المصدر: الديار
الكاتب: ندى عبد الرزاق
الأحد 8 أيلول 2024 08:04:40
تؤدي الأوضاع الاقتصادية الصعبة دوراً شرساً في التأثير في نفسية الطلاب، خصوصاً في ظل التحديات المالية التي يواجهها الأهل لتأمين احتياجاتهم الأساسية. تزيد هذه الضغوطات المالية من القلق والتوتر لدى التلاميذ الذين يشعرون بمسؤولية تجاه أعباء ذويهم. كما يؤدي انعدام الاستقرار المادي إلى ضعف التركيز في الدراسة، وانخفاض الحافز الأكاديمي، فضلاً عن تأثيره السلبي في صحتهم النفسية بشكل عام. وبذلك، تجعلهم هذه الظروف عرضة للضغط النفسي والإحباط، مما يتطلب دعماً نفسياً إضافياً وبيئة تعليمية تتفهم هذه العقبات.
ملحمة حقيقية!
في ظل الواقع الذي تفرضه الأوضاع المادية، وغياب الدعم الحكومي بشكل كلي، يتعمق تأثير هذه الظروف في الطلاب والأهالي نفسيا واجتماعيا. فعندما تفرض المدارس الحكومية أقساطاً، وهو ما يتعارض مع النصوص الدستورية التي تنص على مجانية التعليم الأساسي، يتعرض الأهل لضغوط كبيرة نتيجة عدم قدرتهم على تلبية هذه المتطلبات المالية. تنتقل هذه المشقة مباشرة إلى الطلاب، مما يؤدي إلى تأثيرات نفسية سلبية ملموسة.
وتوضح الاختصاصية الاجتماعية والنفسانية غنوة يونس لـ "الديار" انه "في ظل الأزمات التي يمر بها لبنان اليوم، باتت حياة الطلاب أشبه بمعركة يومية تتجاوز حدود الصفوف الدراسية لتصل إلى أعماق نفوسهم وعقولهم. اذ لم يعد من السهل على الطالب اللبناني التوفيق بين طموحه الأكاديمي والأعباء الحياتية التي تضغط عليه من كل الجهات، بخاصة عندما تتحول المشكلات المالية إلى هموم نفسية تهدد راحته واستقراره النفسي".
واشارت الى ان تأثير الضغوط الاقتصادية في الصحة النفسية للطلاب يشمل:
1- القلق والتوتر المزمن: يتحول التفكير المتواصل في كيفية تأمين المصاريف الدراسية مثل الأقساط والكتب والقرطاسية بسرعة إلى انزعاج دائم يرافق الطالب باستمرار. ومع استماعه إلى شكاوى أهله حول الهموم المالية التي تفوق طاقاتهم أحياناً، يبدأ الطفل بتحمل مسؤوليات هو في غنى عنها. فيتساءل يوميا، هل ستكون الأموال كافية لإكمال الدراسة؟ وهل سأتمكن من توفير كل ما أحتاج اليه؟ هذا الخوف يبعثر تركيزه وحياته اليومية".
2-الاكتئاب والشعور بالعجز: يشعر العديد من الطلاب مع تضخم تكاليف المعيشة وشدة الأزمة، بالعجز والإحباط. اذ لم يعد الامر يتعلق بالمال فقط، بل بفقدان السيطرة على المستقبل. يتفاقم هذا الشعور بشكل خاص لدى طلاب المرحلة الثانوية الذين يستعدون للدخول إلى الجامعة، حيث يجدون أنفسهم محاصرين بواقع صعب يجعلهم عرضة للاكتئاب والشعور بالإحباط.
3- ضعف التركيز والأداء الأكاديمي: عندما ينشغل الطالب بالهموم المالية، يصبح من الصعب عليه الانتباه الى دراسته أو تحقيق نتائج جيدة. بحيث تجد العقول المثقلة بالهواجس صعوبة في الراحة والإبداع، مما يؤدي إلى تشتت التركيز وتدهور الأداء الأكاديمي، ويخلق حلقة مفرغة من الفشل والإحباط.
4- اضطرابات النوم: يؤدي القلق والتوتر الناتجان من الضغوط الاقتصادية إلى مشكلات في النوم. ويجد العديد من التلاميذ صعوبة في الاستراحة بسبب التفكير المستمر بالغموم، مما يسبب لهم تعبا جسديا ونفسيا، وقد يصاب هؤلاء بالاكتئاب.
5- التراجع في المهارات الاجتماعية: يدفع الضغط الاقتصادي العديد من الطلاب إلى تجنب الأنشطة الاجتماعية والابتعاد عن أصدقائهم، إما لنقص الأموال أو لشعورهم بالخجل أو العار. يؤثر هذا الانعزال في تطورهم الاجتماعي والعاطفي، ويضاعف من شعورهم بالوحدة.
وتطرقت الى "استراتيجيات التكيف والدعم النفسي التي تتضمن:
وختمت " يعاني الطلاب في لبنان من عوائق كبيرة تنعكس على صحتهم النفسية وتحصيلهم العلمي. لذا، من المهم توفير مساندة معنوية ومادية، حيث يساعد تطبيق استراتيجيات للتكيف مع الصعوبات الراهنة على تخطي هذه المرحلة الصعبة وتحقيق أحلامهم وطموحاتهم".
كيف يمكن التخفيف من شدة الأزمات النقدية التي تؤثر في الطلاب والأهالي مع بداية العام الدراسي؟ توضح باحثة واكاديمية متخصصة في مجال علم الاقتصاد من الجامعة اللبنانية لـ "الديار" ان "السبيل الى ذلك يكمن في وضع خطة تشمل عدة جوانب تهدف إلى مؤازرة الطلاب وتخفيف العبء عن الأهل وتتمثل في:
وأضافت "يتطلب التصدي للمحنة الحالية تضافر الجهود بين المؤسسات الحكومية، الأهل، والمدارس لضمان ديمومة التعليم في البلد دون أن يكون للضغط المالي تأثير سلبي كبير في مستقبل الشباب الدراسي والنفسي".
وختمت "في النهاية، "تستوجب هذه الحالة النفسية استجابة فورية على عدة مستويات، بما في ذلك توفير دعم نفسي للتلاميذ واولياء الامور، وإنشاء برامج مجتمعية تساعد في تخفيف الأعباء المالية، بخاصة في ظل غياب الدعم الحكومي الفعال والتكنولوجيا التعليمية. ومن الضروري التعامل مع الطلاب بروح من التفهم والتعاطف في المدارس لتقليل الضغوط النفسية التي قد تؤثر سلباً في مستقبلهم الأكاديمي والمهني".