع معوض في الضاحية يقطن فيها قيادي في حماس ويدعى حسن علي بدير مع أفراد عائلته مما أدى إلى مقتل 4 أشخاص.وهذه المرة من دون أي إنذار مسبق.
حدثان أمنيان كانا كافيين لإعادة سكان الضاحية النظر في مسألة صوابية العودة إلى بيوتهم وإعادة ترميم بعضها عدا عن المحلات التجارية. وتفاديا لوقوع الأسوأ بعدما بدأ يتظهّر للسكان أن عدداً لا يستهان به من قياديي حزب الله وآخرين تابعين لفيلق القدس وحركة حماس ما زالوا يتواجدون في شقق داخل الأحياء السكنية ويخشون من أن يتحولوا إلى كبش فداء، وهذه المرة "فدا عنصر أمني أو مسؤول في حركة حماس، عادت حركة النزوح من ضاحية بيروت الجنوبية ولوحظ ارتفاع في الطلب على الشقق المستأجرة، أما الميسورون وعددهم قليل جدا فذهبوا إلى خيار الشراء في مناطق الجبل وبعبدا وكسروان.
حقيقة أم شائعة تحمل خلفيات معينة؟ مصادر مطلعة تؤكد لـ"المركزية" أن حركة النزوح من الضاحية الجنوبية ليست بجديدة، والكلام عن خروج عدد كبير من أهالي الضاحية لم يأتِ بعد تنفيذ إسرائيل غارتين ضد أهداف لـ"حزب الله". فهناك عدد كبير من سكان الضاحية لم يعودوا إلى بيوتهم المدمرة أو تلك التي تضررت بفعل الغارات وتحتاج إلى الترميم فقط بعد إعلان وقف إطلاق النار في تشرين الثاني الماضي.
وتلفت المصادر أن عددا لا يستهان به من سكان الضاحية وهم من الجنسية العراقية لم يعودوا قط إلى بيوتهم المستأجرة وهناك حركة شراء واستئجار بيوت في مناطق ذات طابع وغالبية مسيحية مما يؤشر إلى وجود مخطط لتوسيع دائرة الوجود الشيعي في هذه المناطق إما ليكونوا في منأى عن القصف أو الغارات التي تستهدف قياديين في حزب الله وحماس ، أو بهدف إقحام المناطق المسيحية التي كانت في منأى عن الضربات والغارات خلال الحرب الإسرائيلية على لبنان في الحرب وإحداث دمار فيها وسقوط القتلى.
ولا تستبعد المصادر تكرار عمليات الإغتيال الأخيرة في الأيام المقبلة وقد تأتي من دون إنذار على غرار ما حصل. من هنا تتعاظم موجة الهلع والنزوح السكاني من مناطق الضاحية وبعلبك والبقاع.
ترافق الكلام عن حركة نزوح من الضاحية الجنوبية مع كشف معلومات عن عمليات شراء مشبوهة طالت عقارات حساسة في مناطق استراتيجية، أبرزها بصاليم وبعبدات وأعالي المتن الشمالي، وقد تولاها أشخاص تبين لاحقًا أنهم مجرد واجهات لكيانات إيرانية. ووفق الإجراءات الإدارية، رُفعت هذه الشبهات إلى الأجهزة الأمنية التي طلبت حينها التريث في تسجيل المعاملات. لكن ما تلا ذلك لم يكن تحقيقًا نزيهًا، بل حملة قمعية شرسة.
وفي المعلومات التي كشفتها "حركة الأرض اللبنانية" لـ"المركزية" أن أحد رجال الدين المتابعين لهذا الملف نقل أمام مجموعة من الناشطين والإعلاميين أن عدداً من الموظفين، وبعد التغييرات الأمنية، شعروا بشيء من الحرية أتاحت لهم كشف ما كان يجري في الخفاء. وتضيف هذه المعلومات أن ما حدث لم يكن مجرد خلل إداري، بل محاولة مدروسة لإسكات من اكتشفوا محاولات شراء أراضٍ بأسماء وهمية لصالح جهات شيعية وإيرانية. وتؤكد المعطيات أن الأجهزة الأمنية استُخدمت كأداة قمع لحماية مشروع مشبوه، لا علاقة له بالتنمية أو الاستثمار، بل يهدف إلى تغيير ديمغرافي مموّه، من خلال السيطرة العقارية على مناطق محددة بدءا من ضاحيتي بيروت الجنوبية والشمالية وصولا إلى كسروان.
وفي تطور لافت، يلفت رئيس "حركة الأرض اللبنانية" طلال الدويهي أن معلومات وصلت مفادها أن وزير المالية طلب مؤخرًا من وزيرة التربية نقل حوالى 200 معلم إلى الدوائر العقارية لسد النقص الناتج عن توقيف الموظفين أو انسحابهم القسري. وقد أثار هذا القرار تساؤلات جدية حول مؤهلات هؤلاء المعلمين لتولي مهام تقنية دقيقة، خصوصا وأن غالبيتهم – وفق ما وردنا – محسوبون على الفريق السياسي المتهم بالوقوف خلف عمليات الشراء.
أمام هذه الوقائع، يحذر الدويهي أن ما يجري هو محاولة مكشوفة لوضع اليد على الدوائر العقارية، وتزوير الواقع السكاني اللبناني خدمة لأجندات خارجية، تحت غطاء صفقات قانونية ظاهرًا، ومشبوهة في العمق، وتحمّل الدولة اللبنانية مسؤولية ما جرى ويجري. ويؤكد لـ"المركزية" أنه "رفع مذكرة إلى وزير العدل هنري خوري في شأن ما يحصل من تزوير في دوائر كتاب العدل وجاء الرد من مستشاره القاضي جوزف تامر بأن لا صلاحية للوزير في هذا الشأن علما أن وزير العدل الأسبق سليم جريصاتي كان ادعى خلال ولايته على أحد كتاب العدل. فهل يجوز أن تكون الصلاحيات مجتزأة؟". و طالب الدويهي بفتح تحقيق شفاف ومستقل في كل ما حدث في الدائرة العقارية في الزلقا، والإفراج الفوري عن الموظفين الموقوفين ظلمًا والتعويض عليهم معنويا ومهنيا، ومراجعة كل عمليات الشراء المشبوهة ومحاسبة من سهل أو تستر عليها، ووقف أي تعيين في الدوائر العقارية خارج معايير الكفاءة والاستقلالية.
وتعقيبا على ذلك تختم المصادر أن "هذه المعلومات تؤكد أن هناك نوايا مكشوفة للتمدد الشيعي تجاه المناطق المسيحية خصوصا أن كل التحليلات التي ترجح عدم حصول ضربة إسرائيلية للقضاء كليا على حزب الله غير دقيقة. فالضربة ستحصل في ظل تقاعس الدولة عن تنفيذ الشروط التي على أساسها تم الإعلان عن وقف إطلاق النار وهي سحب السلاح، خروج حزب الله من شمالي الليطاني وترسيم الحدود البرية والدخول في مفاوضات غير مباشرة للتطبيع مع إسرائيل.