المصدر: Kataeb.org
الكاتب: شادي هيلانة
الثلاثاء 29 تموز 2025 14:59:32
في موقف يُعدّ الأخطر منذ سنوات، كشفت مصادر دبلوماسية أميركية رفيعة لموقع kataeb.org أنّ الموفد الأميركي الخاص توماس باراك لم يكن يُطلق تحذيرات تقليدية خلال زيارته الأخيرة، بل وجّه إنذارًا واضحًا وصريحًا إلى القيادة اللبنانية، محوره: "الاستمرار بهذا الأداء يعني العودة إلى واقع ما قبل عام 2000، حين كانت إسرائيل تحتل الأرض، وحزب الله يحتكر القرار."
وصف المصدر الأجواء داخل الإدارة الأميركية بأنها "بالغة القلق" من الانهيار المؤسساتي الكامل في لبنان، وأضاف: "لم تعد واشنطن تشتري خطاب المراوغة اللبناني، الذي يتحدث عن سيادة شكلية، بينما الحقيقة أن 'حزب الله' بات يفرض سلاحه على قرار الدولة، وسط غطاء سياسي ممنهج، يتقدّمه رئيس مجلس النواب نبيه بري."
رسالة باراك ليست تحذيرًا... بل تهديدًا مقنّعًا
وفق المصدر، فإن باراك تعمّد في تصريحاته الأخيرة تسمية الأمور بأسمائها، حين قال إن "الكلام لم يعد كافيًا"، وإن على الحكومة و"الحزب" التحرك فورًا. هذا ليس توصيفًا، بل "تلويح بمحاسبة سياسية"، ورسالة واضحة إلى من يراوغ باسم الدولة ولا يملك قرارها.
والأخطر أن هذا الموقف جاء بعد طرح قُدِّم من بري إلى الوفد الأميركي على أنه "مرونة سياسية"، بينما رأته واشنطن محاولة جديدة لربح الوقت، والالتفاف على جوهر المطالب الدولية: تفكيك السلاح غير الشرعي، وفرض سيادة الدولة بلا شريك مسلّح.
من معوّض إلى واشنطن: لا خلاص إلا بكسر الحلقة الجهنمية
في هذا السياق، اختار باراك، عن قصد، إعادة نشر كلمة النائب ميشال معوّض في جلسة مساءلة الحكومة، والتي قدّم فيها مقاربة واضحة لحلّ الأزمة، بدءًا من نزع السلاح، إلى إعادة هيكلة المالية العامة، ومحاسبة الفاسدين، وإصلاح القطاع العام، وصولًا إلى تفعيل دور الانتشار اللبناني.
وأكد المصدر الدبلوماسي أن إعادة نشر خطاب معوّض لم تكن مجرّد صدفة: "الإدارة الأميركية ترى فيه نموذجًا للخطاب السيادي، في مقابل طبقة سياسية تستهلك الوقت وتتذرّع بالاستقرار لتغطية هيمنة الحزب."
واشنطن تستعدّ للسيناريو الأسوأ: ماذا لو عادت إسرائيل لتوسيع نطاق الاحتلال اعتبارًا من شهر آب؟
الأخطر في حديث المصدر لموقع kataeb.org، كان تحذيره من أن "أي استمرار في الشلل السياسي، والميوعة السيادية، قد يفتح الباب لتغييرات ميدانية خطيرة على الأرض، بدءًا من الجنوب."
وقال: "نحن نراقب بقلق بالغ ما يجري على الحدود، فإسرائيل تتحرك ببطء ولكن بثبات، وهي تدرس خطوات ميدانية قد تعيد الأمور إلى ما قبل انسحاب عام 2000، ما لم تُضبط فوضى السلاح، ويُعاد القرار إلى الدولة الشرعية اللبنانية."
نبيه بري... مجددًا في دائرة الاتهام
وفي ما بدا تلويحًا ضمنيًا من واشنطن إلى الجهة التي تضع العراقيل أمام أيّ حلّ جذري، أكّد المصدر أن "الرسائل التي حمّلها باراك لم تكن موجّهة إلى الدولة اللبنانية فقط، بل إلى رئيس مجلس النواب تحديدًا، الذي يستمرّ في تقديم مبادرات ظاهرها وطني، وباطنها مساومات تكرّس وضع حزب الله كلاعب فوق الدولة."
وختم المصدر بالقول: "لا أحد في واشنطن يتوقّع معجزة من الطبقة السياسية الحالية، لكن المطلوب الآن هو تحرّك واضح وجريء، لا خطابات مزدوجة. لأن لبنان اليوم أمام مفترق مصيري: إما استعادة الدولة، أو العودة إلى زمن الاحتلال والانهيار الشامل."
فهل يمتلك بري هذه المرّة ما يقدّمه سوى الصيغ المعروفة والوعود المكرّرة؟ أم أن القطار الأميركي قد بدأ فعليًا رحلة الخروج من لعبة "تدوير الزوايا"؟
ما بات مؤكّدًا هو أنّ زمن الصبر الدولي على ازدواجية السلاح قد انتهى... وما يُطبخ خلف الكواليس أكبر من مجرّد تغريدة.