هل اتخذ قرار بإسقاط لبنان نهائيا؟

كل الوقائع الداخلية تؤشّر الى تسارع في مسار الانهيار، وثمة سؤال بات اكثر من مشروع في ظل ما يجري: هل اتخذ قرار ما من مكان ما بإسقاط لبنان نهائيا؟ وما الذي يمنع اطراف الداخل كلها الى التلاقي حول خطة طوارىء لكبح هذا المسار وانقاذ ما يمكن انقاذه؟

لبنان في ظل هذا المسار، يبدو انه يُقاد الى خراب امام أعين الجميع؛ الناس، كل الناس تتعرض للقهر والإذلال، وسقف الدولار بَدا نهاراً مفتوحاً على غاربه وبدأ يطرق باب الثلاثين الف ليرة وغرف السوق السوداء في ذروة فلتانها، ومع الدولار عالياً تحلّق الاسعار، وتختفي الاساسيات وتُحتكر، والمواطن، بكل فئاته وطبقاته، صار وقوداً للنار.

يقول احد الخبراء الاقتصاديين لـ«الجمهورية»: "انّ لبنان دخل المربع الأخير من مؤامرة إسقاطه نهائياً في النار الاجتماعية والمعيشية، ولن يطول الامر مع ذلك ليتعالى الصراخ من الجوع والإفقار".

هذه الصورة المخيفة، تلاقيها مخاوف مصادر سياسية مسؤولة مما وصفته «مستقبل مُعتم»، وقالت لـ«الجمهورية»: ما يجري في لبنان، منذ صدور نتائج الانتخابات النيابية، والانهيار المتسارِع على كلّ الصّعد، أخشى أن يكون مندرجا ضمن «سياق منظّم» لإخضاع البلد لأجندة خبيثة محرّكة من «مكان ما»، لإيصال لبنان إلى لحظة تنعدم فيها سبل الانقاذ».

وتسأل المصادر «إلامَ يرمي تفخيخ لبنان بهذا التوتير الاجتماعي والمعيشي؟». وتجيب: «من حق اللبنانيين ان يوجّهوا اصابع الاتهام في كل اتجاه، وان يسألوا أي يد خفيّة محلية كانت او خارجية تقود هذا الانهيار؟ ولكن ما يبعث على الاسف والحزن والريبة في آن معاً، هو ان الانهيار يتحرّك والبلد يغرق بوتيرة شديدة الخطورة، ومكونات السياسة والنيابة غارقة في عالمها الانقسامي».

على انّ اللافت في هذا السياق، ووفق معلومات موثوقة لـ«الجمهورية» ما نقله مسؤولون كبار في دولة اوروبية الى مرجع مسؤول خلال الساعات الاربع والعشرين الماضية، من مخاوف جدية على لبنان. حيث قيل للمرجع المذكور ما حرفيته: «علّقنا الأمل على ان تشكل الانتخابات النيابية في لبنان محطة انتقالية الى واقع افضل يتشارَك جميع اللبنانيين في الوصول اليه، ولكن التقارير التي تردنا حول التطورات في لبنان زرعت لدينا قلقا بالغا على بلدكم ومن واقع صعب ومؤلم جداً لا حدود فيه لمعاناة الشّعب اللبناني، وهو أمر يوجِب أن يتلاقى القادة والمسؤولون في لبنان، سواء في مجلس النواب او على مستوى الحكومة التي نرى ضرورة ان يتم تشكيلها سريعاً، على نقاط مشتركة يتمكّنون من خلالها إنقاذ الشعب اللبناني من المعاناة الكبرى التي تتهدده».

وبحسب معلومات «الجمهورية» فإنّ حركة مشاورات جرت في الايام الأخيرة بين بعض البعثات الديبلوماسية الغربية في بيروت، وبحسب مصادر ديبلوماسية مُشاركة فيها فإنّ هذه المشاورات عكست حالاً من عدم الإطمئنان، وتم التوافق على توجيه تحذيرات بهذا المعنى الى المسؤولين الرسميين والسياسيين في لبنان قبل فوات الاوان».

وقالت مصادر ديبلوماسية غربيّة لـ«الجمهورية»: لقد سبق للمجتمع الدولي ان اكد وقوفه إلى جانب الشعب اللبناني والتزم بتوفير الدعم له. اما في الواقع الراهن الذي يمر به لبنان، فإنّ ما يهمّ الاسرة الدولية بالدرجة الاولى هو إبقاء حال الاستقرار قائمة في لبنان، ومُسارعة السلطات فيه الى اتخاذ مبادرات تصب في ذات الهدف، خصوصاً ان الوضع الحالي يبعث على القلق».

الا ان المصادر عينها لفتت الانتباه الى انّ المجتمع الدولي على التزامه تجاه لبنان، ولكنه في الوقت نفسه يرغب في ان يرى التزاما مماثلا من داخل لبنان، نحن نشعر بقلق وخوف من ان تأخّر المبادرات الجادة والمسؤولة من قبل قادة هذا البلد، سيقرب من دخول لبنان في تعقيدات اكبر، ومجهول لا يمكن لأحد ان يقدر ما ينتظره فيه».