ورقة التفاهُم ماتت ودُفِنَت الى غير رجعة...وحل السّلاح غير الشرعي بكارثة كبرى!

يطرح ما حصل في الشوارع اللّبنانية قبل يومَيْن، مقاربة جديدة وأكثر شمولاً، لملف السّلاح غير الشرعي.

المشهد شديد التشعُّب، انطلاقاً من أن ما حدث بين عين الرمانة - الشياح مثلاً، أظهر أن "ورقة التفاهُم" بين "الوطني الحر" و"حزب الله" ماتت ودُفِنَت الى غير رجعة، وذلك رغم أن ما حصل السبت لم يَكُن بين مناصري "التيار" و"الحزب". ولكن الشّعارات التي تمّ إطلاقها بعد توقيع "ورقة التفاهُم"، حول أنها تضمن عدم حصول تصادُم مسيحي - شيعي، مهما كان نوعه، وعن أنها كسرت الحواجز النفسية، والتي ترافقت مع شعارات أخرى انتشرت في ذلك الوقت أيضاً حول أن "الشيعة وعون متّفقين يطقّوا يموتوا المحسودين"، يبدو اليوم أنها سقطت الى غير رجعة.

فيدرالية؟

ليس سهلاً القول إن مشهد السّلاح في مختلف المناطق التي استُعمِلَ فيها، قد يُدعّم وجهات النّظر التي تتحدّث عن الفيدرالية، انسجاماً مع أن مجتمعاً كاملاً ليس مضطّراً الى أن يكون سجين فئة أو فئات لبنانية، تريد أسره في سجون سياساتها واستراتيجياتها، التي تعاقب الجميع مالياً ومعيشياً. والمؤسف هو أن ما حصل في الشارع، سيظلّ على حاله، لأنه الحقيقة، وذلك مهما علَت الأصوات المُستنكِرَة.

أما الواقع، فهو يتطلّب القيام بفرض القانون، من خلال قيام الدولة اللّبنانية بدخول المنازل، وسَحْب كافّة أنواع الأسلحة منها، وبلا أي خطوط حمراء، وبلا أي غطاء على أحد. فلا خطوط حمراء أمام الجيش اللبناني في الداخل، ولا خطوط حمراء أمام القوى الأمنية الشرعية في الدّاخل أيضاً.

فمن يجمع الأسلحة من المنازل، ولا سيّما أنها تهدّد الأمن القومي للدولة اللبنانية؟ وهل يتمّ ذلك بواسطة القانون؟ ومن يُحاكِم الجهات التي تستنهض شوارعها من حين الى آخر، ومن ثمّ تغسل أيديها منها؟

 تقسيم

أوضح مصدر مُراقِب أن "لا مشكلة لدى "حزب الله" بالمشروع الفيدرالي. وما كلامه المغاير لذلك إلا لرفع السّقف، ومحاولة الحصول على أكبر وأكثر ما يُمكن لمشروعه الإقليمي، في الداخل اللبناني. فهو ليس بعيداً من الأصوات التي نادَت في مراحل سابقة بأن مناطق جبل لبنان هي في الأساس للمسلمين الشيعة تحديداً".

وأشار في حديث الى وكالة "أخبار اليوم" الى أن "البراغماتية لدى "الحزب" تجعله يقبل بذلك، وأن يتصرّف بموجبه، نظراً الى حصول متغيّرات سياسية عرقلت المشروع العام الذي كان يريد للبنان أن يكون جزءاً منه، وهو أمّة تمتدّ من إيران وصولاً الى البحر المتوسط. فما حصل ويحصل في سوريا، وقطع الطريق على هذا الإمتداد والمشروع، تدفع "حزب الله" الى القبول ببديل، وهو نوع من الفيدرالية أو من التقسيم المناطقي، يتمتّع من خلاله باستقلالية معينة، لا سيّما أنه غير قادر على تطبيق استراتيجياته وشرائعه على كلّ اللّبنانيين".

وقال:"قد نشهد أن "حزب الله" سيرفع حدّة خطابه في المستقبل أكثر. وهو بذلك يشارِك في دفع اللّبنانيين الى المطالبة بنوع من التقسيم. واستخدام التأجيج في الشوارع، يقع في الخانة ذاتها أيضاً".

Plan B

وردّاً على سؤال حول أن ما حصل يوم السبت الماضي على خطّ عين الرمانة - الشياح، يختلف عمّا جرى على كلّ المحاور الأخرى، أجاب المصدر:"ورقة التفاهم مع "التيار الوطني" أتت في الأساس منسجمة مع منطق "تحالُف الأقليات"، الذي ليس خياراً أساسياً لدى "الحزب"، بل إنه الـ Plan B، عندما يفشل في ما هو أوسع. ولذلك، ليس غريباً أن يكون التفاهُم بين الطرفَيْن فشل في كسر الحواجز النفسيّة".

وقال:"الحقيقة بين "التيار" و"الحزب" ترتبط بالمعطيات التي تتعلّق بمفهوم الرّبح والخسارة. وكلّ طرف منهما يبحث عن الميزان الخاصّ به".

وأضاف:"لو كانت المبادىء هي التي تتحكّم باتّفاقهما، لكنّا رأينا أن "التيار الوطني" استمرّ بخطابه السابق الذي كان يشدّد فيه على ضرورة عدم العمالة لسوريا أو لإيران. ومن هنا، فإن ميزان الرّبح والخسارة بينهما سينحصر لاحقاً بالعقوبات، وبمفاعيل "قانون قيصر"، كما بمرحلة تقرير مصير المنطقة".

وختم:"الحلّ الكامل للسّلاح غير الشرعي ينتظر وقوع كارثة كبرى، تؤدّي الى مزيد من المآسي، والى إنهاك القوى الموجودة على الأرض كلّها".