هل الضغط الدولي كفيل بدفع إسرائيل إلى الانسحاب من جنوب لبنان؟

قال العميد المتقاعد في قوى الأمن الداخلي والخبير العسكري د. عادل مشموشي لـ«الأنباء» إن إسرائيل لم تلتزم باتفاق وقف إطلاق النار الذي وضع حيز التنفيذ في 27 نوفمبر الماضي.

وذكر مشموشي ان إسرائيل «واصلت خروقاتها اليومية للأجواء اللبنانية عبر المسيرات فوق الجنوب وصولا إلى العاصمة بيروت والضاحية الجنوبية، وصعدت من اعتداءاتها وقامت بتفجيرات في القرى الحدودية وتهديم البيوت وجرف للأراضي أدى إلى دمار هائل تحت ذريعة مراقبتها عناصر حزب الله ومحاولاتهم تحريك بعض الأسلحة في مناطق الجنوب. وكل ذلك يبين أنه ليس هناك نيات صافية لدى إسرائيل للالتزام بالاتفاق الذي ينص على مدة 60 يوما لانسحابها التدريجي من جنوب لبنان، وفق بنود الاتفاق إلى ما وراء الخط الأزرق».

وعن دور الدول الضامنة للاتفاق بإلزام إسرائيل بتنفيذ بنوده كاملا بعد تلويحها بعدم الانسحاب، رأى د. مشموشي «أنه بحكم علاقات لبنان وصداقاته مع الولايات المتحدة الأميركية والدول الأوروبية وتحديدا فرنسا، ستعمد هذه الدول إلى الضغط على العدو الإسرائيلي لإلزامه بالانسحاب، تماما كما حصل عند إبرام الاتفاق بين إسرائيل وحركة حماس عندما مارس الرئيس دونالد ترامب ضغطا لإنهاء الاتفاق الذي تم خلال يومين. ولا أستبعد أن يتكرر الأمر في لبنان، رغم سعي إسرائيل للإبقاء على بعض التمركزات على طول الحدود، لكن الضغط الدولي كفيل بدفع إسرائيل إلى الانسحاب».

وردا على سؤال، أشار مشموشي إلى أن «ما قاله بعض مسؤولي حزب الله من أن اتفاق وقف إطلاق النار يقتصر على المنطقة الواقعة جنوب نهر الليطاني، هذا الكلام حاولت إسرائيل من خلاله الضغط من أجل أن تتدخل الدولة اللبنانية وتؤكد من أن الاتفاق يطبق على كل الأراضي اللبنانية، وبالتالي تريد إسرائيل أن يلتزم حزب الله بتسليم كامل أسلحته حتى خارج منطقة جنوب الليطاني إلى شمال الليطاني إلى الدولة اللبنانية. هذا الأمر هو مسألة لبنانية بحتة، وستكون مدار بحث على المستوى اللبناني. وقد تحصل ضغوط دولية لمؤازرة الدولة في تنفيذ هذا البند، وبالتالي لابد من مخاض ديبلوماسي وتفاوض داخلي لبناني، اذ إنه لا يمكن لدولة خارجية أن تنزع سلاح حزب الله».

وأعرب مشموشي عن اعتقاده «التزام حزب الله ببنود القرار1701 كي لا تتكرر الحرب مرة ثانية، خصوصا بعد أن أسفرت الحرب الأخيرة عن نتائج كارثية وقاسية لحقت بالحزب بسبب فتح جبهة إسناد غزة، بأن تمكنت إسرائيل من النيل من معظم قيادات الحزب وقادته الميدانيين وعناصره فضلا عن سلاحه، رغم توجيه الحزب للصواريخ المتوسطة إلى عمق الكيان الإسرائيلي. وكان للخطوة الأخيرة بعد معنوي، ولم يكن لها تأثير على المستوى العسكري في الحرب. من هنا نرى الخلل الكبير في الاتفاق الذي أبرم بين لبنان وإسرائيل، وبينها وبين حركة حماس، ذلك أن نسبة الخرق الاستخباراتي لحركة حماس كان ضئيلا، قياسا لخرق هيكلية حزب الله الذي ساعد في انهياره بشكل سريع».

ورأى د. مشموشي «أن إسرائيل كانت تضع نصب عينها ضرورة التخلص من حزب الله والقضاء على قدراته، أكثر مما كانت تتصور أن حركة حماس قد تعدت هذا المستوى من الاستعداد لمواجهة إسرائيل والقيام بعملية طوفان الأقصى، التي كانت من العمليات النوعية على المستوى العسكري، نظرا إلى سرعة المناورات التي اعتمدت دقة التنفيذ وتحقيق نتائج خلال ساعات معدودة تمكنت من خلالها من أسر عدد كبير من الإسرائيليين. ورغم الحرب على غزة التي تجاوزت 15 شهرا وأدت إلى سقوط أعداد هائلة من الضحايا، لم تتمكن إسرائيل من تحرير الأسرى. هذا الأمر ساهم في إعطاء حركة حماس القدرة على التفاوض وأن تكون حازمة في هذا الأمر، إلى جانب عامل الضغط ليس على إسرائيل، بل على محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية اللتين شكلتا عنصر ضغط. كذلك الأمر بالنسبة إلى الإدارة الأميركية والادارات في الدول الأوروبية، والتعاطف الشعبي مع الفلسطينيين الذين تعرضوا لإبادة جماعية».

وتابع مشموشي: «أما بالنسبة إلى لبنان، فقد بدا انه من فتح الحرب على اسرائيل وتدخل في معركة غير معني بها، ولم يلق التعاطف معه من قبل المجتمع الدولي، ولم نشهد تحركات شعبية على المستويين الدولي والعربي مؤيدة لحزب الله، لذا ردت اسرائيل بشكل كانت تحضر له، فجاء ردها قاسيا».

ولفت إلى «أن الجيش اللبناني في كامل جهوزيته لاستكمال انتشاره في منطقة جنوب الليطاني فور انسحاب الجيش الإسرائيلي منها لمتابعة تطبيق القرار 1701. وسيعزز هذا الانتشار، في وقت لايزال الجيش الإسرائيلي يعيق خطة انتشار الجيش اللبناني، ويواصل خروقاته لاتفاق وقف إطلاق النار».