المصدر: وكالة الأنباء المركزية
الكاتب: يولا هاشم
الأربعاء 21 أيار 2025 16:14:46
أكد الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاثنين أن روسيا وأوكرانيا "ستباشران فورا مفاوضات للتوصل إلى وقف إطلاق النار" بعد اتصال اجراه مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين وصفه بأنه "ممتاز".
من جهته، وصف الرئيس الروسي الاتصال بأنه "مفيد جدا"، وأضاف أمام صحافيين أن روسيا مستعدة للعمل مع اوكرانيا على "مذكرة تفاهم" بشأن "اتفاقية سلام محتملة" مشددا على الحاجة إلى "إيجاد تسويات" لدى طرفي النزاع.
في المقابل، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن لا تفاصيل لديه في الوقت الراهن بشأن هذه "المذكرة" معربا عن استعداده لدرس العرض الروسي.
وكتب ترامب على شبكته للتواصل الاجتماعي "تروث سوشال" إن "روسيا وأوكرانيا ستباشران فورا مفاوضات بهدف وقف لإطلاق النار، والأهمّ بهدف إنهاء الحرب"، خاتماً منشوره الطويل بعبارة "فلينطلق المسار!". فهل بات الصراع الروسي –الاوكراني على نار حامية باتجاه الحلّ؟
العميد المتقاعد ناجي ملاعب يؤكد لـ"المركزية" ان "لا بدّ من التوقف عند الاستراتيجية الجديدة للولايات المتحدة الأميركية في المنطقة بهدف فهم ما يجري في اوكرانيا وباقي العالم. صحيح ان الرئيس الاميركي يتحدث عن عالم من دون حروب وبأنه مرر ولايته السابقة من دون حروب وكان صاحب نظرية سحب الجنود الأميركيين من أفغانستان، وتساءل عن سبب تواجد القوات الاميركية في سوريا وسحب العديد منهم، وقام بإعادة جمع سوريا بالضغط لإنهاء حزب العمال الكردستاني، وإراحة تركيا، وإلزام الاكراد في الدخول في قوات سوريا الديمقراطية وفي وزارة الدفاع السورية الجديدة، وبالتالي، ما نراه في المنطقة يدلّ على أن ترامب يضغط فعلا باتجاه إنهاء الحروب المستمرة التي تشارك فيها الولايات المتحدة".
ويضيف ملاعب: "بالعودة الى الاستراتيجية، نجد ان ترامب يحاول إنهاء الليبرالية التي تقوم على نشر الثقافة الاميركية وتقديم المساعدات تمهيدا لتحقيق الديمقراطية في الدول خارج الولايات المتحدة. وبدأ التساؤل حول جدوى نشر الديمقراطية والمساعدات التي تقوم بها الـusaid وغيرها في العالم، لأنها لم تساعد أميركا في شيء. فالصين تتقدم وأميركا في المقابل تخوض حروبًا تكلفها أموالًا طائلة. وهذا ما حصل في اوكرانيا، وسيحصل في حال دخول الهند في حرب مع باكستان. وأوقف القتال في اليمن، في سبيل تحرير طرق التجارة البحرية، والتوفير على الخزينة الأميركية مالا كثيرا. لم يعد ترامب يسأل إذا ما كان الحوثيون سوف يواصلون إرسال صواريخهم وقذائفهم باتجاه اسرائيل، لأن القتال خارج الولايات المتحدة واستقدام حاملات الطائرات بما تضمه من قطوعات بحرية أخرى، وعسكر مارينز مكلف جدًا. وهذا ما يدرسه الاميركيون".
ويتابع: "من ناحية أخرى، استقدم ترامب اقتصاديين ورجال أعمال ناجحين في وظائفهم وأصبحوا جزءا من الإدارة الاميركية الجديدة، لأنه يعتبر ان أميركا أولا لناحية الحصول على الطاقة والتجارة الدولية وفرض ضرائب على المستوردات وتسهيل استهلاك البضائع الاميركية.. هذا الاسلوب نفذه في اوكرانيا، واعتبر ترامب ان طالما روسيا موجودة وتحارب وطالما لديها امدادات كبيرة وقادرة على الحرب، فهذا يعني ان الحرب مستمرة. لكن في سبيل ماذا؟ وبالتالي، استطاع ترامب ان يتدخل في هذا الاتجاه في إنهاء الحرب من خلال استغلال الموارد الاولية الاوكرانية لصالح اميركا، باعتبار أن واشنطن ستنهي الحرب لكن على طريقتها، هذا ما حاول حتى اليوم القيام به".
ويشير ملاعب الى ان "عالم اوروبا ليبرالي يرتبط بالنظرية الاميركية السابقة بأن "لا يُسقِطُ حرفاً من النحوي"، كما قال بايدن في اول شباط 2022 عند الدخول الروسي الى اوكرانيا حين اعتبر ان ما يحصل تعدٍ على سيادات الدول ولن يقبل به. هذا كان الشعار وتحت هذا الشعار قاتلت اميركا وتكلفت، بينما الرئيس ترامب اليوم صاحب نظرة براغماتية أكثر، بمعنى ان عندما يصل الى السلطة سوف ينهي هذا القتال. القصد بإنهاء القتال هو اعتماد نظرية من نظريتين، الواقعية والليبرالية. تحدثنا عن الليبرالية والتي تعتمد على "لا يسقط حرفا من النحوي"، لكن الواقعية، وهي نظرية كيسنجر التي استعملها في استجلاب الصين الى العالم الغربي بدلا من ان تكون الصين جزءا من النضال الشرقي مع الاتحاد السوفياتي سابقا. وتفترض الواقعية، إذا ما كان هناك اعتراف بالأمن القومي الروسي، بأن تكون القرم جزءا من الأمن القومي الروسي في ما كانت سابقا جزءا من روسيا، الاعتراف بهذا الوضع يُنهي الحرب، لذلك هذا ما تفكر به أميركا".
ويختم: "كل هذا يوصلنا الى الوضع الحالي، حيث ان الاتصالات المستمرة بين بوتين وترامب وآخرها اتصال دام لمدة ساعتين بينهما، وصف من الفريقين بأنه ناجح ويبنى عليه وأن الحوار سوف يبدأ مباشرة بين روسيا واوكرانيا، وقد استضافت تركيا جزءا منه. لكن الى اين سوف يؤدي؟ في حال كان هناك تدخل أميركي كما شهدنا بين الباكستان والهند وأوقف أي تطور باتجاه الحرب، عندها من الممكن، في حال الضغط الاميركي على اوكرانيا والاستفادة من ترغيب روسيا بأن الاتصالات المقبلة معها ستكون مثمرة للغاية اقتصاديا مع الاميركيين وسيستفيد منها الجانبان. في النهاية، ستضطر كل من روسيا واوكرانيا للقبول بالضغط الاميركي وصولا الى إنهاء الحرب التي طالت ولا أفق لها بالنجاح. الأمر يحتاج الى تدخل دولي وبالأخص أميركي يحمي حقوق البلدين عمليا، سواء اوكرانيا إذا ما وافقت على الخطط الاميركية الاقتصادية، ويبدو أنها وافقت، وكذلك روسيا إذا ما وعِدت باتجاه تحقيق تعاون اقتصادي قوي بين البلدين مستقبلا".