المصدر: Kataeb.org
الاثنين 22 نيسان 2024 03:17:03
تم عرض مخصص للصحافة للفيلم الوثائقي "اعترافات الحرب اللبنانية" في سينما "رويال" برج حمود، لمناسبة الثالث عشر من نيسان ذكرى اندلاع الحرب.
وكان من المقرر أن يتم عرض الفيلم بالتعاون مع مؤسسة "سينما لبنان" في 13 تشرين الأول الفائت ولكن الموعد أرجئ بسبب أحداث 7 تشرين الأول في فلسطين، والمفارقة أن هذه الأحداث ضاعفت دلالات هذا الشريط التسجيلي وجعلته أكثر صلة بالواقع الراهن.
الفيلم لا يروي مجريات الحرب، "بل يتناول تكلفتهاالعاطفية والنفسية ويركز على أهمية المسامحة والتوبة"، من خلال شهادات لعدد ممن شاركوا فيها.
ويتضمن الفيلم بين مشاهده الأرشيفية مداخلات لعدد من الذين خاضوا الحرب ميدانيا، من مختلف الأطراف، أو كان أفراد من عائلاتهم من الفاعلين فيها أو من ضحاياها، وهم كوليت طنوس وزياد صعب وإيلي أبي طايع وأسعد الشفتري ونسيم أسعد وبدري أبو دياب وراتب الجيباوي ورشا الأمين ونبيل منذر وربيع المغربي وعلي أبو دهن ووداد حلواني.
واعتبر هؤلاء في بيان مشترك "أن مساهمتهم في الفيلم كانت بمثابة طريقتهم "لإخبار ما حدث" طوال "الرحلة الشخصية" لكل منهم خلال الحرب".
وأوضح أصحاب الشهادات في الشريط بأنهم سعوا من خلاله إلى "التوعية بفظاعة الحروب عموما" وقالوا: "قد قاتلنا جميعا وشاركنا في الحرب إيمانا منا بأننا نحارب في سبيل قضية، ولنجعل لبنان بلدا أفضل، كل على طريقته وانطلاقا مما يحلم به ونظرته الخاصة لوطنه، لكن جل ما فعلناه في الواقع كان تدميرا بلدنا كليا".
واضافوا:"لقد كان الإدلاء بشهاداتنا عن دور كل منا في الحرب الأهلية اللبنانية عاملا مساعدا لنا على الشفاء إلى حد، وعلى طلب المغفرة، ونأمل في أن نساهم بذلك في ثَني الجيل الجديد عن الوقوع في الحرب مجددا، أيا كانت أهمية القضية التي قد تدفعهم إلى ذلك، أو ما يعتقدون أنه يستحق القتال أو القتل من أجله. فالحرب ليست الحل، ولن تؤدي إلا إلى الموت والدمار".
ولاحظوا أن "أحدا لم يتحدث فعليا عن الحرب في لبنان عندما انتهت، ولم تحصل مصالحة حقيقية". وتابعوا قائلين: "في هذا الفيلم، نحاول أن نتحلى بقدر كاف من الشجاعة للاقرار بأنناأخطأنا، ولنعتذر عن الخطأ. ومع أن هذين الاعتراف والاعتذار لن يعيدا وللأسف الحياة إلى من ماتوا، ولن يعيدا بناء الوطن، فهما يصلحان على الأقل قاعدة لحوار صادق، ولعرض مختلف وجهات النظر، عل ذلك يساهم في توفير نقطة التقاء لبناء لبنان الذي نحلم به، من خلال قبول الاختلافات في ما بيننا واحترامها".
وقالت المنتجة المشاركة دنيز جبور الآتية من عالم إنتاج الإعلانات الإذاعية والتلفزيونية: "لقد أثرت الحرب الأهلية اللبنانية في بشدة، فأنا ولدت في العام 1974، وقضيت طفولتي ومراهقتي في خضم الصراع في ما كان يسمى آنذاك بيروت الغربية وشهدت فظاعة الحرب وقسوتها، لكنني شاهدت أيضا جمال وقوة الشعب اللبناني الذي كان يسعى للعيش والبحث عن السعادة تحت القنابل".
واضافت: "أنا أؤمن بقوة الحوار والتواصل، وهذا الفيلم يتيح للمشاركين فيه التحدث وإخبار تجاربهم الشخصية وشرح الأسباب التي دفعتهم إلى خوض هذه الحرب العبثية. أعتقد أن التحدث عنها علاج شاف، وأن رواية التاريخ وما حدث للأجيال المقبلة، سيترك في هذه الأجيال أثرا، عسى ألا تقع في الأخطاء نفسها مرة أخرى".
وروى شريكها في الإنتاج، الأميركي جيروم غاري: "في العام 2011، كنت أتولى إخراج فيلم وثائقي طويل رافقت فيه مجموعة من الشباب الأميركيين في رحلتهم إلى الشرق الأوسط في اعقاب الربيع العربي، وصورنا لمدة أسبوع في لبنان. كان المشاركون في الفيلم مهتمين خصوصا بالحرب الأهلية اللبنانية، لذلك أجرينا مقابلات مع عدد من الأشخاص الذين كانوا على استعداد للتحدث عنها. قال أحد الشباب إن أحدا لا يتحدث عن الحرب الأهلية، لكن التغلب على الأمور وتجاوزها يستلزمان التحدث عنها".
اضاف غاري الذي سبق أن رشحت أعماله السينمائية والتلفزيونية لجوائز "أوسكار" و"إيمي" وعمل في الشرق الأوسط منذ العام 2004: "كانت هذه الملاحظة بمثابة الحافز لإنجاز هذا الفيلم . وجدت أن دعم مخرجين لبنانيين في تصوير فيلم وثائقي عن الآثار المدمرة لهذه الحرب الأهلية، وبالتالي الآثار المدمرة لجميع الحروب، سيكون فكرة جيدة. لدى لبنان أمثولات يعلمنا إياها جميعا".
أما المنتج المنفذ ديفيد ماكيلوب ألذي سبق أن تولى إدارةالبرامج في The History Channel و Nat Geo و A&E، فوصف الفيلم بأنه "صرخة من لبنان إلى البشرية وتحذير مدوٍ مما تخلفه الحروب الأهلية من دمار لا طائل منه". وشدد على أنّ "جراح هذه الحروب لا تندمل أبدا، بل يستمر نزفها عبر الأجيال". وأكد أن "انعدام الثقة والتكاذب والانقسامات التي أشعلت فتيل الحرب الأهلية اللبنانية ، لا تزال تصيب لبنان والعالم اليوم".
ولاحظ مخرج الفيلم شون طومسون أن "لا منتصرين في الحروب الأهلية، بل يصبح الجيران أعداء، وتتحول المدن أنقاضا، وتصير أحلام الآباء المحطمة عبئا على كاهل أبنائهم".
وأضاف طومسون الذي تولى أيضا مهمة التوليف: "سجلنا أكثر من 200 ساعة مقابلات، لم تكن مع الضحايا، بل مع من خاضوا الحرب الذين أقروا بما فعلوه خلالها".
وأضاف "في البداية اعتمدنا تقسيما انطلاقا من انتماء كل منهم، ولكن سرعان ما أدركنا أن هذا التوزيع غير مناسب، إذ أن هؤلاء المقاتلين الذين كانوا سابقا أعداء، يجمعهم اليوم الشعور بالذنب والحقيقة الجارحة والندم والمعاناة والتعاطف، وهم لنا جميعا مثال للحكمة".
ولاحظ أن "المقابلات لم تفض إلى اي تفسير قاطع لما حدث، بل تضاربت الروايات، فاستسلمنا لأصوات المشاركين، وأثمرت شهاداتهم تاريخا عاطفيا ونفسيا ذا وقع بالغ القوة".
واضاف أن "المادة الناتجة عن هذه الشهادات هي التي فرضت طبيعة الفيلم ومدته"، مشيرا إلى أن "نسخا أطول بكثير أعدت لكن الشحنة العاطفية فيها كانت عالية".
وختم : "لم نحاول سرد قصة من فعل ماذا ولمن، فلا اتفاق على سردية واحدة، لكن الفيلم بمثابة توثيق للرحلة العاطفية لمجموعة من المقاتلين، ركزنا فيه على العواقب الوخيمة عاطفيا ونفسيا وجسديا للحرب".