هل انتهت أضرار حريق مكب سرار بإخماده؟... مخاطر بيئيّة وصحيّة على الهواء والمياه والتربة

مع إعلان الأمين العام الهيئة العليا للاغاثة اللواء محمد الخير، عن اطفاء الحريق في مكب سرار العشوائي الاكبر في محافظة عكار، بعد 25 يوماً من اشتعاله أو إشعاله، ومنع تدفق الادخنة الملوثة منه اثر عمليات الطمر بالاتربة التي استمرت مدى اليوميين الماضيين والتي سبقتها عمليات اطفاء وتبريد بالمياه تولاها الدفاع المدني، ثمة تساؤلات تطرح مع انتهاء عمليات طمر النفايات المحروقة: هل يسلك هذا الملف مساره القضائي الشفاف فيحاسب من يجب محاسبته حقيقة وينصف اهل المنطقة ولاسيما منهم أبناء القرى والبلدات المحيطة بالمكب، المتضرّرين منه اساسا؟ وهل تبادر الدولة الى وضع يدها على معمل الفرز لتشغيله بما يتوافق مع الأهداف التي انشىء من اجلها حلاً لمعضلة النفايات المنزلية؟ وماذا ستفعل لمعالجة مئات المكبات العشوائية المنتشرة على جوانب الطرق ومجاري الانهر وفي الاودية والغابات.

25 يوماً من الحرائق والادخنة المشبعة بالأوبئة والروائح الكريهة، هي المدة التي استغرقها اهماد حريق النفايات المتعمد في هذا المكب العشوائي، والتي تتابعت فصولها المأسوية من 22 حزيران الماضي حتى الثلثاء، وسط غياب المعالجات الجدية وصمت مريب لدى الجهات الرسمية المعنية كافة، بدليل استمرار ادخنة الحريق بكل مساوئها.
 
وعلى رغم الجهود الكبيرة التي بذلها الدفاع المدني بالامكانات المتوافرة، لم يبادر اي من اصحاب المكب المتخاصمين في هذه المدة، الى بذل اي جهد حقيقي لمعالجة الامر، الذين يفترض ان تجري على نفقتهم، بل اكتفوا بتبادل الاتهامات.

وكان ابناء المنطقة شكلوا لجنة متابعة، طالبوا من خلالها المسؤولين المعنيين بايجاد حلول عاجلة لهذه الازمة، ملوّحين بأنهم سيضطرون الى قطع الطرق وتصعيد حركة احتجاجاتهم الى حين انهاء هذه المأساة البيئية والصحية.
 
المستغرب انه حتى الان لم يفتح تحقيق رسمي لتحديد المسؤوليات، الامر الذي يعزّز الشكوك التي تقارب حد الحقائق، في ان خلف المكب ونفاياته ومعمل فرز النفايات الذي صرفت على انشائه وتجهيزه ملايين اليوروهات من الاتحاد الاوروبي والبنك الدولي، وهو المنشأ منذ سنوات على ارض خاصة تملكها عائلة الياسين التي يتنازع ابناؤها اليوم على الملكية، سمسرات وصفقات بالملايين، تطغى رائحتها على رائحة النفايات وملوثاتها التي تطاول صحتهم المواطنين وأراضيهم ومزروعاتهم ومياههم الجوفية والسطحية.
 
علماً ان المكب يشغل مئات آلاف الأمتار المربعة (حوالى مليون متر مربع) على تلة تشرف على الجزء الشمالي من سهل عكار، تحوطها اودية تشكل مساراً لمياه المطر التي تصب في مجريي نهري الاسطوان والكبير الجنوبي.
 
خير: جريمة بيئية
وأعلت اللواء خير انه "بعد المتابعة، وبتوجيهات من الرئيس نجيب ميقاتي، اتمت فرق الدفاع المدني بكل أجهزته وآلياته الموجودة في عكار ومحيط قرية سرار عملية الأطفاء والتبريد بالمياه.

وتبعتها عملية الطمر بالاتربة مدى اليومين الماضيين، لتنتهي جذريا مسألة تسرب الادخنة واهماد حريق النفايات بشكل تام".
ولفت الى انه "سيطلع رئيس الحكومة خلى كل التفاصيل المتعلقة بالحريق وكل ما يجري في المكب، وسيحمل كل المقصرين من مسؤولين وأصحاب مكبات ومتسببيّن تبعات الحريق".
 
وشكر "كل من تابع هذا الملف وعمل لإنهاء هذه الجريمة البيئية وعلى الأخص الدفاع المدني".
وأكد "أن المهمة انجزت، وأن أي شيء يحصل في قابل الايام تتحمله الشركة المشرفة وأصحاب المطمر"، داعياً ادارة المطمر الى "التزام كل القوانين المطلوبة لسلامة أرواح الناس".
 
 
اللبكي: خطة لإنشاء مطمر صحي
 
وأشار المحافظ عماد اللبكي الى "متابعة خطة انشاء مطمر صحي مع معالي وزير البيئة". وشكر الرئيس ميقاتي واللواء خير والدفاع المدني على كل ما بذلوه من أجل معالجة هذا الحريق.
 
ناشطون بيئيون
 
وفي السياق نفسه، سأل ناشطون بيئيون: هل ان عمليات التبريد بالمياه كانت المعالجة الفضلى لأدخنة الحريق المتمادي، والى اين ستؤول هذه الكميات الكبيرة جدا من المياه الممزوجة بعصارة نفايات المكب، وما هي الاضرار البيئية التي ستترتب على المياه الجوفية والسطحية وعلى الاراضي...الزراعية بمجملها؟
ودعوا الجهات المعنية والمسؤولة الى ايفاد خبراء بيئيين لاخذ عينات من تراب سرار وجوارها وهوائهما ومياههما لتبيان مدى الضرر البيئي الذي خلفته نفايات المكب والحريق الاخير.