هل تُنفّذ روابط الرسمي قرار مقاطعة العام الدراسي؟

ليست المرة الأولى التي تعلن فيها روابط التعليم الرسمي التوقّف عن العمل وعدم الحضور إلى المدارس وإغلاق المؤسسات التربوية، احتجاجاً على الانهيار الاقتصادي، والواقع الذي وصل إليه الأستاذ، فقد سبق لهيئة التنسيق النقابية بكل مكوّناتها الحزبية أن تبنّت توصية لمجموعة من المديرين في التعليم الأساسي والثانوي ببدء «عصيان مدني»، ابتداءً من الأول من تموز الماضي من دون أن تجد «الخطوة الارتجالية» طريقها إلى التنفيذ في المدارس والثانويات. وبحجة إنجاز العام الدراسي الماضي بكل محطاته، حضر المديرون، بمن فيهم بعض المعترضين المشاركين في إعداد التوصية، لإنهاء الامتحانات النهائية وإصدار العلامات والانخراط في كل أعمال الامتحانات الرسمية من مراقبة وتصحيح وإصدار نتائج، فيما ليس معروفاً ما إذا كان بعض المديرين سينهون السنة المالية للعام الدراسي الماضي ويرفعون موازناتهم السنوية، أم سيلتزمون قرار الروابط، مع الإشارة إلى أن البعض سلّم موازناته.

 

رابطة أساتذة التعليم الثانوي اشترطت للعودة إلى الصفوف وبدء عام دراسي جديد أن يجري تصحيح للرواتب، وإعادة الاعتبار إلى موقع الأستاذ الثانوي ومكانته وحقوقه المالية والصحية والاجتماعية. عضو الرابطة مدير ثانوية كفرا الرسمية فؤاد إبراهيم أوضح المطلب بالقول: «إن الروابط تدرك بأن تصحيح الرواتب أمر متعذّر في هذه الفترة بسبب غياب الإيرادات، لكننا لن نعود قبل إعطاء سلفة غلاء معيشة كتمهيد لتصحيح الرواتب». لكن ماذا لو لم ينفذ التوقف عن العمل على غرار ما حصل مع توصيتكم السابقة؟ إبراهيم رأى أنه «إذا لم تكن هناك متابعة لتنفيذ القرار فستكون هناك خروق من باب المونة والمجاملات بين المديرين والوزارة، لذا دعونا المديرين إلى الانسحاب من كل المجموعات على واتساب لضمان منع كمّ الأفواه، وندعو أيضاً إلى تشكيل لجان متابعة مركزية وعلى مستوى الفروع مشتركة بين التعليمين الأساسي والثانوي لقطع الطريق أمام الحضور إلى المدارس وتمرير معاملات إدارية، ولا يجب أن يكون هناك دوام يوم الثلاثاء طيلة آب الجاري». ورفض إبراهيم «شيطنة» التحرك من باب الضغط السياسي وتوجيهه لخدمة تشكيل الحكومة، قائلاً: «لنكن واقعيين، السياسيون لا ينتظروننا فهم لم يشكلوا حكومة رغم الانهيار الكامل ورفع الدعم عن المحروقات».

 

وإذا كان الموقف الجديد للرابطة يتقاطع مع ما يطالب به الأساتذة الثانويون منذ وقت طويل، إلا أن البعض أبدى حذره من الخطوة، باعتبار «أننا تعوّدنا أن تكون تحركات الرابطة محكومة بحسابات سياسية، ونخاف أن يكون الهدف تسهيل تحقيق مكسب سياسي على حساب مطالبنا النقابية الصرفة» بحسب الأستاذ في ثانوية قانا الرسمية فراس حريري. وسأل: «كيف ستتعاطى الرابطة مع تحضيرات الوزارة لعام دراسي مكوّن من 18 أسبوعاً دراسياً، لا أونلاين ولا مدمج في ظل هذه الظروف الصعبة؟». ولم يستبعد أن تكون الرابطة لعبت هذه الورقة لامتصاص غضب الأساتذة، باعتبار أن «التوقف عن العمل سيكون تحصيلَ حاصل نتيجة هذه الظروف، فلا الأستاذ ولا التلميذ سيكونان قادرين على الذهاب إلى الصفوف». أما الأستاذ في ثانوية شمسطار الرسمية، مهند سليمان، فوصف القرار بـ«المسرحية الهزلية التمويهية المقيتة في الوقت الضائع، لكون الرابطة نفسها لم تلتزم ببياناتها السابقة المتعلقة بالعصيان إذ أنهت العام الدراسي وشاركت في الاستحقاق الرسمي وتحضير الموازنات، علماً بأنها تفرض نفسها علينا بالأمر الواقع وليس بالقانون».

 

رابطة المعلمين في التعليم الأساسي الرسمي أعلنت أيضاً الإضراب ابتداءً من يوم أمس وعدم تنفيذ أيّ من الأعمال الإدارية وصولاً إلى العصيان المدني، إذا لم يتغير المشهد وتحصل معالجات جدية وسريعة. واشترطت للعودة «إقرار مشروع القانون بصرف 500 مليار ليرة لدعم التربية والمعلمين والمدارس، تأمين المحروقات بأسعار معقولة للمعلمين كي يستطيعوا الحضور إلى مدارسهم، توفير المازوت للمدارس، تحسين أوضاع الرواتب من خلال إعطاء سلفة غلاء معيشة وزيادة أجر حصة التعاقد، زيادة نسبة التغطية الصحية، تسريع إعطاء اللقاحات، تأمين بدل نقل للتلامذة والإسراع في بتّ المناقلات».


وبحسب مصادر في الرابطة، حصل في الاجتماع الذي عُقد عبر تطبيق زووم اختلاف في وجهات النظر بشأن شمول المدرسة الصيفية التي تنطلق في 18 الجاري، بقرار الإضراب بما أن التعليم الأساسي سيكون القطاع الوحيد الذي سيسيّر هذه المدرسة. فمن الحاضرين من رأى أن المدرسة الصيفية يجب أن تكون مشمولة بالإضراب وبدا أن جميع الإدارات في بيروت لن تفتح أبوابها، في حين أن مديرين في الشمال والجنوب أكدوا أنهم سيبدأون بالتدريس في الموعد المحدد بعدما أنجزوا التسجيل واكتملت لديهم الأعداد، وخصوصاً أن المدرسة سمحت لأيّ أستاذ أو تلميذ يقطن قربها بالالتحاق بالدورة.


وبالنسبة إلى آراء القوى الحزبية المنضوية في الرابطة حيال الإضراب، لفتت المصادر إلى أن حركة أمل أمسكت العصا من النصف، أي أنها أبدت تأييدها للتوقف عن العمل شرطَ عدم تنظيم تحرك في الشارع، فيما بدا الحزب الاشتراكي ميّالاً لبدء العام الدراسي تحت عنوان عدم أخذ التلامذة رهينة، وكان موقف حزب الله هو الأكثر تصعيداً لجهة إعلان العصيان.