المصدر: orient le jour
الكاتب: ستيفاني بشارة
الثلاثاء 16 أيلول 2025 14:35:05
اختُتمت الأسبوع الماضي فعاليات معرض دمشق الدولي في دورته الـ62، الأولى منذ سقوط نظام بشار الأسد، بغياب لافت للبنان رسميّاً واقتصادياً. في المقابل، حضر آلاف الزوار وأكثر من 800 شركة من 44 دولة، بينهم وفود سعودية وخليجية وصينية وتركية، لتثبيت مواقعهم في سوق إعادة الإعمار السورية.
حشود من رجال الأعمال الخليجيين بعباءاتهم البيضاء، ومسؤولون أتراك يلتقطون الصور أمام مجسمات مشاريع، ومندوبون صينيون يوزّعون كتيبات… مشهد جسّد عودة المعرض بعد ست سنوات من الغياب، بين 27 آب و5 أيلول الجاري، على مساحة 1,2 مليون متر مربع. لكن لبنان، الذي كان يوماً شريكاً أساسياً لسوريا في الحركة المالية واللوجستية، غاب تماماً. «لا مشاركة رسمية ولا حتى شركات لبنانية»، يؤكد المتحدث باسم المعرض، حمود زوّاع، بأسف.
مشاريع بمليارات الدولارات
عودة المعرض شكّلت محطة رمزية للنظام الجديد برئاسة أحمد الشرع، في مسار الانفتاح وإطلاق مشاريع إعادة الإعمار. دمشق وقّعت التزامات ضخمة منذ كانون الأول الماضي: 14 مليار دولار من قطر لتطوير مطار العاصمة وبناء مترو، 800 مليون دولار من شركة "دي بي وورلد" الإماراتية لتطوير مرفأ طرطوس، 260 مليون دولار من "سي إم إيه سي جي إم" الفرنسية للاذقية، إضافة إلى 7 مليارات دولار في مشاريع طاقة مع مجموعة UCC القطرية.
في المقابل، بقي لبنان على الهامش. هل يكون قد فوّت القطار؟
هواجس أمنية وسياسية
الوزارات اللبنانية تبادلت المسؤوليات. الخارجية تقول إنها أحالت الدعوة إلى وزارة الاقتصاد، وهذه الأخيرة تؤكد أنها بدورها عمّمتها على الهيئات الاقتصادية. «لكن لم نتلقَّ أي طلب من الشركات للمشاركة»، يوضح مكتبها الإعلامي.
رئيس جمعية الصناعيين اللبنانيين، سليم زعني، يعزو التردّد إلى الوضع الأمني غير المستقر. «الاستثمار في سوريا سوق طبيعي لنا، لكن المخاطر لا تزال مرتفعة. الجميع يترقب كيف ستتطور الأوضاع»، يقول.
شركات لبنانية أخرى، كـ"JSL" المتخصصة في الهندسة الميكانيكية والكهربائية، فضّلت التريّث. مديرتها سيمون شامي تروي ذكريات المعارض السابقة حيث كانت الصفقات تُعقد على موائد العشاء الدمشقي. لكنها اليوم تخشى الغموض الأمني والغارات الإسرائيلية المتكررة (أكثر من 1,000 ضربة منذ سقوط الأسد)، فضلاً عن القيود المصرفية. «الفرصة موجودة، لكن لا يمكن المخاطرة قبل وضوح الرؤية»، تقول.
فرصة قد لا تعود
إلى جانب الهواجس الأمنية، تبرز ملفات سياسية عالقة بين بيروت ودمشق: قضية الأسرى، ترسيم الحدود، والإطار العام للتعاون. في الأثناء، تفتح سوريا أبوابها على مصراعيها أمام المستثمرين الخليجيين، مانحةً إياهم امتيازات واسعة.
الأكاديمي جوزف داهر يرى أن الأزمة المالية اللبنانية منذ ست سنوات، وشلل القطاع المصرفي، وهجرة الكفاءات، جعلت الشركات اللبنانية أقل قدرة على المنافسة مع الرساميل الخليجية الضخمة.
مع ذلك، لا يغيب الأمل. فريد فخر الدين، عضو شبكة القطاع الخاص اللبناني، يدعو الدولة إلى توفير دعم فعلي للمستثمرين. ويكشف عن محادثات مبدئية مع عملاء سوريين سابقين، إضافة إلى اهتمام بعض رجال الأعمال من المغتربين اللبنانيين. «لدينا التاريخ والخبرة، والفرصة لا يجب أن تضيع»، يؤكد.
سباق مع الزمن
بينما يتسارع قطار إعادة الإعمار السوري، يبقى الخيار أمام لبنان واضحاً: إما الصعود سريعاً والمشاركة في صياغة مستقبل جارته، أو البقاء متفرجاً فيما الآخرون يحصدون الفرص عند أبوابه.