نصرالله اختزل صفة الدولة بصندوق بريد وسلاح المقاومة الإيراني لن يسقط إلا...

باعتراف الخصم علناً والحليف ضمناً والخائف صمتاً، ما عادت صفة "المقاومة" تنطبق على سلاح حزب الله. وباتت هويته كسلاح إيراني بامتياز تابع للحرس الثوري مكشوفة. وكل التبريرات التي يحاول من خلالها حزب الله إيهام الداخل والخارج لنزع الصبغة الإيرانية عنه خشية أن يقدم العهد الذي بدأ يجاهر بخلافه مع الحزب، وإن من خلال عملية توزيع الأدوار بهدف استنهاض الصوت المسيحي عشية الإنتخابات النيابية، على اضفاء الشرعية على سلاح الحزب كونه سلاح مقاوم وبالتالي اسقاط  الهوية الإيرانية عنه، لم تعد تجدي نفعا.

 

في الأمس قالها نصرالله بالمباشر تعليقا على دعوة الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز السلطات اللبنانية إلى "إيقاف هيمنة حزب الله الإرهابي" على لبنان، وتوجه إليه قائلا: "نحن لدينا كرامتنا ياحضرة الملك الإرهابي..." مفندا مفهوم "الإرهابي" الذي ربطه بالفكر الوهابي و"الداعش الوهابي"، ومؤكداً أن "الحزب يدافع عن أهله وشعبه في العراق واليمن وسوريا".

 

ومن دون مقدمات بدا المشهد واضحا، فنصرالله اللبناني الهوية والإيراني الإنتماء والإلتزام مستعد للقضاء على لبنان واللبنانيين من أجل ولائه لإيران. وهذا الأمر ليس بجديد بحسب النائب السابق فارس سعيد الذي يقرأ في كلام نصرالله أمس عبر "المركزية" بأنه "استمرار لقرار اتخذه حزب الله ومن ورائه إيران بأن يكون لبنان صندوق بريد يرسل من خلاله الطرود الكلامية المفخخة إلى المملكة العربية السعودية. وبالتالي فهو لا يرى مدى حاجة لبنان الذي يعيش فيه حوالى 5 مليون لبناني ويعاني اليوم من أكبر الأزمات المالية عدا عن أزماته الصحية والإجتماعية إلى أصدقائه وجيرانه العرب، ولا يعتبر لبنان وطناً له تاريخ وحاضر ويمكن أن يكون له مستقبل... هو لا يرى في لبنان إلا صندوق بريد ويستخدمه لمصالحه الشخصية المرتبطة مباشرة بإيران".  

 

ثمة من انتظر في الأمس أن يكون هناك رد ولو مبطن أو غير مباشر من قبل نصرالله على مؤتمر باسيل لكن بحسب قراءة سعيد "باسيل وسواه شخصيات محلية، همومها وخلافاتها وحلها وحتى طموحها محلي بحت، في حين أن أهداف نصرالله أبعد من ذلك بكثير وهذا واضح طالما أن باسيل قالها لنصرالله في المباشر "ما بدي إتخانق معك. وكذلك فعل بري وكل القوى الوازنة الذين يتلاعب بهم أمين عام الحزب مثل الدمى المتحركة". ويكرر"هو يريد لبنان صندوق بريد وهذا ما يفعله من خلال الرسائل الإعلامية والعسكرية التي يرسلها إلى اليمن والعراق وسوريا".

 

وفيما يسأل سعيد عمن خول نصرالله القيام بعملية اختزال ومحو مستقبل الشعب اللبناني الذي لديه مصالح وطنية مع المملكة السعودية والخليج ومحو أحلامه المستقبلة لصالح وظيفة "صندوق بريد"،  يعتبر أن رد ميقاتي جاء في مكانه "وحسنا فعل لأنه ساهم في تأمين الحد الأدنى من الغطاء السياسي والمعنوي للبنانيين الذين يعملون في دول الخليج ومن لهم مؤسسات ومصالح تجارية مشتركة. لكن على من تقرأ مزاميرك؟".

 

ويعود سعيد إلى كلام رئيس الجمهورية الذي أطل به على اللبنانيين منذ حوالى الأسبوع و"صارحهم" على المكشوف: "يومها سأل الرئيس عون: من له مصلحة في تخريب العلاقة مع السعودية؟ فجاءه الجواب في الهجوم الشرس الذي شنه نصرالله على المملكة والملك السعودي من دون أن يأخذ في الإعتبار بأن هناك رئيسا للجمهورية في بعبدا ودولة سيدة مستقلة. حتى كلام ميقاتي لم يفعل فعله في أوساط الحزب".

 

إنطلاقا من هذه المعادلة التي يضربها الحزب عرض الحائط، يقترح سعيد أن تتولى القطاعات الإقتصادية والتجارية التي تتقاطع مصالحها مع المملكة رفع الصوت عاليا ليس من منحى سياسي إنما إقتصادي. "ولتعلنها على الملأ من خلال مؤتمر صحافي بأننا كلبنانيين لدينا مصالح إقتصادية وتجارية مع المملكة ونحن براء من كلام نصرالله وهو لا يمثلنا ولا مصالح مشتركة تربطنا به وبحزبه".

 

وبالعودة إلى سلاح حزب الله ترى مصادر ديبلوماسية أنه بات من الضروري اتخاذ قرار أممي جديد يدعو الى نزع اي سلاح غير شرعي وتحقيق حصرية السلاح بيد الشرعية تنفيذا للقرار 1559 خشية ان يقدم عون والتيار على تشريع سلاح الحزب. "قد يكون الأمر مفيدا لكنه غير مؤكد. ثم من قال إن مسألة وضع حد لسلاح حزب الله والسلاح غير الشرعي في لبنان مرتبطة بقرار دولي. هذا الأمر لن يتحقق إلا من خلال إعادة تكوين الوحدة الداخلية للوقوف في وجه هيمنة حزب الله وسلاحه غير الشرعي وهذا ليس بمستحيل". ويكشف سعيد ختاما "عن مطلب إزالة الإحتلال الإيراني عن لبنان الذي سيرفعه المجلس الوطني الذي يضم شخصيات عابرة للطوائف وقوى من سائر المناطق اللبنانية على جدول أعماله وسيكون حجر الزاوية في معركة رفع الإحتلال الإيراني عن لبنان".