هيثم علي الطبطبائي: كشف الخطة السرية التي كان يقوم بها القائد الأعلى للحزب قبل اغتياله

طوال العام الماضي، قاد هيثم علي الطبطبائي جهود حزب الله لإعادة البناء بعد الحرب، وبحسب صحيفة «وول ستريت جورنال»، فقد عوّض أكثر من 2500 مقاتل واستحدث نظاماً جديداً لمنع انهيار البنية العملياتية بعد عمليات اغتيال كبار القادة.

على مدى العام المنصرم، منذ دخول وقف إطلاق النار في جنوب لبنان حيّز التنفيذ، ركّز القائد العسكري لحزب الله، هيثم علي الطبطبائي، على إعادة بناء هذا التنظيم المصنَّف إرهابياً. 

ووفقاً لتقرير في صحيفة «وول ستريت جورنال» نُشر اليوم الثلاثاء، كانت هذه الجهود أحد الأسباب الرئيسة وراء مقتله في وقت سابق من هذا الأسبوع في غارة جوية إسرائيلية استهدفت منزلاً آمناً في ضاحية بيروت الجنوبية، في عملية أُطلق عليها اسم «بلاك فرايداي». 

يُعتبَر الطبطبائي، الذي وُصف بأنه الرجل الثاني في حزب الله، شخصية شغلت عدّة أدوار داخل التنظيم. وقد شدّد التقرير على أهميته في استمرار رفض حزب الله نزع سلاحه، رغم تفويض حكومي لبناني يقضي بحصر كل السلاح بيد الدولة.

بموجب اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، يُطلَب من لبنان نزع سلاح حزب الله جنوب نهر الليطاني، على أن يُتوقَّع لاحقاً نزع سلاحه في المناطق الواقعة شمال النهر أيضاً. إلا أن حزب الله رفض هذا المطلب، مؤكداً أن سلاحه ضروري من أجل «الدفاع عن سيادة لبنان».

تحدّياً لأمر نزع السلاح وفي ظل استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية في لبنان، يقوم حزب الله بتهريب الأسلحة وتجنيد عناصر جدد. وقد وُصِف الطبطبائي بأنه «رأس» هذه الجهود. وباعتباره واحداً من أرفع القادة الذين بقوا على قيد الحياة بعد سلسلة من الاغتيالات خلال الحرب، كان مسؤولاً عن إدارة العمليات العسكرية لحزب الله.

هيثم علي الطبطبائي والخطة السرية 
قال مسؤولون عرب إن الطبطبائي ركّز على تعزيز قوات حزب الله في جنوب لبنان، وهي بالضبط المنطقة التي يُفترَض بالتنظيم أن ينزع سلاحه فيها. وقد وجّه عناصره للعمل ضمن خلايا صغيرة ولا مركزية لتحسين فرص بقائهم في أي مواجهة مقبلة مع إسرائيل.

تعرّض حزب الله لخسائر فادحة خلال الحرب. فإلى جانب عدد من القادة الكبار – بمن فيهم الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله – قُتل أكثر من 2500 مقاتل مسلّح في المواجهات البرية والقصف الجوي. لكن، وبحسب مسؤولين إسرائيليين وعرب، فقد أثمرت جهود الطبطبائي، إذ نجح حزب الله في إعادة ملء صفوفه بآلاف المجنّدين الجدد.

كانت المهمة الأخيرة للطبطبائي، التي كانت قيد التنفيذ عند مقتله، مرتبطة مباشرة بجهود إعادة البناء في حزب الله. ووفقاً لمسؤولين عرب نقلت عنهم الصحيفة، كان الطبطبائي يطبّق استراتيجية تنظيمية جديدة، يقوم بموجبها كل قائد وحدة بتدريب خليفة معيَّن له. وكان الهدف من ذلك ضمان استمرار الوحدات في العمل حتى في حال تصفية قادتها – وهي نقطة ضعف أساسية كُشِفت خلال الحرب الأخيرة.

قبل عودته إلى لبنان، كان الطبطبائي قد تولّى قيادة قوات النخبة في حزب الله في كلٍّ من سوريا واليمن، بحسب الحكومة الأميركية. وكان دوره جزءاً مما وصفته واشنطن بأنه جهد أوسع من جانب حزب الله لـ«توفير التدريب والعتاد والكوادر دعماً للأنشطة المزعزِعة للاستقرار في مختلف أنحاء المنطقة».
الرد على الاغتيال.. خلافات داخل حزب الله
ورغم أن حزب الله لم يرد حتى الآن عسكرياً على اغتيال الطبطبائي، أفادت مصادر استخبارية إسرائيلية وعربية بأن التنظيم يواصل جهود إعادة البناء. وتشمل هذه الجهود إعادة تزويد نفسه بالصواريخ، والصواريخ المضادة للدروع، وذخائر أخرى. ويُقال إن بعض هذه الأسلحة يصل بحراً أو يُهرَّب براً عبر سوريا، رغم المساعي الإسرائيلية لعرقلة هذه الطرق. ويُعتقَد أيضاً أن الحزب يعيد ترميم أجزاء من ترسانته عبر تصنيع أسلحة محلياً داخل لبنان.

صُنِّف الطبطبائي كـ«إرهابي عالمي مُصنَّف بشكل خاص» (Specially Designed Global Terrorist) من قِبل الولايات المتحدة في 26 تشرين الأول/أكتوبر 2016 بموجب أمر تنفيذي رئاسي. وعرضت وزارة الخارجية الأميركية مكافأة قدرها ٥ ملايين دولار مقابل معلومات عنه. وبحسب حزب الله، كان يبلغ من العمر 57 عاماً عند وفاته، وكان قد انضم إلى التنظيم قبل بلوغه سن الثامنة عشرة. وقد ساعد لاحقاً في تأسيس «قوة الرضوان»، وهي وحدة أوكلت إليها، في جزء من مهامها، مهمة غزو مستوطنات إسرائيلية في الجليل.

اغتيل الطبطبائي إلى جانب أربعة عناصر آخرين من حزب الله، ودُفن يوم الاثنين في الضاحية الجنوبية لبيروت. ولوحِظ غياب الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم عن الجنازة، وهو لم يدلِ بأي تصريح علني منذ الضربة. ومن المتوقَّع أن يلقي خطاباً يوم الجمعة عند السادسة مساءً خلال مهرجان تأبيني تكريماً للطبطبائي والآخرين الذين قُتلوا.

لم يُصدر حزب الله حتى الآن أي تهديدات صريحة بالردّ. وقال مصدر مقرّب من التنظيم لوكالة الصحافة الفرنسية إن الخلافات الداخلية لا تزال قائمة. وأضاف المصدر: «هناك رأيان متعارضان داخل التنظيم، البعض يميل إلى الرد على الاغتيال، في حين يفضّل آخرون ضبط النفس. في الوقت الحالي، تميل القيادة إلى مقاربة دبلوماسية».