يتوزع الإهتمام الرسمي في البلاد بين متابعة التحضيرات لزيارة قداسة الحبر الأعظم البابا لاون الرابع عشر وبين التهديدات الإسرائيلية بتصعيد محتمل في لبنان، واذا كان الملف الأول قد انجز تقريبا بإستثناء تفاصيل صغيرة فإن الملف الثاني يصعب التكهن بكيفية معالجته وسط الحديث عن مهلة ترددت في الإعلام تنتهي في ٣١ كانون الاول المقبل لتسليم السلاح.
في طريق توجُّهه الى تركيا، كانت لافتة اشارة قداسة الحبر الأعظم في لقاء مع الصحافيين انه سيحث حزب الله واسرائيل على التفاوض لكي لا يفوِّتوا قطار السلام. هذا الكلام الصادر عنه قد يُقرأ من عدة جوانب، انما البارز فيه دخوله على الخط في موضوع الحض او الحث، فهل من مبادرة فاتيكانية قد تُطلق اثناء زيارته لبنان مع العلم ان هناك محطات عدة لها حيث سيتحدث البابا لاون الى الحضور.
اما بالنسبة الى الحراك الديبلوماسي، فإن ما بعد زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي تحط الموفدة الأميركية مورغان اورتاغوس في بيروت في منتصف الاسبوع المقبل وهي تندرج في اطار العمل على خفض التوتر من دون مبادرات جديدة.
فما هو مطروح سواءٌ بالنسبة الى الحراك المصري او الأميركي المرتقب العمل على عدم التلكوء في موضوع حصرية السلاح بيد الدولة ومن دون اتمام هذا الملف او على الاقل اعادة النظر بوضع جدول زمني فإن المسألة مفتوحة على عدة خيارات دون اغفال مسألة اعادة هيكلة الحزب التي يشير اليها العدو الإسرائيلي.
فهل من خطط جديدة للسلطة الرسمية في القريب العاجل؟ وماذا عن مبادرة رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون التي اطلقها في ذكرى الإستقلال من تفاوض برعاية أممية، فهل ما تزال صالحة؟
ما هو متوافر من معطيات لا يؤشر وفق مصادر سياسية مطَّلعة لـ«اللواء» الى وجود مسعى جديد او قرار طارىء سوى ذلك المتخذ في جلستي الحكومة بشأن حصرية السلاح،وبالتالي ليست هناك من مجالات اخرى متاحة وأن ما يُرصد من إتصالات رسمية يتركز في الغالب على رفض اسرائيل تنفيذ وقف الاعمال العدائية ودور الجيش في اتمام خطة حصرية السلاح، مؤكدة في الوقت نفسه ان الحوارات الداخلية خجولة والمواقف الإيرانية عن أهمية بقاء الجناح العسكري لحزب الله آخذة في التمدد،وبالتالي فإن ليس هناك في الأفق اي تقدم في موضوع صفر سلاح ، الأمر الذي يوجب على الدولة اتخاذ مجموعة إجراءات تحمل صفة العجلة، في حين ان الوساطات هذه المرة ايضا لن تتمكن من إحداث اي خرق وسط أجواء تروِّج لها اسرائيل حول عمليات مقبلة لها.
وتفيد هذه المصادر ان أية جولات تصعيد جديدة في لبنان سيدفع ثمنها لبنان بأكمله، وهو الذي لا يزال يعوِّل على مجموعة مؤتمرات للدعم وما تزال حكومته تعمل على بناء جسور الثقة مع الأشقاء العرب، وترى انه حتى الآن ليس واضحا ما اذا كان الواقع سيتبدل في الشهر الفاصل قبل نهاية العام المقبل، مؤكدة ان مبادرة رئيس الجمهورية حول التفاوض لم تنتهِ،لكنها لم تحصل على اجوبة عملية وهو ما عكسه الرئيس عون امام زواره، ما يعتبرها كثيرون انها معلقة الى الوقت المناسب الا اذا طرأ تعديل عليها،مع العلم ان الرئيس عون سبق وأن ندَّد بلغة الحروب واختار مبدأ التفاوض من اجل حقوق لبنان، ملاحظة ان بعض المواقف يتحدث عن عدم قدرة الجيش على نزع السلاح، في حين ان الرئيس عون رفض الادعاءات التي تطاول الجيش وتشكك بعمله الميداني، وقال ان لجنة الميكانيزم وثقت ما قام به الجيش في اطار مصادرة الذخائر والكشف على الأنفاق وغيرها ، كما ان خطة الجيش لم تتوقف وها هو تقريرها الثالث سيحط قريبا في مجلس الوزراء للبحث.
ليس هناك من حديث حسب قول المصادر الا عن سيناريو خطير ستمر به البلاد ومن غير المعلوم ما اذا كان الامر ينمُّ عن تهويل اعلامي أو حقيقة دامغة،ويبقى ان زيارة الحبر الأعظم الى لبنان هي نقطة الامل والسلام الموجودة، فهل يسعى الفاتيكان الى إتصالات لتجنيب البلاد الكاس المر، انها مسألة لا يمكن توقعها قبل اتمام هذه الزيارة في موعدها والموقف عند النداءات التي يطلقها قداسته.
بدءًا من شهر كانون المقبل يدخل لبنان فصلاً جديداً، فصل انتظار لما قد تخلُص اليه إتصالات خفض التوتر والإجراءات المتسارعة على الارض تحقيقا لهذا الهدف..انه انتظار ثقيل لكن لا مفرَّ منه في نهاية المطاف.