المصدر: الراي الكويتية
الاثنين 21 تموز 2025 01:00:38
حلقت طائرات حربية إسرائيلية في سماء السويداء، مستهدفة موقعاً لتجمع لفصائل العشائر في ريف المحافظة، بموازاة انتشار قوات الأمن السورية على مداخل المدينة الجنوبية، التي استعادت هدوءها الحذر، بعد ساعات من إعلان الحكومة وقفاً للنار، مع استعادة مجموعات درزية السيطرة على المدينة، عقب أسبوع من أعمال عنف طائفية أسفرت عن وقوع نحو 1000 قتيل وأرغمت أكثر من 128 ألفاً على النزوح.
ورصد المرصد السوري لحقوق الإنسان، «تحليقاً للطيران الحربي الإسرائيلي فوق قرية عريقة في ريف السويداء الغربي، وبلدة نوى - ريف درعا الشمالي الغربي، بالإضافة إلى أجواء خان أرنبة - ريف القنيطرة، بالتزامن مع إلقاء بالونات حرارية في سماء محافظة السويداء، ما تسبب بحالة من الترقب والتوتر في عموم مناطق الجنوب السوري».
وكانت قوات العشائر بدأت اقتحام عريقة لتحرير الأسرى من يد المجموعات الدرزية.
كما أشار المرصد إلى تجدد الاشتباكات في قرى عريقة وريمة حازم وشهبا، بالأسلحة المتوسطة وقذائف الهاون، عقب هجوم نفذه مقاتلو العشائر بعد ساعات من إعلان وقف إطلاق النار.
ومع انتشار قوات الأمن الداخلي في أجزاء من المحافظة، توازياً مع انسحاب مقاتلي العشائر، دخلت، أمس، أول قافلة مساعدات إنسانية السويداء، وتتألف من عشرات الشاحنات وسيارات إسعاف تحمل شارات الهلال الأحمر.
ومن داخل المدينة، أكّد مسعف طلب عدم الكشف عن هويته لـ«فرانس برس» أن الهدوء يخيم على المدينة.
وصرح عبر الهاتف: «لا نسمع أصوات اشتباكات، ويبدو أن المعارك انتهت».
وقال وزير الداخلية أنس خطاب، إن «قوى الأمن الداخلي نجحت في تهدئة الأوضاع ضمن المحافظة بعد انتشارها في المنطقة الشمالية والغربية منها، وتمكنت من إنفاذ وقف إطلاق النار داخل مدينة السويداء، تمهيداً لمرحلة تبادل الأسرى والعودة التدريجية للاستقرار إلى عموم المحافظة».
وأعلن الناطق باسم الداخلية نورالدين البابا على منصة «تلغرام»، أنه «تم إخلاء مدينة السويداء من مقاتلي العشائر كافة، وإيقاف الاشتباكات داخل أحياء المدينة».
وأكد الناطق باسم مجلس القبائل والعشائر خلدون الأحمد لقناة «الجزيرة» مساء السبت «انسحاب جميع أبناء القبائل والعشائر من مدينة السويداء استجابة لنداء رئاسة الجمهورية وبنود الاتفاق الذي حدث حتى يكون هناك إفساح مجال للدولة ومؤسساتها».
قافلة مساعدات
وأشار مدير الإعلام والتواصل في الهلال الأحمر عمر المالكي إلى أن دخول القافلة جرى «بالتنسيق مع الجهات الحكومية والسلطات المحلية في السويداء»، مؤكداً أنها لن تكون القافلة الوحيدة.
وتضمّ المساعدات سلالاً غذائية ومستلزمات طبية وطحينا ومحروقات وأكياسا للجثث.
وكانت السلطات أعلنت في وقت سابق تجهيز قافلة تضم أكثر من 40 شاحنة تحمل مساعدات للدخول إلى السويداء، برفقة ثلاثة وزراء.
لكن الوفد الحكومي لم يتمكن من دخول المدينة، بحسب الإعلام الرسمي.
ونددت وزارة الخارجية بمنع «الميليشيات المسلحة الخارجة عن القانون والتابعة لـ (الشيخ) حكمت الهجري دخول القافلة»، محذرة من «تداعيات أمنية خطيرة».
وكان الهجري، وهو أحد ثلاثة مراجع دينية بارزة في السويداء، رحّب في بيان صادر عن الرئاسة الروحية للموحدين الدروز «بكل المساعدات الإنسانية الواردة إلى محافظة السويداء المنكوبة، عبر المنظمات والجهات الدولية التي تمدّ يد العون».
ودعا الهجري الذي تتهمه دمشق «بالاستقواء بالخارج» وتحريك مقاتليه ضد السلطة، إلى «الوقف الفوري للهجوم الغاشم على محافظة السويداء، ووقف حملات التضليل التي تهدف لتأجيج العنف والكراهية».
كما طالبت الرئاسة الروحية لطائفة الموحدين الدروز، بـ«الوقف الفوري لكل الهجمات العسكرية»، وسحب كل القوات التابعة لـ «حكومة دمشق»، من جيش وأجهزة أمنية وميليشيات، من محيط جبل العرب وكل بلداته وقراه.
وشددت في بيان على «ضرورة توفير خدمات الإنترنت والاتصالات بشكل عاجل لضمان تواصل الأهالي، تمهيداً لعملية تبادل والإفراج الفوري عن الموقوفين، على أن تتم هذه العملية بضمانة الدول الراعية للاتفاق».
كما دعت الرئاسة الروحية، أبناء الطائفة في عموم السويداء إلى «التحلي بأقصى درجات المسؤولية والتعاون لإنجاح هذا الأمر».
منع «داعش»
أميركياً، أكد وزير الخارجية ماركو روبيو، أن على دمشق محاسبة جميع مرتكبي الفظائع وتقديمهم للعدالة، ومنع تنظيم «داعش» وأي متشددين من دخول المحافظة.
وكتب عبر منصة «إكس» أنه «إذا أرادت دمشق حفظ فرصة تحقيق سوريا موحدة فعليها إنهاء هذه الانتهاكات».
وتابع: «يجب أن تتوقف الانتهاكات التي وقعت ومازالت في سوريا وأن تتوقف عمليات الاغتصاب وقتل الأبرياء التي حدثت ومازالت تحدث».
وقال المبعوث الخاص إلى سوريا توم براك إن «الأعمال الوحشية التي ترتكبها الفصائل المتحاربة على الأرض تنال من سلطة الحكومة وتعرقل أي مظهر من مظاهر النظام».
وأضاف عبر «إكس»، «يجب على جميع الفصائل إلقاء أسلحتها فوراً ووقف الأعمال القتالية والتخلي عن دوامة الثأر. تقف سوريا عند منعطف حرج. يجب أن يسود السلام والحوار... الآن».
1000 قتيل
إلى ذلك، أحصى «المرصد» مقتل 336 مقاتلاً درزياً و298 مدنياً من الدروز. في المقابل، قتل 342 من عناصر وزارة الدفاع وجهاز الأمن العام، إضافة الى 21 من أبناء العشائر البدوية.
كما أسفرت الغارات الإسرائيلية، عن مقتل 15 عنصراً من القوات الحكومية.
وتحدثت المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة في بيان، عن «نزوح 128571 شخصاً منذ بدأت الأعمال العدائية»، مضيفة أن «وتيرة النزوح ارتفعت بشكل كبير في 19 يوليو، إذ نزح أكثر من 43 ألفاً في يوم واحد».
الرئاسة تتسلم نتائج التحقيق في عنف الساحل
أعلنت الرئاسة السورية، تسلمها التقرير الكامل الذي أعدته لجنة تقصي حقائق مكلفة التحقيق في أعمال العنف التي طالت العلويين في منطقة الساحل في مارس الماضي، وأسفرت عن مقتل نحو 1700 مدني، متعهدة اتخاذ خطوات من شأنها «منع تكرار الانتهاكات».
وشهدت منطقة الساحل ذات الغالبية العلوية بدءاً من السادس من مارس ولثلاثة أيام، أعمال عنف على خلفية طائفية، اتهمت السلطات مسلحين موالين للرئيس المخلوع بشار الأسد بإشعالها عبر شنّ هجمات دامية أودت بالعشرات من عناصرها.
ولم يتضمن البيان أي إشارة إلى خلاصات التحقيق، بينما دعت الرئاسة اللجنة إلى عقد مؤتمر صحافي لعرض نتائج عملها «إذا رأت ذلك مناسباً».