هل ازمة النهوض اقتصادية؟

في رسالته الى لجنة نوبل، اعتبر نورث (2010) بانّ الهدف من إيجاد الأطر المؤسسية في نظام معين ليس بالضرورة الفعالية الاجتماعية في توزيع المغانم الاقتصادية بل خدمة من يصنعون القواعد.

"فالمنظمات تعكس الاطر والقواعد. فاذا كان الإطار المؤسسي يكافئ الفساد، فستظهر المنظمات الفاسدة وتزدهر. وإذا كان يكافئ الفعالية فانّ المنظمات الفعالة اقتصاديا ستبان". التغيير عنده يتطلب تطوير معايير جديدة للسلوك تدعم القواعد الجديدة، وهذه عملية طويلة الأمد. وأنهى مطالعته بالقول بانّ "الحكّام عادة لا يضعون قواعد فعالة وذلك لزوم الحفاظ على بقائهم على قيد الحياة". فكأنّ ما قاله الاقتصادي المرموق انما عن لبنان الذي تنتج بنيته منظمات فاسدة تولد ازمات بلا حول. فمؤسساتنا انعكاس لأطر لا يمكن ان تنتج ما يكافئ الفعالية. أزمتنا تتطلب تغييرا لتطوير معايير جديدة، لكن هل الفعالية في مصلحة من يمتلكون حقوق التفاوض. نظرية نورث تفسر سقوط الخطط الاصلاحية لإنها لا تضمن مصالح او تهدد بقاء القلة. أسقطت بداية خطة المالية و"لازار" واجهضت كلّ الخطط وصولا الى اليوم. العلة في تلبية متطلبات من يمتلكون حقوق التفاوض المتضاربة بالنيابة عنا وضمان بقائهم. لذا، فانّ إقرار أي خطة نهوض يتطلب اما ضغوطا إقليمية ومغانما في ظل القواعد الحالية القائمة او قلب كل الاطر المؤسسية. وهذا غير متوفر أخشى...

فحتى الموازنة الخفيفة سخّفت بإزالة ضرائب تلزم للبلديات للم النفايات، وبإزالة تدابير تعطيها طعما. النتيجة، طوفتن الشوارع بمياه ونفايات وعجز للبلديات. إرضاء الشارع من كيسه نهج مدمر.

أ.بيفاني، مدير المالية السابق يتحسّر على خطة المالية-لازار التي كانت "ستحفظ النسبة الأعلى من الودائع بفعل إعادة هيكلة الدين العام والمصارف ومصرف لبنان، بالتزامن مع اصلاحات للقطاعات العام تضمن خفض عجز الموازنة". تعثّرت الخطة لتضمنها ضبطا لحركة رساميل أصحاب حقوق التفاوض وإعادة للأموال وتدقيقا.

وقف الدولة عن سداد اليوروبنود شكّل الشرارة، لكنّ الازمة ابعد. فديون اليوروبوند شكّلت في أحسن الأحوال 9.5 من موجودات المصارف وثلث رساميلها. التعثر تترجم عندما توقف مصرف لبنان عن تحرير أموال المصارف التي اودعت لديه والضائعة في سراديب تثبيت سعر الصرف وإدارة الدولة والهندسات المالية وكهرباء لبنان والتعثر السياسي والهدر.

التأخير في إقرار الخطط رفع الدولار من سقف لازار (4500) الى 90000 ليرة الحالي، وأدى الى عدم الحفاظ على الودائع التي ما دون 500.000 $. فما عاد ممكنا رسملة المصارف بالفارق. تفاوت سعر الصرف تعويض لخسارة مصارف في تماس مع المودع.

لا تنفع الضغوط الدولية إذا ما هددت مصالح وبقاء أصحاب القرار. ازمة الخطط بانها تتضمن إعادة أموال وتدقيقا في الحسابات وعمل الأجهزة التي تتصرف بالمال العام، وهذا غير ممكن.

لكن، لضمان فعالية اي خطة يتوجب استرجاع فوائد الهندسات المالية المفرطة والاقرار بتعثر بعض المصارف وهيكلة القطاع وانتظام الدولة. المطلوب أكبر من قدرات مؤسساتنا التشريعية والتنفيذية في ظل القواعد القائمة. الازمة في مراعاة مصالح أصحاب القرار الذين قدموا للناس دعما من أموالها للتعويض عن الاصلاحات. اللاخطة تخدم القوي وتضمن استمرار التفلت على حساب المودع.

الاقتصادات غير الفعالة تنتج الركود الطويل الامد نتيجة فشل البنية (كوس1991). لبنان انموذج تعطل الاقتصاد بالسياسة وتحكم فشل السوق بالقواعد السياسة، والنتيجة انهيارا. لذا، فلا نهوض بدون تعديل قواعد البنية المؤسسية والا استراحات لتمويل انهيار مزمن يتكشف عند كل منعطف.