هزات مشبوهة في جرود كسروان وزحلة ...تفجيرات تحرك الفوالق!

أن تهتز الأرض تحت أقدام اللبنانيين بفعل عوامل طبيعية فهذا أمر مقدّر حصوله ولبنان الواقع على خط فيلق اليمونة من شماله إلى جنوبه ليس بمنأى عنه. لكن أن تهتز الأرض بفعل بشري نتيجة تفجير صخور في مقالع كسارات فهذا ما حصل في زحلة بعد ظهر السبت الفائت وقبلها بشهر في جرود كسروان.

في شباط الماضي اهتزت الأرض في تركيا وسقط ما يزيد عن 50 ألف قتيل ووصلت ارتدادات الزلزال إلى شمال سوريا ولبنان.  وهذا ليس بحدث استثنائي. فتاريخ بيروت حافل بزلازل قلبتها رأسا على عقب بدءا من زلزال القرن الرابع الميلادي عام 349 مع بداية إنتشار الدين المسيحي مرورا بموجات تسونامي العالية التي تلت زلزال جزيرة كريت الذي قدرت شدته بأكثر من 8 درجات على مقياس ريختر حسب المؤرخين المعاصرين. وبلغ ارتفاع موجات "تسونامي" عشرة أمتار، وخلفت أضراراً واسعة في مناطق عديدة من العاصمة. وصولا إلى زلزال العام 1759 الذي ضرب بيروت ودمّرها تدميراً كاملاً بالاضافة الى العديد من المدن الأخرى إلى أن إستفاق اللبنانيون قبيل طلوع فجر السادس من شباط الماضي مذعورين بسبب شدة الهزة التي ضربت البلاد من جراء الزلزال الذي ضرب تركيا وامتدت تردداته إلى شمال سوريا ولبنان.

إلى هنا يمكن الكلام عن زلازل طبيعية، لكن اهتزاز الأرض في كل من كسروان مطلع شهر حزيران الماضي وزحلة السبت الماضي يكشف عن تدخل بشري أدى إلى حدوث هزة أرضية بقوة 3 درجات على مقياس ريختر كما أفاد المركز الوطني للجيوفيزياء في بحنّس. وبالقوة نفسها تقريبا سجل مركز بحنس منذ حوالى الشهر هزة أرضية في منطقة رعشين - كسروان قوتها 3,4 درجات على مقياس ريختر، وشعر بها المواطنون في مناطق عدّيدة. إلا أن أصوات الإنفجارات التي سمعها المواطنون في كل من كسروان وزحلة قبل وقوع الهزة رسمت أكثر من علامة استفهام، وأثارت جدلا حول إمكانية حصول عمليات تفجيرتحت الأرض من قبل مجموعات مسلحة بهدف شق أنفاق تربط بين قرى البقاع.

الباحث الجيولوجي في الجامعة الأميركية البروفسور طوني نمر كان أول من ارتاب لأمر الهزتين وصرح بأن  "الهزة الأرضية في جرود زحلة مثيرة للريبة مثل الهزة التي وقعت في السادس من حزيران الماضي بمنطقة أعالي كسروان في جبل لبنان، والتي وقعت في منطقة كسارات وبلغت قوتها 3.4 على مقياس ريختر، تبعتها هزة ثانية بقوة 2.4 على مقياس ريختر.

بين إفادات المواطنين وما صدر عن مركز بحنس ثمة ما يؤكد وجود ريبة في أسباب الهزة والسؤال الذي يطرح إذا صحّ ما ورد على مقياس ريختر في مركز بحنس، هل يجوز إسقاط ما ورد في إفادات العديد من السكان الذين يقطنون في محيط منطقة الكسارات في زحلة وكذلك الأمر في كسروان يقول الدكتور نمر لـ"المركزية، ويضيف"الأكيد أن هناك معطيين لكن في تقديري أنه حصل تفجير استحثّ وقوع الهزة في زحلة وعلى ما يبدو وقع في منطقة الكسارات".

بعد معاينة مكان سماع دوي الإنفجار في زحلة  تبين أنه ناجم عن استخدام كميات كبيرة من المواد المتفجرة التي جرى إدخالها إلى عمق الأرض. أما في كسروان فيبدو أن السيناريو ليس ببعيد عن هزة زحلة "وعلى الأرجح أنها ناتجة عن تفجير كسارات بحسب إفادات المواطنين وبدنا نصدقن". وإذ شكر نمر القوى الأمنية على التدخل لمعرفة أسباب الهزة في زحلة نزولا عند ندائه، إلا أنه يشدد على ضرورة أخذها الموضوع بجدية للتحقق من أسباب هذه الهزات ووقفها، "خصوصا إذا كانت ناجمة عن تفجيرات. فهكذا أعمال قد تستحث زلازل لا تحمد عقباها. خصوصا أن الهزتين وقعتا على فالق اليمونة، وفي منطقة تنشط فيها الكسارات".

ويلفت نمر إلى أن" تفجير الصخور على مسافة قريبة من الفالق كما حصل في زحلة أو في جرود كسروان، يؤدي إلى تغيير قواعد الضغوط في مكان التفجير وامتدادها إلى أماكن أخرى عبر الفالق مما يؤدي إلى تحريكه وحدوث هزة أو هزات قد لا تحمد عقباها".

إزاء هذا الواقع يطرح السؤال عن دور وزارة البيئة المعني المباشر بدور الكسارات غير الشرعي. ومن هذا المنطلق جاء تحرك وزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال ناصر ياسين الذي أوضح أنّهم كوزارة كانوا قد أصدروا قراراً بإقفال هذه الكسارة، وأنّ هناك إشارة قضائية من المدعي العام البيئي في البقاع بختمها بالشمع الأحمر. وأكّد متابعة الموضوع مع الجهات المسؤولة. إلى ذلك فتحت قيادة منطقة البقاع في قوى الأمن الداخلي، محضر تحقيق لتبيان ما إذا كان حصل تفجير في كسارات التويتي في قضاء زحلة.

أن تأتي  التحركات الرسمية والامنية متأخرة أفضل من ألا تأتي أبدا خصوصا أن هناك  قاعدة بيانات تؤكد أن هناك 1294 حالة موثّقة حول العالم منذ العام 1868 حتى اليوم عن أحداث زلزالية تتسبّب بها الأنشطة البشرية...أرقام كافية للقول بأن ثمة دوافع كثيرة للهلع من البشر قبل الحجر!.