هيئة الاشراف على الانتخابات.. ملاحظات ومطالب قبل موعد الاستحقاق!

 في ٢٣/١٢/٢٠٠٨ أنشئت هيئة الاشراف على الحملة الانتخابية بموجب المرسوم رقم 1044 إنفاذًا للمادة 11 من القانون رقم 25 تاريخ 8/3/2008 (قانون الانتخابات النيابية).

وبتاريخ 17/6/2017 صدر قانون الانتخاب رقم 44 المتعلق بانتخاب أعضاء مجلس النواب، وعدّلت تسمية الهيئة من هيئة الاشراف على الحملة الانتخابية لتصبح هيئة الاشراف على الانتخابات.

حتى تاريخه ما زال القانون رقم 44 ساري المفعول إلا في حال طرأ تعديل عليه وهو الأمر الذي لم يحصل حتى تاريخه نتيجة خلافات قائمة بين نواب المجلس النيابي الحالي.

وحدّد قانون الانتخاب في مادته التاسعة المهام التي تقوم بها الهيئة بصورة مستقلة وبالتنسيق مع وزير الداخلية والبلديات الذي يواكب أعمالها في مقرّها الخاص المستقل المؤمّن لها من الوزير الذي يحضر اجتماعاتها عند الاقتضاء دون المشاركة في التصويت على القرارات التي تتخذها بالاجماع أو بالأكثرية.

وفي وضعها الحالي، لم يعد للهيئة مقر مستقل خاص لها، إذ ان المقرّ الذي أمّنه بداية الوزير السابق نهاد المشنوق انتهت مدّته، ما يدعو الوزير الحالي العميد أحمد الحجار لتأمين مقرّ  لممارسة مهامها.
تتألف الهيئة من 11 عضوًا: 

-قاضٍ عدلي متقاعد معيّن في منصب القضاء شرفًا

-قاضٍ إداري متقاعد معيّن في منصب القضاء شرفًا

-قاضٍ مالي متقاعد معيّن في منصب القضاء شرفًا

-نقيب سابق للمحامين من نقابة المحامين في بيروت

-نقيب سابق للمحامين من نقابة المحامين في طرابلس

-ممثل عن نقابة الصحافة

-خبير في شؤون الإعلام والإعلان من المجلس الوطني للإعلام

-نقيب سابق لخبراء المحاسبة

-عضوان من أصحاب الخبرة في اختصاصات مرتبطة بالانتخابات يعينهما الوزير

-ممثل عن هيئات المجتمع المدني

ويرأس الهيئة القاضي الأعلى درجة بين القاضيين العدلي والإداري ويكون أحد نقيبي المحامين الأكبر سنًا نائبًا للرئيس.

ويعيّن أعضاء الهيئة بمرسوم يتخذ من مجلس الوزراء بناء على اقتراح الوزير، وتبدأ ولايتهم من تاريخ صدور مرسوم تعيينهم وتنتهي بعد ستة أشهر من تاريخ إتمام الانتخابات النيابية العامة.

وقد عيّن مجلس الوزراء هيئة الاشراف على الانتخابات وقامت بمهامها في الانتخابات العامة سنة 2018 و2022 وهي لا تزال مستمرة في مهامها حتى تاريخه.

بحسب ما تقول مصادر معنية لـ" المركزية" كان من المفترض أن تنتهي مهام الهيئة القائمة حاليًا بانتهاء انتخابات سنة 2018، إلا أن مجلس الوزراء لم يعيّن هيئة جديدة فاستمرت الهيئة بمهامها في انتخابات سنة 2022، وما تزال قائمة حتى تاريخه بسبب عدم تعيين هيئة جديدة سندًا للفقرة الأخيرة من المادة 11 من قانون الانتخاب (رقم 44/2017) التي تنصّ على استمرار الهيئة القائمة في متابعة مهامها لحين تعيين هيئة جديدة.

ووفق المصادر، وحيث ان الانتخابات النيابية المقبلة محدّدة مواعيدها في أيار 2026، كان على مجلس الوزراء تعيين هيئة للاشراف جديدة للإشراف على الانتخابات المقبلة قبل عشرة أيام من انتهاء ولاية الهيئة القائمة سندًا للفقرة الثالثة من المادة 11 من قانون الانتخاب، وتعيين هيئة جديدة لم يصدر مرسومها رغم انتهاء مدة ولاية الهيئة القائمة، بحيث تبقى هذه الأخيرة قائمة للإشراف على الانتخابات المزمع إجراؤها في أيار 2026.

ولمزيد من التوضيح، تؤكد المصادر ان آخر مهمة إشراف على الانتخابات قامت بها الهيئة القائمة حاليًا جرت في الانتخابات العامة في أيار 2022، وانتهت بعد ستة أشهر من إعلان نتائجها، أي أنها انتهت في تشرين الثاني 2022، ومنذ ذلك الحين وحتى تاريخه، لم تعيّن هيئة إشراف جديدة رغم أن بتاريخ 3/11/2021 صدر القانون رقم 8 المعدّل لبعض مواد القانون رقم 44/2017، قضى بتعديل المادة 11 منه بحيث أصبحت:

"يعيّن الأعضاء بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح الوزير وتكون مدة ولاية الهيئة سنة من تاريخ التعيين.

على مجلس الوزراء تعيين أعضاء الهيئة قبل ستة أشهر من انتهاء ولاية المجلس.

تستمر الهيئة القائمة بمتابعة مهامها لحين تعيين هيئة جديدة".

واستنادًا للتعديل المشار إليه أعلاه، يقتضي بمجلس الوزراء تعيين هيئة جديدة للإشراف على الانتخابات النيابية المقرّرة في شهر أيار 2026 وقبل ستة أشهر من انتهاء ولاية مجلس النواب الحالي، وإلا تعتبر الهيئة القائمة حاليًا والمعيّنة بالمرسوم رقم 1385 تاريخ 15/9/2017 هي المولجة بالإشراف عليها.

تعويضات الهيئة: من جهة أخرى، تشير المصادر الى ان  تساؤلات عدّة صدرت في ما مضى حول تعويضات أعضاء هيئة الإشراف على الانتخابات، ونُسِب الى هؤلاء تقاضيهم أتعابًا باهظة طيلة فترة تعيينهم، بينما المادة 18 من قانون الانتخاب نصّت على أن رئيس الهيئة يتقاضى تعويضًا شهريًا طيلة مدة ولايته يُحدَّد في مرسوم تشكيل الهيئة، أما سائر الأعضاء فيتقاضون بدلًا مقطوعًا خلال هذه الفترة يُحدَّد في مرسوم تشكيل الهيئة.

ولم يتضمّن مرسوم تعيين الهيئة التعويضات لأعضائها، فصدر مرسوم لاحق بتحديد تعويض شهري لرئيس الهيئة بمبلغ 8,000,000 ل.ل. وتعويض مقطوع للأعضاء يتقاضونه من تاريخ صدور تعيينهم وحتى انقضاء ستة أشهر على انتهاء الانتخابات النيابية العامة.

وتوضح المصادر أن فعليًا، تقاضى رئيس وأعضاء الهيئة تعويضاتهم لمدة سبعة أشهر فقط من العمليتين الانتخابيتين لسنتي 2018 و2022 وليس تعويضًا دائمًا كما فسّره البعض، ومع تدهور العملة الوطنية أصبحت التعويضات المدفوعة الى الرئيس والأعضاء لا تتناسب مع القيمة الفعلية للسوق الرائج بعد تدهور العملة الوطنية. والحالة كما هي، يقتضي إعادة النظر في تعويضات أعضاء الهيئة.

المهام والإشكاليات: نصّت المادتان 19 و20 من قانون الانتخاب رقم 44/2017 على مهام هيئة الإشراف على الانتخابات والمختصرة بإصدار القرارات والتعاميم والاقتراحات وتلقي طلبات وسائل الإعلام الراغبة في المشاركة في تغطية عملية الاقتراع والفرز وتسليم التصاريح اللازمة ووضع قواعد سلوك للتغطية الإعلامية وتلقّي طلبات وسائل الإعلام الخاصة الراغبة في المشاركة في الإعلان الانتخابي المدفوع الأجر ومراقبة تقيّد اللوائح والمرشحين ووسائل الإعلام بالقوانين والأنظمة التي ترعى المنافسة الانتخابية وتحديد شروط وأصول القيام بعمليات استطلاع الرأي واستلام الكشوفات المالية العائدة للحملات الانتخابية والتدقيق فيها وتلقّي طلبات تسجيل المفوضين الماليين عن الحملة الانتخابية لكل مرشح وممارسة الرقابة على الإنقاق الانتخابي وقبول طلبات المراقبين الانتخابيين المحليين والدوليين ومنحهم التصاريح ونشر الثقافة الانتخابية وتلقّي الشكاوى والفصل فيها وتحدّد أصول وآليات مواكبة الانتخابات ومراقبة مجرياتها ودرس طلبات الهيئات الأجنبية المعنية بالانتخابات الرامية إلى المشاركة في مواكبة العملية الانتخابية.

وبموجب المادة 21 من قانون الانتخاب، تُصدِر الهيئة قراراتها بالأكثرية المطلقة من أعضائها وتخضع قراراتها للاستئناف أمام مجلس شورى الدولة في مهلة ثلاثة أيام من تاريخ تقديم المراجعة أمامه.

وتؤكد المصادر ان الهيئة قامت بكل المهام المنوطة بها في القانون، إلا أن عملها صادفته عقبات مادية وعملية أشارت إليها الهيئة في تقريريها النهائيين لانتخابات عامي 2018 و2022، إلا أن هذه العقبات لم تلقَ حلًّا، ومنها ضرورة وضع نظام مالي وإداري للهيئة، كما لم تتجاوب المراجع مع قرارات الهيئة، ومن مراجعة التقرير النهائي عن انتخابات سنة 2022 يتبيّن أن الهيئة حوّلت على محاكم المطبوعات في بيروت والمناطق 592 إحالة وعلى النيابات العامة 25 إحالة بجرم جزائي فلم تتحرك لا المحاكم ولا النيابات في البتّ بهذه الحالات.

كما تعذّر على الهيئة مراقبة الإعلام والإعلان الانتخابيين خارج لبنان نظرًا لمحدودية وانعدام إمكانيات الهيئة وعدم قدرتها على توظيف مراقبين في الخارج جراء ميزانيتها المتواضعة.

وقد منح القانون الهيئة صلاحيات التدخّل في مجريات أي امر له مشكوك فيه له صلة بالانتخابات، ولكنه جرّدها من أدوات التدخّل.

وإزاء العقبات التي صادفتها، تقدّمت الهيئة بعدة اقتراحات لتذليلها وردّت في التقارير النهائية لهيئات الإشراف على الانتخابات المتعاقبة، ومنها: 

-أن تكون الهيئة مستقلة عن وزارة الداخلية والبلديات، ماليًا وإداريًا وأن تتمتع بصلاحيات تقريرية وتنفيذية وأن يوضع في تصرّفها الجهاز الفنّي والإداري اللازمين وان تُعطى حق تكليف الضابطة العدلية مباشرة وغيرها من الأجهزة بإجراء التحقيقات اللازمة تسهيلًا لأعمالها ودون الركون الى النيابات العامة، وأن تعطى صلاحيات فرض غرامات على المخالفين بدل إحالة المخالفات إلى وزير الداخلية.

-أن تُحدَّد تعويضات رئيس وأعضاء الهيئة بصورة واضحة في مرسوم يُتخذ في مجلس الوزراء.

-تحديد السقف الانتخابي في ضوء ارتفاع الأسعار وتراجع سعر صرف العملة الوطنية.

-إلزام الأحزاب أو الجهات السياسية المشاركة في الانتخابات، فتح حساب مصرفي خاص غير خاضع للسرية المصرفية بمعزل عن فتح المرشحين حساباتهم الخاصة الفردية.

-إلغاء الفقرة 5 من المادة 65 من القانون والتي تسقط الملاحقة الجزائية من الجرائم الانتخابية بمرور الزمن بعد ستة أشهر من تاريخ إعلان النتائج.

وبما أن مجلس النواب حدّد تعديل قانون الانتخاب، فإن من واجبه الاطلاع على تقارير هيئات الإشراف المتعاقبة التي أشرفت على انتخابات السنوات 2009 و2018 و2022 والتي تضمّنت ملاحظات على أعمالها هذه الهيئات واقتراحات تطال قانون الانتخاب رقم 44/2017 المعدّل بالقانون رقم 8 تاريخ 3/11/2021، وذلك تسهيلًا لعمل هيئة الإشراف على الانتخابات وتمكينها من القيام بمهامها بشكل فاعل لكي تؤمّن الأهداف التي من أجلها أنشئت وإلا ستبقى أعمالها نظرية وغير ذي مردود على مجريات العملية الانتخابية، تختم المصادر.