المصدر: النهار العربي
الاثنين 8 أيار 2023 18:13:18
بعد ساعات على إعلان وزراء الخارجيّة العرب، قرار عودة سوريا إلى الجامعة العربيّة، كانت طائرات حربية، تعتقد مصادر سوريّة أنها أردنيّة، تُغير على منطقتين في الجنوب السّوري، هما، الشّعاب في ريف السّويداء، وخراب الشحم في درعا. وذكرت المعلومات الأولية أنّ الغارة الأولى أسفرت عن مقتل مرعي الرمثان الذي كانت السّلطات الأردنيّة تعتبره المطلوب الرقم واحد لدوره في تهريب المخدرات. وعلى الرغم من أنّ الغارة جاءت بعد تهديد أردنيّ بتنفيذ عملية عسكرية، فإنّ تزامنها مع قرار عودة سوريا، يُشير إلى أنّ ثمّة صفقة كانت جاهزة لتحييد الرمثان كجزء من ثمن التقارب السياسي بين سوريا وأشقائها العرب.
وقالت مصادر إخباريّة أردنيّة وسوريّة، إنّ طائرات حربية استهدفت مناطق داخل الحدود مع سوريا، وسمع سكان إربد والرمثا دوي انفجارات قوية فجر اليوم الإثنين.
ووفق المصادر، فإنّ الطائرات استهدفت قرية خراب الشحم الحدودية وتلي الحارة والجموع بغاراتٍ عدة، ونقلت عن سكان المنطقة أنّهم سمعوا هدير طائرات حربية ودوي انفجارات قوية أكثر من 10 دقائق في المناطق الحدودية المحاذية، وذلك خلال ساعات الفجر الأولى.
وقال تجمُّع أحرار حوران إنّ القصف استهدف محطة التنقية التي تحتوي على مصنع لإنتاج المخدرات الذي تشرف عليه مجموعة موالية لـ "حزب الله" ويُستخدَم موقع تخزين مؤقت، ومنطلقاً لعمليات التهريب إلى الأردن.
وأكّدت مصادر متقاطعة خبر استهداف المنزل الذي كان يقيم فيه مرعي الرمثان بواسطة طائرات حربية أغارت على منطقة الشّعاب في السّويداء، والتي يُنظَر إليها بوصفها عاصمة تخزين المخدرات قبل أن توجّه إلى مسالك التهريب نحو الأردن. وذكر الكثير من هذه المصادر أن الرمثان قُتل جرّاء الغارة الجوية إضافة إلى زوجته وأطفاله الستة.
وكان الرمثان قد تحوّل إلى اسم من أساطير تهريب المخدرات لا يقلُّ خطورة عن نوح زعيتر في لبنان، وقد سبّب ذلك صداعاً لأجهزة الأمن الأردنيّة طوال سنوات، لا سيما منذ توقيع اتّفاق التسوية بين الجيش السوري والفصائل المسلّحة عام 2018، حيث توقّفت المعارك وبدأت قيادات عسكرية وميليشيوية تتفرّغ لأعمال التهريب والتجارة الممنوعة بين البلدين.
وكانت أجهزة الأمن السورية منتصف الشهر الأخير من العام الماضي، اعتقلت مرعي الرمثان، بعد أيام قليلة فقط من إقرار مجلس النواب الأميركي قانون مكافحة الكبتاغون في سوريا، الأمر الذي اعتبره الكثير من المراقبين بمثابة رسالة موجّهة إلى الأردن والولايات المتحدة مفادُها أنّ السلطات السورية تبذل جهدها لوقف تهريب المخدرات. غير أنّ الرمثان سرعان ما استفاد من تنافس أجهزة الأمن السورية في ما بينها فأُخلي سبيله بعد يومين فقط من اعتقاله.
وجاءت الغارتان الجويتان اللتان لم تتبنهما أيّ دولة حتى اللّحظة، ولكن يُعتقد وفق المصادر أنّهما من تنفيذ أردني، بعد ساعات من تمكُّنِ أجهزة الأمن الأردنيّة من إحباط تهريب شحنتَي مخدّرات على الحدود الأردنية مع سوريا. ومن غير الواضح سبب هذا التزامن بين موعد انعقاد جلسة وزراء الخارجية العرب لإقرار عودة سوريا إلى الجامعة العربية وتكثيف محاولات التهريب وسط اعتقاد أنّ الرمثان بعد إطلاق سراحه قد شعرَ بأنه اصبح أكثر استقلالية أو ربّما أراد تعكير مسار التقارب العربي خدمةً لأجندات مختلفة.
وأيّاً يكن الأمر، فمن الواضح أنّ استهداف الرمثان في هذا التوقيت بعد ساعاتٍ قليلة من إقرار العودة السورية إلى الحضن العربي، يشير إلى وجود صفقة مسبقة بين الأردن وسوريا تتيح للأول استخدام إجراءاته الخاصّة لتعقُّب مهرّبي المخدرات واستهداف معاقلهم.
إلّا أنّ ثمّة من يرى أنّه في حال ثبتَ أنّ الطائرات الأردنيّة هي التي نفّذت الغارتين، فإنّ ذلك يُعتبر بمثابة تحذير أردني للسّلطات السّورية مفاده أنّ قبول عودتها إلى الجامعة العربية لا يعني الصّمت عن النشاطات غير المشروعة التي باتت تشكل خطراً على أمن دول الجوار.
وكان وزراء الخارجية العرب الخمسة الذين اجتمعوا في عمّان أخيراً، اتفقوا على تشكيل لجنة بخصوص تهريب المخدرات من سوريا، الأمر الذي نظر إليه مراقبون على أنّه كان أحد التنازلات التي قدّمتها دمشق لتسهيل عودتها إلى الجامعة.
وقد ذكر تقرير للفضائية السورية اسم الرمثان باعتباره أحد أخطر مهربي المخدرات، وهو ما كان بمثابة حسم لحالة التنافس بين الأجهزة الأمنية التي أتقن الرمثان اللّعب على حبالها لحماية نفسه، كما كانت بمثابة رفع لأيّ غطاء يُمكن أن يحمي الأخير، أو يمنع استهدافه اعتقالاً أو قتلاً.
وبالتزامن مع التقرير السّوري، نشر موقع السويداء 24 صورةً نادرةً للرمثان وهو ما دفع الأخير إلى التعليق على الخطوة بالقول إنّ ما يحصل هو محاولة لـ "تضخيم دوره" وفق ما نقلت عنه حينذاك مواقع سورية معارضة.