المصدر: Kataeb.org
الكاتب: شادي هيلانة
الاثنين 16 حزيران 2025 15:51:41
يقف الشرق الأوسط اليوم عند حافة تحول استراتيجي كبير، يعيد من خلاله اللاعبون الإقليميون والدوليون رسم مشهد الصراع والتحالفات. التطورات المتسارعة بعد 12 حزيران تشير إلى أن المنطقة تدخل مرحلة جديدة، لم تعد فيها الخطوط الحمر قائمة، ولم يعد الردع يُمارس وفق القواعد القديمة.
إسرائيل، التي كانت تلتزم نسبيًا بضوابط الرد، أعلنت فعليًا نهاية زمن الخطوط الحمر، وبدأت بفرض مفهومها الخاص للردع، سواء في غزة، أو في لبنان، أو مؤخرًا في العمق الإيراني. فبعد استهدافات مركّزة لقيادات ومراكز "حزب الله" في الضاحية الجنوبية والبقاع والجنوب، انتقل الهجوم إلى الداخل الإيراني عبر ضربات دقيقة، صامتة، وفعّالة، دون إعلان مباشر، ودون حاجة لاتفاقات أو وساطات.
وفق رأي الأستاذ في العلاقات الدولية جان طعمة، في حديث لموقع kataeb.org فإن ما تتعرض له طهران ليس مجرد تصعيد مؤقت، بل تغيير نوعي في قواعد المواجهة. فإيران التي طالما تمسكت باستراتيجية الحرب بالوكالة عبر أذرعها في المنطقة – من حزب الله إلى حماس وميليشيات العراق – تجد نفسها اليوم في موقع المواجهة المباشرة. وهذه الأذرع، بحسب طعمة، إما استُنزفت أو فقدت فعاليتها، ما دفع بطهران إلى الواجهة، لتواجه وحدها عبء المعركة.
المفارقة تكمن في أن إيران، رغم ترسانتها الصاروخية الهائلة، تبدو عاجزة عن خوض مواجهة نديّة مع إسرائيل، التي تمتلك قدرة فائقة على تنفيذ ضربات دقيقة تُربك الخصم دون انخراط واسع أو مباشر. وفي وقت ترتفع فيه حدة الضربات، تتراجع قدرة طهران على الردّ، وتدخل في حالة استنزاف شبيهة بما يعيشه الحزب، انتظار دائم للضربة التالية، وحرية شبه مطلقة للعدو في اختيار توقيت المعركة وميدانها.
السؤال المطروح اليوم: هل تتحول طهران إلى "ضاحية جديدة" ضمن بنك الأهداف الإسرائيلي المفتوح؟ وهل تصمد البنية المركزية لمحور الممانعة بعد تفكك أطرافه؟ المشهد الممتد من بيروت إلى بغداد يوحي بأن زمن الدفاع عن الجبهات قد انتهى، وأن المعركة باتت معركة بقاء رمزي لأنظمة، لا مجرد صراع على الأرض أو النفوذ. أما ما بعد 12 حزيران، فقد يكون بداية لانهيار تدريجي في بنية التوازنات القديمة، وانطلاقة لشرق أوسط جديد يُكتب بالدم والنار