هل يسمح المركزي بتمويل النازحين من أموال الاحتياط والخزينة؟

تعجز الدولة عن مواجهة الضغط الهائل لكلفة نزوح نحو ثلث الشعب اللبناني إلى مناطق أكثر أماناً بسبب حجم الأموال المطلوبة لتغطية الحاجات التمويلية لهؤلاء، في ظل تراجع مستوى الدعم الدولي الذي كان يُعوّل عليه لهذه الغاية. وأمام المأزق المطروح، وعلى أبواب الشتاء، بدا أن ضيق الخيارات المتاحة يدفع بعض القوى السياسية ولا سيما على ضفة "حزب الله" إلى اللجوء إلى بدائل تعوّض نقص الدعم الخارجي وأبرزها اثنان، إما عبر الأموال المتوافرة لدى الخزينة في حساب المصرف المركزي أو ما يُعرف بالحساب رقم ٣٦، الذي أصبح متاحاً بالدولار الأميركي لا فقط بالليرة، وإما عبر الاحتياطات الأجنبية كما اقترحت بعض الأصوات.

ويثير هذا الطرح استياءً في أوساط سياسية وشعبية، ولا سيما أن ما هو متوافر في حساب الاحتياطي يشكل آخر ما بقي من أموال المودعين، التي يمكن التعويل عليها في أي عملية إصلاحية ممكنة لرد جزء من الودائع ضمن خطة حكومية، فيما يرتب اللجوء إلى حساب الخزينة أعباءً من شأنها أن تزيد العجز وتدفع الحكومة إلى مقاربة جديدة لهذا الملف النازف في ظل غياب الخيارات البديلة.

وبقطع النظر عن البعد المالي لهذه الأزمة المستجدة، ثمة تساؤلات بدأت تتردد في الوسط السياسي حول البعد السياسي أو المسؤولية السياسية التي أوصلت البلاد إلى هذه المرحلة. في هذا المنحى، تصب الأسئلة التي طرحها النائب أديب عبد المسيح على منصة "إكس" في هذا الإطار، إذ حمّل إيران مسؤولية ربط لبنان بساحة غزة، وتولي قيادة "حزب الله" اليوم، فذكّر المطالبين باستعمال "فائض الموازنة والحساب ٣٦ بتجربة عدوان ٢٠٠٦، حين تدفقت مساعدات وأموال الدول الصديقة التي لا علاقة لها أصلاً بالنزاع وأودعت بضعة مليارات من الدولارات في مصرف لبنان لدعم الاقتصاد والنقد وإعانة النزوح النزوح اللبناني". وبناءً على ذلك، سأل عبد المسيح "أين هي اليوم الدولة المسؤولة عن ربط الساحات وإدارة المعركة، وأين دعمها للنازحين والاقتصاد، داعياً إيران إلى تمويل الإغاثات والدولة المفلسة لمساعدة المواطنين، أو إعادة أموالهم المسلوبة في المصارف ولن يحتاجوا إلى أحد".

لدى الفريق الممانع جواب واضح عن هذه الأسئلة مفاده أن إيران ليست متخلية عن أيّ دور أو دعم للبنان، ولكن هل تقبل الحكومة بتلقي الدعم المالي منها، وأكثر هل تسمح واشنطن بذلك أو دول الغرب؟ والدليل وفق هذا الفريق، رفض دعوة طهران إلى مؤتمر الدعم الذي انعقد في باريس.

أما على المقلب الداخلي، فسيكون المصرف المركزي أمام إعطاء موقفه من أي مطلب في هذا الشأن وما إن كان قادراً على الدفع أم لا. وعلى هذه الإشكالية، يأتي الجواب حاسماً من المركزي لجهة التأكيد أن الدولة حرة في إنفاق أموالها كما تريد، ولكنها تحتاج إلى أن يكون هذا الإنفاق ملحوظاً في قانون الموازنة، وإلا فسيتحتم عليها استصدار قانون للإجازة للحكومة استعمال أموالها. ويؤكد المركزي أن لا تغيير في سياسة المصرف المركزي، وهذا الموضوع لم يُطرح على أي مسؤول فيه. تجدر الإشارة إلى أن موازنة 2024 أقرت في مجلس الوزراء قبل بدء العدوان، وهي خاضعة حالياً للطعن من قبل عشرة نواب قبل أن يبدأ المجلس النيابي درسها.