هل أخطأ بو حبيب بدعوته إلى قرار دولي جديد؟

لم يكد وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بو حبيب ينهي حديثه إلى قناة "الجزيرة" الناطقة بالإنكليزية عن تبلغ لبنان عبر وسطاء أن إسرائيل غير مهتمة بوقف النار في الجنوب حتى بعد التوصل إلى وقفه في غزة، حتى فجّر أمس من السرايا الحكومية غداة الاجتماع الذي دعا إليه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي للسفراء وممثلي المنظمات الدولية، أكثر من قنبلة، يؤمل أن تكون صوتية ولا يكون لها أي تداعيات، خصوصاً أنها لا تعبّر عن الموقف اللبناني الرسمي، ولا تخدم الوضع في الجنوب.

فبعدما أعلن بو حبيب أن الحكومة "تريد وقف النار ووقف الحرب"، كاشفاً أنه "تم إبلاغ معظم المعنيين باستعداد لبنان للقيام بمفاوضات غير مباشرة مع الإسرائيليين من أجل ذلك"، قال إن لبنان لم يطلب من مجلس الأمن وقف القتال، بل طلب اجتماعاً استشارياً قد يؤدي إلى ذلك، أو إلى عدم استهداف المدنيين. وزاد بقوله "إننا نتكلم مع كل الدول ومع مجلس الأمن، وفي حال حصول وقف نار يجب أن يكون هناك قرار جديد (...)"، لأن "أي قرار سيصدر بوقف النار سيكون قراراً جديداً وليس نسخة معدلة من القرار ١٧٠١".

لم يكن واضحاً ما قصده بو حبيب بأقواله هذه، بحيث بدا لأوساط ديبلوماسية أن ثمة حاجة إلى فك شيفرته، انطلاقاً من ملاحظتين لا تعبران بالضرورة عن موقف الحكومة اللبنانية التي يمثلها، والتي يستعد لطلب جلسة استشارية لمجلس الأمن باسمها.

الأولى تتمثل في عدم حصر الموقف اللبناني مما يحصل في الجنوب بوقف القتال ووقف النار، بل ربطه، إذا تعذر ذلك بعدم استهداف المدنيين، على نحو بدا أن بو حبيب لا يمانع في استمرار القتال شرط ألا يستهدف المدنيين.

أما الملاحظة الثانية فكمنت في الموقف المستجد من قرار مجلس الأمن الرقم ١٧٠١. ذلك أن وزير الخارجية كشف الحاجة إلى قرار جديد، في حين أن موقف لبنان الرسمي يلتزم المطالبة بتطبيق الـ ١٧٠١.

على هذا الكلام، ترد الأوساط الديبلوماسية بالتشديد على ملاحظة وحقيقة. الملاحظة تكمن في أن لبنان يدرك تمام الإدراك استحالة استصدار قرار دولي جديد على غرار القرار ١٧٠١، لكون الظروف العربية والدولية التي توافرت لذلك القرار الناجم عن عدوان إسرائيلي على لبنان، ليست متاحة اليوم. فالاعتداءات الإسرائيلية لم ترق بعد إلى مستوى العدوان، وهي لا تحصل من جانب واحد بل بمواجهات متبادلة يشارك على ضفتها المقابلة "حزب الله"، بما يجعل أي قرار جديد يطالب به لبنان في هذا المجال، مطلباً مماثلاً لإسرائيل لوقف ما تصفه باعتداء الحزب على أراضيها. والأمر نفسه ينسحب على مسألة استهداف المدنيين، إذ جاء رد الحزب بمسيرة أمس على مبنى سكني في نهاريا ليضعه أيضاً في خانة استهداف المدنيين.

ولذلك، يركز لبنان في مطلبه أمام المجتمعين العربي والدولي على ضرورة تطبيق القرار ١٧٠١ وإلزام إسرائيل المِثل. وهنا، لا يمكن إغفال الانقسام اللبناني الداخلي حول تطبيق هذا القرار وآليات ذلك، لكونه يلزم لبنان سحب السلاح غير الشرعي، وهي النقطة الخلافية الأشد في المشهد الداخلي بين من يصنف سلاح الحرب باللا شرعي ومن يرى فيه سلاحاً مقاوماً لإسرائيل.

هذه الملاحظة تقود الأوساط الديبلوماسية إلى الحقيقة التي لا مفر من مواجهتها، في ظل ما تشهده جبهة الجنوب من تصعيد يومي ينذر بتوسعها في أي لحظة.

وفي هذا المجال، تعتبر الأوساط أن تطبيق القرار ١٧٠١ يحصل على يد إسرائيل بحكم الأمر الواقع من خلال الاستهدافات المباشرة للحزب، سلاحاً وعتاداً وقيادة. وفي رأيها أن تل أبيب المدركة أن نهاية جبهة الحدود مع لبنان ستكون بإلزام الأفرقاء تطبيق القرار الدولي، تقوم لهذه الغاية من خلال عملياتها بالتطبيق القسري له بالشكل الذي يخدم مصالحها. لذا، لا ترى الأوساط أن الإسرائيليين سيتوقفون عن استهداف الحزب حتى الوصول إلى مرحلة تطبيق القرار الدولي بحكم الأمر الواقع!