المصدر: نداء الوطن
The official website of the Kataeb Party leader
الخميس 2 آذار 2023 06:34:01
كتبت زيزي اسطفان في نداء الوطن:
لم يخفت بعد القلق الذي اثاره في نفوس اللبنانيين الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وشمال سوريا في السادس من شباط الماضي وساهمت الهزات الارتدادية كما المحلية المتكررة في إذكاء نار الخوف في النفوس. الخوف مبرر كما يقول الخبراء فلبنان تعرض على مر العصور لزلازل مدمرة محت معالم عظيمة كانت تميزه ودفنت أهم مدنه مثل بيروت وبعلبك فماذا لو تكرر الأمر وحدث زلزال اليوم هل تصمد المدن اللبنانية بمبانيها القديمة والجديدة ومعالمها المميزة ام تنهار مبانٍ لم تشيد يوماً لتقاوم الزلازل والهزات؟ وهل يمكن أن تكون الهزات المتكررة قد خلخلت المباني وأحدثت فيها اضراراً قد تظهر لاحقاً؟
محافظ بيروت القاضي مروان عبود طلب من السكان في مدينة بيروت إبلاغ البلدية من خلال الخط الساخن في حال بروز تشققات جديدة أو تصدعات في الأبنية أو المنازل على أثر الزلزال الذي ضرب تركيا ليصار إلى إرسال مهندسين وفنيين من مصلحة الهندسة في بلدية بيروت للكشف الفوري واتخاذ الاجراءات الضرورية. وقد وردت إثر ذلك وخلال الأسبوع الأول بعد الزلزال مئات الاتصالات يُبلغ أصحابها عن أضرار في الابنية ما يشير الى مخاوف حقيقية عند الناس. ولكن بحسب بيان بلدية بيروت تبين بعد الكشف على المباني عبر المشاهدات البصرية دون إجراء اي فحوصات مخبرية أن الأغلبية الساحقة منها لا تشكل خطراً داهماً على القاطنين والجوار. ولكن هل تكفي المشاهدات البصرية للتأكيد على سلامة المباني؟ ومتى يمكن اعتبار المبنى مقاوماً للزلازل؟
أبنية مقاومة للزلازل
في العام 2012 صدر تعديل جديد لمرسوم السلامة العامة قضى ان تخضع كل المباني التي يتجاوز ارتفاعها 20 متراً لتوقيع المهندس ونقابة المهندسين ومكتب التدقيق الفني وأن يكون البناء قادراً على تحمّل تسارع الأرض وقت الزلزال وقد اعتمد رقم 0.25G كأعلى تسارع يمكن أن يحدث في لبنان وهو رقم يشير الى ان لبنان يقع في منطقة زلزالية وسطى.
نداء الوطن سألت المهندس علي نصرالله وهو مهندس مدني وشريك في شركة استشارات هندسية وعضو في مجلس المندوبين في نقابة المهندسين وعضو في تجمع مهندسي لبنان متى تكون المباني مقاومة للزلازل؟
كثيرة هي العناصر التي تجب دراستها لتصميم المباني وفق المعايير الهندسية الصحيحة تبعاً لكود البناء المعتمد في لبنان أولها وجهة استعمال البناء، وما الأحمال التي يجب أن يتحملها كل سقف فيه. ثانياً عدد الطوابق التي سيضمها المبنى، ثالثاً طبيعة الأرض التي تحددها الدراسة الجيوتقنية أي هل هي صخرية، رملية، صلصالية أم غير ذلك؟
كذلك ثمة عوامل أخرى يجب أخذها في الاعتبار في لبنان ومنها طبيعة أرضه المنحدرة فطوبوغرافيا الأرض عنصر يجب دراسته وتضاف الى ذلك دراسة نوعية الأرض أي ما تحويه من ملوحة أو كيمائيات أو مياه جوفية.
على أساس كل ما تقدم وبالاضافة الى اخذ عامل الزلازل بالاعتبار حسب متطلبات مرسوم السلامة، تتم الدراسة الإنشائية التي تحدد العناصر الانشائية المقاومة للزلازل.
ومن هذه العناصر الجدران الزلزالية او ما يعرف باسم Shear Walls التي تخضع لشروط دقيقة تجعلها قادرة على التحمل ونظام الإطار Frame System أي طريقة وصل الأعمدة والجسور ببعضها البعض حتى تبقى صامدة ومتماسكة عند حدوث الزلزال.
ولكن يؤكد المهندس نصرالله أنه مهما كانت الدراسة صائبة ووفق المعايير الهندسية التي تجعلها تتحمل الأحمال الأفقية وقت الزلزال إلا أن العبرة تبقى في التنفيذ الصحيح. فقد يصمد المبنى نظرياً متى أجريت له محاكاة على الكمبيوتر لكن يجب أن يلي ذلك تنفيذ صحيح ومراقبة جدية.
وهنا نسأل المهندس من يضمن تطبيق ذلك كله على الأرض في لبنان؟ ألم نرَ مبانيَ كانت في الأصل من بضعة طوابق وأضيفت إليها طوابق جديدة بفضل الواسطة والرشوة؟ ومن يضمن نوعية الباطون أو الحديد لا سيما في المشاريع السكنية التجارية؟ ألا يمكن الاستغناء عن المهندس بعد إجراء الدراسة وإتمام التنفيذ من دونه؟ أسئلة مشروعة في لبنان وكلها تعرض سلامة المباني للخطر.
نعود الى الأسئلة التقنية التي تهم المواطن اليوم هل تؤثر طبيعة الأرض على قوة المباني وسلامتها إذ من المتعارف عليه شعبياً ان الأرض الصخرية أشد تحملاً من غيرها. فيجيب المهندس نصرالله أن طبيعة الأرض تؤثر بشكل مباشر على رد فعل المبنى تجاه الزلازل وثمة مناطق في لبنان الأرض فيها لينة فيما مناطق اخرى الأرض صخرية، هنا تكمن أهمية المعرفة الصحيحة للارض منذ البداية وبالتالي اختيار نوع الأساسات المناسب حسب نوعية الارض.
أهمية الكشف المبكر
ماذا عن المباني القديمة التي بنيت قبل 2012 وصارت اليوم متهالكة هل يمكن أن تصمد؟ يقول المهندس علي نصرالله إن المباني القديمة يمكن تصنيفها الى عدة فئات:
الأبنية القديمة التي بنيت في الماضي وفق معايير صحيحة ووفق رخصة رسمية وهذه يجب أن تكون قادرة على التحمل عبر الزمن خاصة أن ذلك كان يؤخذ بالحسبان في الدراسة الإنشائية التي تجرى للبناء. ولكن لا بد من إجراء تقييم شامل لها للتأكد من سلامتها وقدرتها على التحمل بالاضافة الى الحاجة لاعادة تقييم مقاومتها للزلازل خاصة أن التسارع الزلزالي تغير حسب مرسوم السلامة العامة 2012.