هجوم على مفتي الجمهورية في خضمّ حرب غزّة

لم يكن مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان بعيداً عن التعرّض لهجوم من بعض الذين شجبوا كيفية تعامله مع الحرب الناشبة في قطاع غزّة حيث ثمة من قال في أروقة اجتماعية وإعلامية إنّ ليس لديه من توجّه تضامنيّ جذريّ مع الحرب الناشبة في قطاع غزّة ما دفع بالهيئة الإدارية لاتحاد جمعيات العائلات البيروتية للتضامن معه عند زيارتها إلى دار الفتوى.

في خضمّ انتقاداتٍ ملحوظة خلال الأسابيع الماضية، تنطلق الأجواء الرسميّة التي واكبتها "النهار" من المكتب الإعلامي في دار الفتوى، من التحفيز على مراجعة خطابات مفتي الجمهورية منذ أن بدأت قنابل القصف الحربيّ تلقي بتفجّرها في قطاع غزة، حينما كان المفتي عبد اللطيف دريان يتحدّث أسبوعياً تقريباً في مناسبات عدّة مع اتّخاذه موقفاً شاجباً للحرب على قطاع غزّة مع العمل على تقديم مساعدات للفلسطينيين الموجودين تحت لهيب ضراوة الحرب. وكانت هناك اجتماعات دائمة للمجلس الشرعي الإسلامي الأعلى الذي يرأسه المفتي دريان، حيث لطالما كان موضوع الحرب في غزّة على جدول أعمال تلك الاجتماعات شمولاً في بحث ترتيبات هادفة للمساعدة والتضامن وإدانة العمليات الحربية التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي في اعتبارها أشبه بإبادة.

ويضاف إلى التحرّك التضامنيّ مع قطاع غزّة، موقف مجلس المفتين الشاجب للنشوب الحربي في قطاع غزّة وللقصف الإسرائيلي على الجنوب اللبناني. وانطلاقاً من فحوى السرد على مستوى المكتب الإعلامي في دار الفتوى، إنّ موَاقف المفتي دريان التضامنية المتخذة مع القضية الفلسطينية جديرة من دون إغفال المساعدات التي تقدّم أيضاً من دار الفتوى، ذلك أنّها قدّمت ما استطاعته للفلسطينيين في قطاع غزّة من خلال صندوق الزكاة على أن يحكى في تلك التفاصيل لاحقاً مع إمكان مراجعة المسؤولين في صندوق الزكاة حول الترتيبات التي على أساسها قدّمت تلك المساعدات.

في غضون ذلك، لا اضطرار للدخول في ردّ منظّم على أيّ منتقد أو مهاجم للمفتي عبد اللطيف دريان انطلاقاً من تأكيد المكتب الإعلامي في دار الفتوى، ذلك أنّ القيّمين على الدار لا يغفلون الإبقاء على عملهم بوضوح بعيداً عن أيّ سعيٍ للردّ على أي انتقاد إنما انطلاقاُ من الانسجام مع الذات، ذلك أنّ كلام مفتي الجمهورية اللبنانية واضحٌ وسياسة دار الفتوى تبقي على القضية الفلسطينية أساسية ولا يمكن لأحد أن يزايد فيها. ولقد كانت هذه السياسة التي وقفت فيها دار الفتوى مع القضية الفلسطينية في أوجها حتى قبل بداية مرحلة 7 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي. ولن تدخل دار الفتوى في سجالات وهي مرتاحة لما تتخذه من تدابير في اعتبارها أنّ عملها ظاهرٌ للناس. وعلى المستوى السياسيّ، تستقبل دار الفتوى كافّة القيادات الفلسطينية وهي كانت التقت بمسؤولين زاروا دار الفتوى من منظّمة التحرير الفلسطينية وكذلك من حركة "حماس"، مع حفاظها على مسافة واحدة من الجميع ووقوفها إلى جانب القضية الفلسطينية من دون الدخول في التفاصيل السياسية الفلسطينية الداخلية.

يقلّل من هو على اطلاع على الهجوم على المفتي عبد اللطيف دريان من الغاية الكامنة منه مع التخفيض من منسوب قدرة الهجوم على التأثير وعدم ترجيح إمكان أن ينحو في اتجاه البحث عن تنحي مفتي الجمهورية اللبنانية وتعيين آخر، ذلك أنه هجوم معتاد من دون إغفال أن ثمة انتقادات كانت طاولت أيضاً مرجعيات دينية متنوعة شمولاً بالبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي. وإذ يرتّب المكتب الإعلامي شتى التفاصيل الخاصّة بعمله شمولاً في الاستقبالات والمواقف، فإنّ تنسيق المكتب على حاله مع المؤسسات الإعلامية اللبنانيّة في كلّ التفاصيل الخاصة بدار الفتوى شمولاً في النشاطات والبيانات الرسمية. توازياً، ينفي المكتب الإعلامي في دار الفتوى الاتجاه لتعديل المرسوم الذي ينظّم شؤون دار الفتوى وأمور الطائفة السنية.

يذكر أنّ مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان كان استقبل في دار الفتوى الهيئة الإدارية لاتحاد جمعيات العائلات البيروتية، التي أكدت أن "مفتي الجمهورية لا يحتاج شهادة في الوطنية ولا في العروبة الحقّة، ولا في دعم القضية الفلسطينية. إن عشرات، بل مئات، المواقف الصادرة عنه وعن هذه الدار الوطنية والعربية والإسلامية، كافية للردّ على أي مشكك أو أي مضلََّل به". وطلبت الهيئة من المشككين أن "يراجعوا مواقف المفتي دريان ومواقف هذه الدار الجامعة تجاه قضية فلسطين وكلّ القضايا العربية والإسلامية".