المصدر: الحرة
الأحد 11 آب 2024 14:49:46
عندما تلقى المنتخب الأولمبي المصري هزيمة قاسية قوامها 6 أهداف دون مقابل أمام نظيره المغربي ضمن مواجهة تحديد المركزين الثالث والرابع بمسابقة كرة القدم بأولمبياد باريس 2024، عاد الحديث عن مجددا عن برمجة المسابقات المحلية وإذا ما كانت هي السبب وراء ما اعتبر أنه "فضيحة".
وبالتزامن مع ذلك، جدد النادي الأهلي القاهري الحديث عن روزنامة المسابقات الكروية المحلية غير المنتظمة عندما قرر الانسحاب من بطولة كأس مصر هذا الموسم وعدم استكمالها من دور ثمن النهائي.
وأرجع الأهلي ذلك إلى رغبته في منح لاعبيه راحة للاستعداد للموسم الجديد، في ظل أزمة عدم وجود فترات فاصلة بين المواسم الكروية خلال السنوات الأخيرة، وهي ما يرى محللون أنها أثرت سلبا على الكرة المصرية وعرضت اللاعبين للإرهاق الشديد.
وأصدر الأهلي بيانا، الجمعة، أعلن فيه عن "الاعتذار لعدم استكمال بطولة كأس مصر ... ومنح الجهاز الفني إجازة ابتداء من اليوم نظرا لحالة الإرهاق الشديدة وضغط المباريات المتتالية طوال الفترة الماضية".
كما منح الأهلي لاعبيه الذين خاضوا عددا كبيرا من المباريات على مدار الموسم راحة سلبية، والاستعانة بعدد من الناشئين خلال المباريات الثلاث المتبقية من الدوري الممتاز، الذي حسمه الفريق الأحمر بعد الفوز على سموحة بهدف يتيم، الخميس.
وينتظر الأهلي عقوبات عقب الانسحاب قد تصل إلى غرامة مالية قدرها مليون جنيه (20.3 ألف دولار)، بجانب الحرمان من المشاركة في بطولة الكأس العام المقبل، وفق تقارير إعلامية محلية.
واعتبر المحلل الرياضي المصري، محمد عبدالحافظ، قرار الأهلي "شبه منطقي"، قائلا إنه "في حال عدم انسحابه سيقلل فترة الراحة للاعبيه بين المواسم. وبالتالي الفريق ضحى بالكأس من أجل منح لاعبيه الأساسيين أكبر قدر ممكن من الراحة، لا سيما في ظل وجود تجمع دولي للمنتخب المصري الأول في شهر سبتمبر".
وأضاف عبدالحافظ في حديثه لموقع "الحرة" أن "تلاحم المواسم جعل الأهلي بحاجة إلى تقليل ضرر ضغط الأجندة الكروية استعدادا لموسم أكثر صعوبة".
ويشارك الأهلي الموسم المقبل في بطولتي الدوي والكأس المحليتين، بجانب كأس السوبر المصري وكأس السوبر الأفريقي ودوري أبطال أفريقيا والدوري الأفريقي وكأس العالم للأندية.
ومع ذلك، يرى الناقد الرياضي، ياسر أيوب، أن أزمة عدم انتظام المسابقات الكروية المحلية في مصر لا يجب الحديث عنها بعيدا عما يحدث في القارة الأفريقية بشكل عام.
وأوضح في حديثه مع موقع "الحرة" أنه "لا خلاف على عدم انتظام المسابقات في مصر، لكن هناك نقطة أخرى يجب التطرق إليها وهي أن الاتحاد القاري الذي يأتي كل عام بمواعيد وشكل بطولات مختلفة".
والعام الماضي، استحدث الاتحاد الأفريقي لكرة القدم بطولة دوري السوبر الأفريقي بمشاركة 8 أندية من مختلف أنحاء القارة.
وهنا تابع أيوب حديثه: "أظن أنه لا يجرؤ أي اتحاد قاري آخر على فعل ذلك، لكن في أفريقيا يمكن أن تقام بطولة الأمم مرة في الصيف ومرة في الشتاء".
وجاءت أزمة الأهلي بعد أن قرر عدم المشاركة في بطولة محلية مستحدثة وهي كأس الرابطة، التي فاز بها فريق سيراميكا كليوباترا حديث العهد بأول نسختين منها خلال العامين الماضيين.
وسيناريو الاعتذارات عن المشاركة لم يقتصر على النادي الأحمر للأسباب عينها، إذ انسحب قطب القاهرة الآخر، الزمالك، من مباراته في الدوري الممتاز أمام غريمه التقليدي الأهلي خلال يونيو الماضي.
وكان الفريق الأبيض يعترض آنذاك على جدولة المباريات بعد تأجيل لقاءات للأهلي في البطولة المحلية، وهو ما دافع عنه المسؤولون حينها بأنها ضرورة بسبب مشاركات الفريق القارية والدولية.
ويرى عبدالحافظ أن انسحاب الأهلي من بطولة الكأس مختلف عن قرار الزمالك في مباراة الدوري، وإن كانت كل خطوة الأساس فيها هو عدم انتظام المسابقة بشكل عام.
ويرى محللون أن استمرار المسابقات وعدم وجود فترات راحة صيفية بين الموسم والآخر في الدوري المصري، يؤدي إلى تعرض اللاعبين للإرهاق، مما يجعلهم ضحية الإصابات المتكررة جراء الاستنزاف البدني.
وقال الناقد المصري أيوب إن "عدم انتظام المسابقات في مصر، يضر اللاعبين بشكل بدني بسبب عدم وجود فترات إعداد سليمة، بجانب الضرر النفسي حيث يعاني اللاعب من ضغوط متواصلة. كل أندية العالم يحصل لاعبوها على إجازات ويقضون أوقاتا مع الأسرة، لكن لاعب الكرة في مصر مطحون طوال الوقت، وليس سليما نفسيا أو بدنيا".
بدوره، ذهب عبدالحافظ في الاتجاه ذاته قائلا: "تلاحم المواسم على اللاعبين كبير؛ لأنه يهلك اللاعب (بدنيا). فعندما لا يحصل على راحة كافية يكون أكثر عرضة للإصابات، ولا يختلف ذلك عن المستوى العالمي".
ويعد لاعب نادي برشلونة والمنتخب الإسباني، بيدري لوبيز، أكبر مثال مؤخرا على عملية استهلاك اللاعبين بدنيا وتحميلهم فوق طاقتهم، فحينما لعب موسم 2020-2021 أكثر من 70 مباراة ما بين الأندية والمنتخبات، وهو لم يتجاوز العشرين من العمر، قضي موسما كاملا مصابا.
لعب بيدري 73 مباراة خلال ذلك الموسم، بحسب شبكة "إي إس بي إن" الرياضية، التي تشير إلى أن اللاعب اليافع لم يتعرض لإصابة قبل هذا الموسم على الإطلاق.
ولكن بعد مشاركته في كأس العالم وأولمبياد طوكيو وجميع مباريات الموسم في برشلونة تقريبا وعدم حصوله على الراحة الكافية، عانى من سلسلة إصابات متواصلة كان آخرها في بطولة الأمم الأوروبية الأخيرة.
يذكر أن عدد من لاعبي الدوري المصري الممتاز لا سيما أولئك الذين يلعبون للأندية المشاركة في البطولات القارية، كانوا يحصلون على إجازات للزواج في منتصف الموسم أي بين المباريات.
ومن أبرز الوقائع كانت التي حصل فيها لاعب الوسط بالنادي الأهلي، مروان عطية، على إجازة للزواج في يوليو الماضي، لكن مع موافقة المدرب، مارسيل كولر، على انتقال لاعب الوسط الآخر، أليو ديانغ، لناد آخر، وسفر اللاعب بنفس المركز، أحمد نبيل كوكا، للالتحاق بالمنتخب الأولمبي، بجانب إصابة القائد، عمرو السولية، وجد عطية نفسه مطالبا بالعودة إلى تدريبات الفريق بعد 24 ساعة تقريبا من زواجه، وفق تقارير صحيفة محلية.
وحينما حاول مدرب المنتخب الأولمبي المصري، روجيريو ميكالي، الاستعانة بلاعبين فوق السن المسموح به من النادي الأهلي قبل انطلاق دورة الألعاب الأولمبية، قوبل طلبه بالرفض بسبب استمرار البطولة المحلية واحتدام المنافسة مع نادي بيراميدز على لقب الدوري.
ويحق لكل منتخب الاستعانة بثلاثة لاعبين فوق 23 عاما في الأولمبياد، لكن يكون ذلك مشروطا بموافقة أنديتهم على اعتبار أن مسابقة كرة القدم بالأولمبياد تقام خارج أيام الفيفا الدولية.
وبالفعل، وافق الزمالك الذي ابتعد حينها عن المنافسة في الدوري على انضمام لاعبه أحمد سيد زيزو، بجانب اختيار ميكالي للاعب محمد النني الذي كان بدون نادٍ بعد نهاية عقده مع أرسنال الإنكليزي.
وحول تأثر المنتخب الأولمبي بعدم انتظام المسابقة المحلية، قال عبدالحافظ إنه "مع ضغط المباريات رفض الأهلي ترك لاعبيه فوق السن للمنتخب الأولمبي لرغبته في حسم الدوري، استنادا إلى القوانين التي تسمح له بذلك".
وأضاف أن "استمرار الدوري يؤثر على بطولات مثل الأولمبياد، وسبب ذلك بالتأكيد مشكلة للمنتخب الأولمبي، وإن كان في المجمل حقق نتيجة غير متوقعة بالوصول لنصف النهائي، لكنه اصطدم في النهاية بمباراة بلورت مشاكله، وبمنتخب قام بعكس ما فعلته مصر".
وأشار إلى أن المنتخب المغربي دعم نفسه بلاعبين كبار "انتقوا بعناية وبتنسيق كبير مع الأندية ومن بينها أوروبية مثل باريس سان جيرمان"، حيث كان اللاعبين الكبار هم لاعب بطل فرنسا، أشرف حكيمي، ولاعب العين الإماراتي، سفيان رحيمي، وحارس نهضة بركان منير المحمدي.
وتابع عبدالحافظ: "المنتخب الأولمبي (المصري) دفع الثمن، ليس فقط لأنه لم يستعن بلاعبين فوق السن تخفي عيوبه، بل أيضا لعدم اعتماد الأندية على اللاعبين الشباب على رأسهم نجم الفريق الأول إبراهيم عادل الذي لا يلعب أساسيا في بيراميدز".
أما الناقد الرياضي أيوب، فرمى الكرة في مرمى الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) الذي لا يضع مباريات الأولمبياد في روزنامته الدولية.
وقال: "بالنسبة للأولمبياد، هناك خلط كبير، فرفض أندية ترك لاعبيها أمر ينطبق على جميع المنتخبات، فبرشلونة رفض انضمام لامين يامال لمنتخب إسبانيا، كما رفض ريال مدريد ترك مبابي يمثل منتخب فرنسا".
وتابع متسائلا: "إلى متى لا يعترف الفيفا بكرة القدم في الدورات الأولمبية، هذه مشكلة دولية وليست خاصة بمصر فقط. الكرة هي اللعبة الوحيدة التي لها سقف عمري، حتى الكرة النسائية ليس لها سقف عمري".
وحقق المنتخب الإسباني الميدالية الذهبية في أولمبياد باريس بعد فوزه بخماسية مقابل ثلاثة على المنتخب الفرنسي، فيما حقق المنتخب المغربي الميدالية البرونزية بعد الفوز على مصر بسداسية نظيفة.
ويعتقد عبدالحافظ أن الأولمبي المصري "دفع ثمن" عدم انتظام المسابقات المحلية بعد أن "شهدنا مباراة الفضيحة"، بحسب تعبيره.
واقترح حلا بإقامة دوري استثنائي لمرة واحدة يقام من دور واحد أو مجموعتين بحيث يتم تقليل عدد المباريات قبل إعادة انتظام البرمجة.