هل يُنفَّذ الحكم ضد ديما صادق أم يسقط أمام الاستئناف؟

هل هي سابقة قانونية ان يتم الادعاء على صحافي بعقوبة السجن؟ وهل يعقل ان مَن انتقد تصرفا عنصريا يُحاكم بتهمة اثارة النعرات العنصرية؟

انها السوابق التي تحدث عادة في لبنان، اذ صدر بالامس حكم عن القاضية المنفردة الجزائية في بيروت روزين حجيلي، يقضي بسجن الاعلامية ديما صادق سنة، وتجريدها من حقوقها المدنية وتدفيعها غرامة بقيمة مئة وعشرة ملايين ليرة لبنانية، بجرم "اثارة النعرات الطائفية والعنصرية والقدح والذم".

اللافت ان الدعوى تعود الى عام 2020، وقد أقامها "التيار الوطني الحر" بشخص رئيسه النائب جبران باسيل. ومرة جديدة، يتصدى القضاء العدلي لصحافي، فيما يُفترض ان تكون محكمة المطبوعات هي الفيصل في أي دعوى مقامة ضد صحافيين.

والسؤال: ماذا سيجري في ملف صادق، هل يُنفذ الحكم أم يسقط امام الاستئناف؟


جرم خطير
تنطلق الوكيلة القانونية لديما صادق المحامية ديالا شحادة من تفنيد الحكم الذي صدر، بقولها: "انه حكم لا يستند الى أساس قانوني سليم، وهو غير منصف ويخالف العدالة والقانون".

وتشرح لـ"النهار": "ان جرم اثارة النعرات الطائفية والعنصرية، ولو انه جنحة، فهو جرم خطير. لا يمكن بهذه الخفّة ان يتم الادعاء على شخص بهذا الجرم، وبأي فعل طائفي او عنصري. والدليل ان الاحكام الصادرة بهذا الجرم شبه معدومة، ومن النادر جدا ان صدر حكمٌ مماثل في لبنان".

تتابع شحادة: "وعلى رغم ان النيابة العامة ردّت الادعاء من التيار بهذا الجرم، قررت القاضية تعديل وصف الجرم واجتهدت معتبرة ان التغريدة ترتبط بجرم اثارة النعرات الطائفية والعنصرية. وتعليلها كان ركيكا، وكتبت بقرارها ان القصد واضح من التغريدة. انه خطاب طائفي وعنصري بين اهل الشمال، الذين تدافع عنهم ديما صادق، واهل كسروان الذين لم تتناولهم التغريدة أصلا. ان التغريدة في الأساس تناولت مرتكبي الاعتداء الطائفي والعنصري، والاعتداء الذي تضمّن كلاما وشتائم عنصرية وطائفية. وهذا موثّق في التحقيق الذي اجري مع الشاب الطرابلسي زكريا المصري في فصيلة جونية، كما يؤكده تقرير الطبيب الشرعي الذي لحظ وجود اضرار من الاعتداء الذي تعرّض له زكريا".

ومعلوم أن التغريدة موضوع الدعوى المقدمة من "التيار الوطني" بحق صادق، كانت قد كتبتها على خلفية اعتداء تعرّض له شابان من مدينة طرابلس في مدينة جونية، من قِبل مناصرين لـ"التيار" بتاريخَي 6 شباط 2020 و7 منه، وذلك بسبب مشاركتهما في الاحتجاجات التي كانت قائمة في لبنان حينذاك، او ما عُرف بالثورة و"الحراك الشعبي".


انقلاب الحكم
ما يدعو للعجب في قضية صادق، عدا عن صدور حكم بالسجن، انقلاب الوقائع او الاحكام، اذ تسأل شحادة: "كيف تنقلب الوقائع، فيصبح من ينتقد فعلا عنصريا ويطلب محاسبته، هو المرتكب للفعل العنصري، ويستحق السجن؟! هذا الجواب عند القاضية، لان هذا الجواب غير موجود في القانون".

... وبعد، ما الذي سيحصل الآن، هل قُدم الاستئناف بالحكم، وهل القرار عندئذ يكون نهائيا وغير قابل للتمييز؟

تجيب شحادة: "الدرجة الثانية من التقاضي ستكون عند هيئة الاستئناف، ونأمل ان تكون متمتعة بالخبرة والجدية الكافية للتعامل مع هذا الملف بالجدية المطلوبة، لانه حين يصدر حكم ضد من ينتقد الفعل العنصري، لا يكون حكما موجها ضد صادق، انما ضد كل المواطنين اللبنانيين الذين ينتقدون الأفعال والخطابات العنصرية والطائفية في لبنان".

وعلمت "النهار" ان هناك عددا كبيرا من المحامين عرضوا التعاون في العمل القانوني والتشاور تمهيدا لتقديم قرار الاستئناف، علما ان لا مهلة أمام محكمة الاستئناف للبت بالطلب.
هل يكون قرارها نهائيا وغير مبرم؟ تردّ شحادة: "القرار الصادر قابل للتمييز بشروط قانونية محددة، أهمها الاختلاف في وصف الجرم بين محكمة البداية ومحكمة الاستئناف".

... وفي انتظار ما ستؤول اليه القضية، من الجانب القانوني، فان أساسا آخر من الجانب الإعلامي بات يهوي أكثر فأكثر في بلد الحريات الذي يعيش اكثر من انحدار سياسي... وأخلاقي ومجتمعي...