المصدر: الوكالة الوطنية للإعلام
السبت 31 أيار 2025 16:37:49
استقبل وزير الزراعة الدكتور نزار هاني في خطوة جديدة نحو توسيع آفاق التعاون العربي الزراعي، وفدًا رفيع المستوى من الجمعية المصرية اللبنانية لرجال الأعمال (ELBA)، برئاسة فتح الله فوزي محمد، وعضوية شخصيات اقتصادية وزراعية بارزة من مصر ولبنان.
خُصّص الاجتماع لبحث فرص التكامل بين البلدين في القطاع الزراعي، وتعزيز الشراكات التجارية والاستثمارية، لا سيما في مجالات تصدير المحاصيل، تبادل الخبرات، ومواكبة التحديات المناخية والاقتصادية التي تواجه المنطقة.
وأكد الوزير هاني أن "الزراعة اللبنانية بحاجة اليوم إلى تحالفات عربية حقيقية تنطلق من منطق الشراكة لا المساعدة، وتُبنى على التكامل في الموارد والأسواق والخبرات"، مشيراً إلى أن "التعاون مع مصر يمثل نموذجًا يحتذى في هذا المجال".
وأوضح أن "الشراكة مع القطاع الخاص، لا سيما عبر هيئات كالجمعية المصرية اللبنانية، تشكّل رافعة حقيقية لدعم سلسلة القيمة الزراعية من الزراعة إلى التصدير"، قائلاً: "نعوّل على رجال الأعمال العرب في تحريك عجلة الإنتاج الزراعي، من خلال دعم أسواق التصريف، تطوير التوضيب والتغليف، ورفع جودة المنتجات لتطابق المعايير العالمية".
وفي سياق حديثه، أعلن الوزير هاني عن لقاء مهم جمعه مؤخرًا بنظيره المصري، على هامش مؤتمر زراعي دولي عُقد في إيطاليا، حيث جرى الاتفاق على تفعيل مسار التعاون الزراعي الثنائي. وقال: "كان اللقاء محطة مهمة لتبادل الخبرات، حيث أبدت مصر استعدادها الكامل لمنح لبنان امتياز الاستفادة من التجربة المصرية في تطوير إنتاجية ونوعية محاصيل أساسية مثل البطاطا، الشمندر السكري، القمح، والخضار، وهي محاصيل محورية في الاستراتيجية الزراعية اللبنانية".
كما شدد على أن "العلاقات الزراعية بين البلدين تسير بخطى ثابتة، خصوصًا في إطار تنظيم دخول البطاطا المصرية إلى السوق اللبنانية ضمن الرزنامة الزراعية المتفق عليها منذ سنوات، بما يراعي مصالح المزارعين في كلا البلدين".
وتناول الوزير هاني التحديات التي تواجه الصادرات الزراعية اللبنانية، نتيجة استمرار إغلاق الطرق البرية عبر سوريا، ما أدّى إلى ارتفاع كلفة الشحن البحري إلى نحو 3000 دولار للحاوية، وتراجع تنافسية المنتج اللبناني.
في هذا الإطار، أشار إلى "لقائه الأخير مع وزير الزراعة السوري الدكتور أمجد بدر، حيث تم التباحث في تسهيل مرور المنتجات الزراعية اللبنانية عبر الأراضي السورية، ومعالجة مسألة الرسوم المرتفعة".
وكشف عن اتفاق رباعي قيد التبلور بين لبنان وسوريا والأردن والعراق، من شأنه إعادة تفعيل خطوط الشحن البري وتوسيع التبادل الزراعي العربي.
وأكد الوزير هاني أن "الوزارة تعمل على تحديث مراكز الحجر الصحي النباتي والحيواني على المعابر الحدودية، لتسهيل حركة السلع وتحقيق المعايير الدولية، خاصة مع ازدياد الطلب الخارجي على المنتجات اللبنانية، لا سيما العسل وزيت الزيتون"، معلنا عن "ورشة إصلاح تنظيمي لإلغاء نظام الإجازات الزراعية، واستبداله برزنامة زراعية علمية واضحة تضمن التوازن بين الإنتاج والطلب، وتمنع تكدّس المحاصيل والخسائر".
وتطرق إلى أزمة تصريف البطاطا في عكار، "حيث يواجه المزارعون صعوبة في بيع محصولهم بأسعار مجزية، ما يهدد قدرتهم على زراعة الموسم المقبل"، داعيًا إلى "تكاتف الجهود بين الدولة والقطاع الخاص لإنقاذ الموسم".
وتحدّث رئيس الجمعية فتح الله فوزي محمد، مشيدًا بجهود وزارة الزراعة، وقال: "العلاقات بين مصر ولبنان أكبر من ظرف أو زمن. هي علاقة مصير مشترك، والجمعية تمثل منذ أكثر من ثلاثين عاماً جسرًا اقتصاديًا وثقافيًا متينًا بين البلدين"، مؤكدا أن "الزيارة تأتي في إطار دعم لبنان الشقيق، وتوسيع مجالات التعاون الاستثماري، ولا سيما في القطاع الزراعي، بما يفتح آفاقًا جديدة للشركات المصرية واللبنانية على حدّ سواء".
من جهته، قال نائب رئيس الجمعية فؤاد حدرج: "نحن لبنانيون في الخارج لا نطلب إلا أن نرى وطننا في موقعه الطبيعي: حر، مزدهر، بعيدًا عن الطائفية والانقسامات. ووجدنا في مصر وطنًا ثانيًا كريمًا نعتز بالانتماء إليه".
وأضاف: "نضع كل إمكاناتنا وخبراتنا في خدمة لبنان".
كما تحدث الدكتور سمير النجار، المعروف بـ"المزارع الأول في مصر"، مشيدًا بدور الوزير هاني في حماية الإنتاج والمزارعين اللبنانيين، مؤكداً "الاستعداد لتقديم دعم فني وتسويقي ونقل خبرات إنتاج عالية الجودة".
واتفق الجانبان على تعزيز التعاون في تطوير عقود المزارعة الثلاثية (مزارع – مصنع – مصدر)، وتحسين شروط الشحن البحري إلى الخليج وأوروبا، إضافة إلى إعداد خارطة صحية وغذائية شاملة للمنتجات اللبنانية، تعزز ثقة المستهلك الأجنبي وتعزز صادرات لبنان.
وختم الوزير هاني اللقاء بتأكيده أن "هذه الاجتماعات ليست مجرد مجاملات، بل خطوات عملية نحو بناء شراكات استراتيجية عربية مستدامة"، وقال: "نحن بحاجة إلى دمج المعرفة والموارد بين الدول العربية، ومصر شريكنا الطبيعي والتاريخي في هذا المسار. سنستمر في تطوير الزراعة اللبنانية بالتعاون مع أشقائنا العرب، من أجل رفع الإنتاجية، خفض الكلفة، وتحقيق الأمن الغذائي المشترك".