نقل الأثاث ينشط في الضاحية..من الحارة للبرج 1400 دولار

على وقع دخول خطة وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في لبنان، عاد الآلاف من اللبنانيين إلى قراهم ومنازلهم التي نزحوا عنها قسراً قبل أكثر من شهرين، إلا أن فرحة اللبنانيين بالعودة، لم تكتمل خصوصاً في المناطق والأحياء السكنية التي تعرضت لقصف عنيف، ما أدى إلى تضررها وتصدع جزء كبير منها. هذا الواقع، دفع سميرة الجمّال التي زارت منزلها في منطقة الغبيري (الضاحية الجنوبية) إلى التفكير بنقل الأثاث إلى منزل أخر، حتى تتم عملية الترميم.

تقول الجمّال لـ"المدن": تعرض الحي السكني حيث يتواجد منزل العائلة إلى ضربات مكثفة من العدو الإسرائيلي، وهو ما أدى إلى حصول تصدعات في المبنى ولذا، بدأت بنقل أثاث المنزل وبعض الاحتياجات الأساسية إلى بيت أخر، قد سبق واستأجرته في منطقة عاليه". تفكر الجمال بالبقاء فيه لمدة ثلاثة أشهر أيضاً، حتى ينتهي عقد الايجار وتتضح أليات الترميم.

الجمّال، ليست حالة فردية، إذ أن عائلات عديدة اضطرت مع بدء الحرب إلى استئجار منازل بعقود لا تقل عن 6 أشهر، وهي اليوم ترى بإنه من الأفضل البقاء في هذه المنازل في الفترة المقبلة، مع نقل أثاث منازلهم.

الخوف من الحرب
في الأيام الأخيرة من الحرب التي دامت أكثر من شهرين، كثف العدو الإسرائيلي من استهداف الأبنية السكنية، وهو ما أثار خوف العائلات اللبنانية على بيوتهم ممتلكاتهم، ودفعهم لنقل الأثاث إلى مناطق امنة، خوفاً من ضياع جنى العمر كما عبرت منى نور الدين (معلمة) انتقلت وعائلتها من منطقة المشرفية في الضاحية الجنوبية إلى منطقة الجية مع بدء الحرب، ولم تتمكن من العثور على منزل مجهز بشكل كامل، ولذا اضطرت للعيش في بيت شبه فارغ لفترة وجيزة، قبل أن تبدأ بنقل أثاث منزلها من الضاحية.

تقول نور الدين لـ"المدن": عوامل عديدة دفعتني لنقل أثاث المنزل، الخوف من استهداف المبنى، وعدم القدرة على شراء مستلزمات مرة أخرى.

أنفقت نور الدين ما لا يقل عن 1200 دولار تقريباً لنقل أثاث المنزل، وترى بأن السعر كان مناسباً جداً، مقارنة مع ارتفاع إيجارات الشقق المفروشة.  بحسب نور الدين تصل تكلفة استئجار منزل مفروش إلى نحو 2000 دولار تقريباً، فيما الشقق الفارغة، تصل رسوم إيجارها إلى نحو 800 دولار، وبالتالي يمكن للعائلات توفير ما يقارب من 1200 دولار شهرياً، في حال قرّرت نقل أثاثها المنزلي.

تتباين الرسوم التي تضعها شركات نقل الأثاث في لبنان، فلا يوجد أي قانون أو قاعدة تحكم عملها، وهي كأي خدمة أخرى، تسير وفق العرض والطلب بحسب ما يؤكده، محمد نزيه، أحد مالكي مؤسسة "نزيه" التي تعمل في مجال نقل الأثاث لـ"المدن".

أسعار مختلفة
تتحكم عوامل عديدة في تحديد السعر، بحسب نزيه، منها الموقع الجغرافي، إذ أن هناك تكلفة مختلفة لفك ونقل الأثاث من الضاحية الجنوبية، إلى وسط العاصمة، كما أن هناك عوامل أخرى تتعلق بنقل الأثاث إلى خارج العاصمة.

فعلى سبيل المثال تصل تكلفة فك وتركيب ونقل أثاث منزل مكوّن من غرفتي نوم وغرفة معيشة ومطبخ، إلى 800 دولار، في حال كان نقل الأثاث داخل العاصمة أو ضواحيها، أما في حال كان نقل الأثاث إلى مناطق أخرى تبعد عن العاصمة بيروت فترتفع الأسعار إلى ما يقارب 1200 دولار.

ويضيف نزيه "زاد الطلب على نقل الأثاث في الفترة التي سبقت اتفاق وقف إطلاق النار، خصوصاً من منطقة الضاحية الجنوبية، إذ أصبح يتلقى العشرات من الطلبات يومياً". الأسعار بحسب نزيه تختلف من منطقة إلى أخرى داخل الضاحية الجنوبية، تبعاً لخطورة المنطقة. ويقول "تم تقسيم الأحياء السكنية في الضاحية الجنوبية إلى ثلاثة أجزاء، الأول من محيط منطقة الغبيري وصولاً إلى المشرفية ومنطقة غاليري سمعان، حتى الحازمية، وهنا تصل تكلفة فك وتركيب ونقل الأثاث إلى نحو 1000 دولار، أما المنطقة الثانية، من منطقة حارة حريك، وصولاً إلى البرج، فالأسعار قد تصل إلى 1400 دولار، أما المناطق الأخرى فالأسعار تصل إلى 1500 و1600 دولار، وفي بعض الأحيان لا يمكن للشركات الوصول إلى مناطق عديدة بسبب الدمار.

تجارة نشطة
ولا يقف عمل فك وتركيب ونقل الأثاث المنزلي على الشركات فحسب، في منطقة غاليري سمعان، يقف عدد من العمال المياومين مع شاحنات صغيرة، يعرضون على المارة خدماتهم في نقل البضائع من المحال التجارية. يقول علي الخطيب، أحد العاملين في هذا المجال لـ"المدن": فقد الكثير من العمال لقمة عيشهم، واضطروا إلى العمل رغم الظروف الخطيرة. ويضيف الخطيب: منذ شهر تقريباً، زاد الطلب نسبياً على العمال المتواجدين في الشوارع الرئيسية لمنطقة الضاحية، من أجل تفريغ بعض المحال التجارية، خصوصاً وأن منطقة الضاحية تعتبر من المناطق التي تضم منشأت اقتصادية ومحال تجارية وصناعية عديدة كثيرة.

تختلف أسعار نقل البضائع بحسب حجم المنشأة، وفق ما يشير إليه الخطيب، ويقول "تبدأ الأسعار من 300 دولار وتصل إلى 1000 و1200 دولار بحسب كمية البضائع وآليات نقلها".

تنشط حركة نقل الأثاث منذ ما قبل وقف إطلاق النار وحتى اللحظة، ولكل مرحلة أسبابها وظروفها، ما يجعل من كافة مراحل الحرب والسلم، عوامل دافعة لتنشيط أحد المجالات الاقتصادية على حساب أخرى.